الامام علي للخليفة عمر بن الخطاب: ليس بعدك مرجع

الامام علي
في كتاب نهج البلاغة للامام علي بن ابي طالب عليه السلام والذي جمعه الشريف الرضي هذا النص( صفحة 192 من الطبعة التي حققها الشيخ صبحي الصالح) : من كلام له عليه السلام وقد شاوره الخليفة عمر بن الخطاب في الخروج الى غزو الروم:

… إنك متى تسير الى هذا العدو بنفسك، فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة(اي عاصمة يلجؤون اليها) دون اقصى بلادهم. ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلا محربا ، واحفز معه اهل البلاء والنصيحة، فإن اظهر الله فذاك ما تحب، وان تكن الاخرى، كنت ردا( اي ملجأ) للناس ومثابة (مرجع) للمسلمين.(انتهى النص).

هذا النص واضح وبيّن ، ففيه يطلب الامام علي من الخليفة عمر بن الخطاب عدم الخروج للقتال ضد الروم لان الناس والمسلمين بحاجة اليه، وهذا تأكيد من الامام واعتراف منه بدور الخليفة عمر رغم كل الذي حصل بشأن الخلافة واقتناع الامام باحقيته بالخلافة.

وهذا النص اضافة للنصوص الاخرى وكل ما قام به الامام خلال فترة الخلفاء الثلاثة ابو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان تؤكد انه كان يحرص على حمايتهم وحماية دورهم في ادارة شؤون الناس والمسلمين وتجاوزه لكل الخلافات والاشكالات التي حصلت رغم قناعته بانه الاحق بالخلافة .

اذن نحن امام تجربة اسلامية مهمة في العلاقة بين اصحاب الرسول محمد (ص) وبين الامام علي وبقية الخلفاء ، وللاسف فان هذه التجربة لا يتم تسليط الضوء عليها عند الحديث عن تلك المرحلة التاريخية بل يتم التركيز على نقاط الخلاف والمشاكل التي حصلت فقط.

فاذا كان الامام علي ينصح الخليفة عمر بالبقاء في البلاد وعدم الذهاب شخصيا للقتال فان ذلك يعني انه حريص عليه وعلى وجوده وعلى دوره المرجعي كما جاء في الخطبة، فلماذا لا زلنا الى اليوم نتحدث عن ذلك الخلاف التاريخي ولماذا لا ننطلق لمعالجة مشاكل الحاضر والمستقبل بالاتفاق على رؤية اسلامية موحدة تؤسس لمنطق جديد لادارة الخلافات والنزاعات وتنطلق من مصلحة الناس عامة والمسلمين خاصة. طبعا قد يكون مهما دراسة التاريخ والاستفادة من اخطائه والتأسيس على ذلك لتقديم رؤية جديدة لادارة شؤون الامة اليوم، لكن لماذا نظل نغرق في هذا التاريخ لنبقي هذا الخلاف التاريخي الى اليوم وتظل الصراعات قائمة بين المسلمين دون اية فائدة.

هذه محاولة بسيطة لتقديم رؤية جديدة انطلاقا من تجربة الامام علي عليه السلام ونحن نحتفل في ذكرى ولادته ، واتمنى ان تشكل مادة للنقاش والحوار الجاد والعميق وان لا تتحول ايضا الى مادة للصراعات والنزاعات والله على ما اقول شهيد.

قاسم قصير – موقع لبنان الجديد

السابق
جنبلاط: نصحت الحريري بالتمديد للحود من أجل سلامته الجسدية
التالي
قهوجي يستقبل حبيش ورئيس مكتب التعاون الدفاعي الأميركي