لهذه الأسباب قد تتأجّل «حرب القلمون»

القلمون
إن تأجيل معركة القلمون بات أكثر من ضروري، ولم تعد مسألة محسومة في ظل إدارة مأزومة لنظام سوريا اﻷسد وحلفائه. فالذي يريد الحرب ﻻ يعلنها سلفا، وسر قوة أي حرب تكمن في عنصر المفاجأة وليس في توقيت إعلانها. هذه أسباب تأجيل معركة القلمون إلى أجل غير مسمى...

المتتبع لتصريحات المعنيين بحرب القلمون المفترضة يلحظ تلميحات ﻻمعة للرئيس نبيه بري تتمايز عن ترويج الغاطسين في الحرب السورية من الشيعة. هؤﻻء يروجون أن الحرب ستكون بالتنسيق مع جيش سوريا اﻷسد وداخل اﻷراضي السورية ويقتصر دور الجيش اللبناني على الدعم والقبض على العناصر السورية الفارة من المعركة. بينما يرى بري أن الحرب داخل اﻷراضي اللبنانية ﻻستعادة 600 كلم مربع تحتلها ميليشيا سورية معارضة وتحتجز فيها جنودا لبنانيين. وهذا التلميح يأخذ المراقب إلى أسباب التأجيل المستمر منذ 15 نيسان الماضي وهي كثيرة.
أخطر هذه اﻷسباب الواقعية والتي حتمت التأجيل اﻷول هو عاصفة الحزم، والتي طالت صواريخ طائراتها أرض المعركة دون ضجيج إيراني أو روسي أو حتى سوري أسدي. والذي عزز هذا اﻹحتمال المفتوح هو التلاقي القطري – السعودي – المصري. وإمكانية تكرار اللعبة في القلمون واردة بقوة. واللافت أن التحالف الدولي العربي المنتشر والمراقب سماء سورية غض الطرف وسكت. وهذا توجه يوافق تركيا التي تبين أنها تدعم وتسلح وبالتعاون والتنسيق مع الشيطان اﻷكبر. ومن هنا يفهم تصريح الرئيس بري على أنه نصيحة بعدم خوض معركة إﻻ على اﻷراضي اللبنانية لمشروعيتها وتأييدها داخليا.
ما تقدم يعني ضوءا أخضر دوليا إقليميا ﻻ يسمح لطرف فاعل محسوب على شيعة لبنان بالمزيد من الغطس والتورط غير المحسوب النتائج. وترى مصادر عسكرية أن استمرار حرب القلمون العتيدة إذا ما تعدت الشهر ونصف الشهر ستتحول حرب استنزاف. وسوريا اﻷسد وداعموها بغنى عنها في ظل ضغوطات وتراجعات عسكرية أسدية على أكثر من جبهة داخلية. وإن توريط الجيش اللبناني في هكذا حرب مفتوحة سيرمي لبنان برمته في أتونها المفتوح على احتماﻻت ﻻ تحمد عقباها. وهو ما يجعل لبنان شريكا رسميا ويجر عليه مواجهات وتشنجات تحدث تشنجات داخلية. وﻻ تكون في مصلحة أحد ﻻ عسكريا وﻻ ارباكات مذهبية تهدد تركيبته برمتها. ناهيك عن تفاعلات العسكريين المخطوفين. وإمكانية وقوع غيرهم في اﻷسر. ولن يكون ذلك في صالح الفريق الشيعي المتورط. وﻻ لصالح مستقبله ومسؤولياته المذهبية المتوترة داخل المذهب نفسه.
طبيعة اﻹمتداد الطبيعي للقلمون ووعورتها لن تجعل العواقب سليمة. وجبهة النصرة أعلنت أن اﻹستعدادات للمواجهة باتت جاهزة. وهناك عامل آخر يؤخر اﻹستحقاق هو التطورات اﻷمنية في اليمن بخاصة والخليج بعامة جعلت اليمن أولوية استراتيجية إيرانية كما أعلن نائب رئيس البرلمان اﻹيراني وأن أمن تهران من أمن اليمن. والحوار المدعوم دوليا يدق أبواب الرياض واﻹيرانيون مدعوون. والوقت بات مداهما ولم تعد تطورات سوريا اﻷسد في أولويات اﻹهتمام اﻹيراني. وشوكة داعش مشرعة في اﻷنبار والرمادي. وهي تقترب على طول حدود أمبراطورية اﻹيمان اﻹلهي.
وليس بعيدا من إيران – العراق. اعتراف اﻷخير بدور تركي أساسي في تحرير الموصل. وهو نوع من الغزل اﻹيراني غير المباشر ﻻسترضاء تركيا. كل هذه العوامل تجعل تأجيل حرب القلمون مسألة واقعية مقبولة. بانتظار مفاعيل استحقاق إيراني سياسي داهم ﻻتفاق مع الشيطان اﻷكبر يتعدى النووي إلى استراتيجيات اﻹقليم عربيا وخليجيا. وتوزيع جوائز الترضية. وما كتب قد كتب. بحبر شيطاني – إلهي ولو على مضض. والمفاجآت لم تعد مسألة محسومة في ظل إدارة مأزومة لنظام سوريا اﻷسد وحلفائه. ولذلك ربما بات تأجيل حرب القلمون أكثر من ضروري. فالذي يريد الحرب ﻻ يعلنها سلفا. وسر قوة أي حرب تكمن في عنصر المفاجأة وليس في توقيت إعلانها.

السابق
جبهة النصرة تنشر صواريخها على قمم القلمون
التالي
الجيش يدهم احياء باب التبانة ويوقف قيادي بداعش