الممانعة بدأت تأكل أبناءها

رستم غزالة
الضابط السوري رستم غزالي لم يكن أول من مات في ظروف أقل ما يقال عنها إنها غير طبيعية ولا كان موته ناتجا عن صراع مع المرض الخبيث، وعلى ما هو ظاهر لن يكون الأخير على لائحة الأموات،خصوصا أنّ الفوضى تعم الشرق واليباس صفة حكوماته وحكامه والنار أسرع ما تكون في الهشيم.

لطالما تساءلنا وبالنظر إلى عدد الوفيات المتصلة أسماؤها بقضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن إمكانية وجود محكمة موازية لمحكمة لايدسندام الراكضة في إحدى ضواحي لاهاي تقوم بمحاكمة لا تخضع لتعقيدات وإجتهادات المحكمة الأنيقة الزرقاء، ولا هي بحاجة لشهودها الكثر الآتين من كل الأقطار، ولا لنباهة وخبرة قضاتها الموسومين بالأخيار، ولا إلى تراكم الأوراق، ولا حتى لهذا المقدار الكبير من الحبر المكتوب به كلمات المطالعات. لكنها وعلى ما يبدو أسرع وأنجع وقد تسهم بشكل أو بآخر في تسهيل الطريق إلى لاهاي وبإصدار قرار الإتهام بحق أشخاص لم يعودوا موجودين أو أنهم باتوا يرون في المحكمة أو هم يدركون أن الحكم عليهم أو ربما إتهامهم والقبض عليهم وحجزهم ضمانة لبقائهم على قيد الحياة.

أما تفسير ما حدث ويحدث وسيحدث من موت لبعض الأشخاص هم بالأصل في دائرة الضوء والإتهام بمقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق وتصويره على أنه لعنة متخيلة تلاحق المتورطين في الجريمة كما في القصص والروايات وتصويرها على أنها قدرية أوجبرية نازلة أدت إلى إختفائهم من الوجود أوأن وابل من الدعوات الصاعدة هي من فعلت فعلها فأمطرتهم بكم من الأمراض المستحيلة العلاج فيها مبالغة بحاجة إلى إثبات.

القبلية لمن لا يعرفها لها من الطبائع والطباع ما لا يفقهه الكثير من طارئين على الزعامة ممن يحسبون أنفسهم زعماء، البيعة فيها من الخصال، الأوامر مطاعة من الأتباع ولها الأبدان والعقول تستجيب والنفوس ترتاح، ملوكهم حراس وأعيانهم شدائد وعرب أقحاح، دينهم أخلاق ولديهم في البلاغة ورجاحة العقل ما كتبته عنهم الكثير من الروايات وتناقلته الألسنة على أنه أخبار، الدين أس الملك والملك حارسه وهم فيه توأمان، قولهم وإيمانهم أن العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم، وعدلهم أن من إعتدى عليهم عليهم أن يعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليهم به، وأن جزاء السيئة سيئة مثلها، وحكمهم أن بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين. تراثهم قيم وأعراف وعادات وتاريخهم شهامة طبعتها قساوة الصحراء وحرارتها، الحزم من الصفات والثأر على ما قرأت من الخصال واللعنة عندهم تلاحق القاتل وتدركه ولوكان في بروج مشيدة وقصور محصنة.

أما وبالعودة إلى الممانعة ذات الرسالة الخالدة فإن القهر عند أتباعها نابع من تعنت حكامها وجرهم إياهم إلى ما لا يحمد عقباه، يسوقونهم بإجتهاد من موت إلى موت، يسرعون عيشهم، يقضون على شبابهم، ييتمون أبناءهم، نساءهم ثكلى، يقهرون شيوخهم، تفسد أرضهم ويلغي دور حكماءهم، يطغى السواد على لباسهم، تتغرب أفكار فتيانهم، تطغى عليها أحلام منعت عنهم بعد أن رسخت لديهم قناعة مفادها أن تركها أسهل من تحقيقها. هي الممانعة كما الديكتاتورية تقتل من حيث تدري أو لا تدري عن قصد أومن دونه أبناءها.

السابق
هل تتدرّب «النصرة» في ملالة تابعة للجيش؟
التالي
جريح بطعنة سكين في الجميجمة