هل لا زال بامكان ايران انقاذ نظام الاسد؟

جمانة نمور

هل نحن الآن فعلا بصدد رؤية علامات “بداية النهاية” للنظام السوري، كما توقع السفير الاميركي السابق في سوريا روبرت فورد؟ وهو لم يستبعد حدوث انهيار في ذاك النظام، بعد ما اشار اليه من “انشقاقات وانتكاسات متتالية في ساحة المعركة”.

مناسبة الحديث عن ذلك، التقدم الاستراتيجي الذي حققته قوات المعارضة السورية على الأرض. بدءا من سيطرتها على ادلب قبل فترة، وصولا الى سيطرتها على معسكر قرميد من جهة، وجسر الشغور من جهة أخرى، مع تقدمها الى الغاب. الأمر الذي أدى الى تقطع أوصال القوات النظامية الأسدية، واضطرارها الى سلوك طرق وعرة من أجل الحصول على الدعم اللوجستي.

هذا التقدم على الأرض يضع قوات الاسد في مأزق آخر، ألا وهو امتداد الرقعة الجغرافية لقوات المعارضة، واعطائها المزيد من حرية الحركة. في المقابل، لم يعد بالامكان توقع من أين ستأتي الهجمة المقبلة، ما سيدفع بالجيش السوري وحلفائه الى تشتيت دفاعاتهم على أكثر من جبهة.

العديد من العوامل أدت الى تقدم قوات المعارضة، أهمها النجاح في التنسيق، والحفاظ على السرية بين الفصائل المختلفة، وتوحيد الجهود خلف تحقيق هدف عسكري استراتيجي واحد. أَضف الى ذلك، أنه مع كل تقدم سابق، كان يتم الاستيلاء على أسلحة وذخائر للنظام، عززت القدرات العسكرية للمقاتلين الذين طالما اشتكوا من الدعم الذي “يأتيهم بالقطارة”.

ولا يمكن اغفال تزامن توقيت تعاون تلك الفصائل، مع التعاون الحاصل هذه الأيام بين ما يمكن أن يُسمى برعاتها أو داعميها الاقليميين، وبالتحديد تركيا والسعودية وقطر، لمواجهة ما يُصطلح على تسميته بتمدد النفوذ الايراني. وقد كان ملفتا أن تشتكي الخارجية السورية أمام المحافل الدولية، من ما أسمته بالعدوان التركي المباشر، بعد الانتصارات الميدانية للمعارضة.

إذا ما أضفنا الى تلك التطورات الميدانية وتراجع قوات الاسد، الانباء المتداولة عن خلافات سياسية داخل صفوف النظام وصلت حد التصفيات الجسدية، نستنتج أن النظام يمر في واحد من أصعب مآزقه منذ انطلاق الثورة السورية. ولعل هذا أحد الاسباب التي استدعت زيارة وزير الدفاع السوري الى طهران، حيث التقى نظيره الايراني، وكان بحث في “التعاون من اجل مواجهة الارهاب، والتحديات المشتركة”.

الدعم الايراني للأسد ونظامه ليس خافيا على أحد منذ البداية، وقد تم تتويجه بدعم مالي وعسكري معلن، علاوة على المساندة بالمقاتلين ( حزب الله ). لكن الامور قد تطورت مؤخرا الى درجة تستدعي المزيد من الانخراط في الحرب الأهلية السورية. ويرى الباحث يزيد صايغ، أن النظام تراجع الى درجة لم يعد بامكان روسيا وايران معها أن تقدم له أكثر مما قدمت، سوى “تدخل عسكري كبير”. فهل يمكن أن تصل الامور الى هذا الحد؟

المأزق السوري في هذه الحال، يمكن أن يضع الداعم الإيراني أيضا في مأزق. لقد استثمرت طهران الكثير في “الورقة السورية”، الى درجة يصبح التخلي عنها شبه مستحيل. لقد راهنت الجمهورية الاسلامية على نظام الأسد، ونجحت في المساعدة على بقائه. وبقاء الأسد، قد يكون ساعد على استمرار دوران عجلة الحوار بين طهران والغرب. اذ يرى مراقبون، أن تراجع أوباما عن خطوطه الحمر في سوريا، كان ثمنا هدف الى الحفاظ على زخم ذاك الحوار. ومن هنا، يصبح سقوط الاسد قبل استخدام طهران للورقة السورية في التفاوض حول دورها وموقعها الاقليمي، خسارة ستقوم ايران بكل ما يمكن لتفاديها.

وأبعد من ذلك، يجب عدم اغفال ان سوريا هي خط الامداد لحزب الله، الوليد الشرعي لايران. واحتمال وجود نظام غير حليف في دمشق، يضعف ايران ليس في سوريا فحسب، بل في لبنان ايضا. ولبنان هو البلد الذي سجلت فيه إيران انتصارا حقيقيا، وتمددا في النفوذ، من خلال هيمنة حلفائها عسكريا وسياسيا. من هنا نستنتج أن إيران قد لا تكون في وارد التخلي عن الأسد، في القريب العاجل على الأقل، حتى ولو كلفها الأمر المزيد من “التضحيات”. اذ ما زال أمامها المراهنة على صمود النظام وقتا كافيا، يتيح لها إحراز مكاسب على طاولة الحوار.

وفي النهاية يبقى التفاوض مرحلة لا بد منها في أي صراع، لكن السؤال المطروح هنا، هل يكون التفاوض مع الأسد أم بوجود رأسه على الطاولة؟

السابق
قوى 14 آذار تدعو الى اعتصام نيابي في البرلمان حتى انتخاب رئيس
التالي
عادل ومحمد عاشا لحظات رعب طويلة بين النيران: لم ينقذهما أحد!