الحريري من واشنطن:اولويتي حماية لبنان والاستقرار فيه ليس مستداما ما لم تعزز مؤسسات الدولة

سعد الحريري

تحدث الرئيس سعد الحريري اليوم في جلسة حوار عقدت في ويلسون سنتر في واشنطن بحضور رئيسة المركز جاين هارمين ورؤساء مؤسسات دراسات ومفكرين وقادة رأي ورؤساء تحرير صحف ومجلات وقييمين على المركز، وسفير لبنان في الولايات المتحدة الاميركية انطوان شديد والنائبين السابقين غطاس خوري وباسم السبع ونادر الحريري والمستشارة آمال مدللي.

هارمين
استهل الحوار بكلمة لرئيسة المركز رحبت فيها بالرئيس الحريري وقالت:”انه لمن دواعي سروري ان ارحب بالرئيس سعد الحريري اليوم في ويلسون سنتر، وانني اشكر له كرمه الكبير ازاء المركز. كما ارحب بالمشاركين معنا هنا اليوم والذين يشكلون دعما كبيرا لنا.

لقد سنحت لي الفرصة ان التقي الرئيس الحريري مرات عدة في لبنان وواشنطن عندما كنت عضوا في الكونغرس، كما كنت في بيروت بعد بضعة اسابيع من الاغتيال المأسوي الذي اودى بحياة والده، وزرت الضريح والمكان الذي حصل فيه الانفجار المريع الذي ضرب احدى اجمل المناطق في واحدة من اجمل المدن على الكرة الارضية.

لقد تعرضت بيروت لاجتياحات واعتداءات ارهابية عدة ومحاولات متكررة لاعتداءات اخرى كان من بينها اهداف اميركية يتذكرها الجميع ومن بينها التفجير الذي طال السفارة الاميركية، مما شكل حقبة عنف تاريخية مأسوية سوداء بالنسبة لبلدينا. فلبنان امة لها تاريخ عريق من التعددية، وحكومته ليست كمثيلاتها في المنطقة، فهي تعكس تعددية شعبها، وقد قاد الرئيس الحريري بلده خلال العديد من الاضطرابات التي شهدها، وهو اليوم هنا ليقدم لنا رؤيته حول بلده والدول المجاورة.وخلال زيارته هذه الى واشنطن التقى نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري ومستشارة الامن القومي سوزان رايس، ونحن نتطلع الى سماع رأيه حول المواضيع التي ستثار امام هذه النخبة.

الحريري
وقال الحريري: “بداية اود أن أشكر الرئيسة جين هارمان لاستضافتها لي في مركز ويلسون اليوم.وأود أيضا أن أشكر الدكتور هالي اسفندياري، مدير برنامج الشرق الأوسط لاستضافة هذا الحدث.
منذ زيارتي الاخيرة واشنطن في يناير كانون الثاني عام 2011، شهدنا سلسلة من الثورات العربية وثلاث حروب إقليمية ما تزال مستمرة، واغتيال اثنين من أصدقائي المقربين والمساعدين، وسام الحسن ومحمد شطح، كما شهدنا ارتفاعا غير مسبوق للعمليات الإرهابية وتوسعا سريعا لنفوذ إيران في المنطقة.

تواجه المنطقة العربية اليوم تحديات كبرى، تتغذى من بعضها البعض.فمن ناحية تمارس ايران سياستها التوسعية من خلال تدخلها في البحرين واليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين على سبيل المثال، ومن جهة أخرى، يقوم متطرفون وجهاديون يزعمون انهم يقاتلون باسم الاسلام بتهديد تدمير نسيج هذه المجتمعات”.

اضاف:”هذان التهديدان من الواضح انهما يتغذيان من بعضهما البعض فقد قام كل من حلفاء إيران وحكومة المالكي السابقة في العراق والأسد في سوريا بالتنسيق بينهم للافراج عن الاف من عناصر تنظيم القاعدة، والتي أنشأت في وقت لاحق ما يعرف الآن باسم داعش او تنظيم الدولة الاسلامية، فيما يقوم جيش النظام بتسليمهم كل النفط الذي ينتج في محافظة الرقة، والتي اصبحت اليوم تحت سيطرتهم.

بالطبع لقد عمل المالكي والأسد ومن ورائهما إيران على زيادة تهديد الإرهاب الجهادي، على أمل أن يتم الاعتراف بهم كدرع بمواجهة هذا التطرف. ولا ينبغي على أحد أن يقع في هذا الفخ.يعتمد التطرف الجهادي في المقابل على الغضب العربي الكبير والإحباط حيال التوسع والتدخل الإيراني، متهما الحكومات العربية بالتقاعس عن العمل من اجل كسب التعاطف والتأييد.

لذلك من الضروري أن تكون المعركة الجارية ضد داعش مصحوبة بعمل واضح وادراك أن العرب لن يتسامحوا بعد الان مع السلوك الإيراني المهيمن، ولقد حملت عملية “عاصفة الحزم” هذه الرسالة الدقيقة”.

وتابع:”من المهم أن نلاحظ أن كلا من إيران وداعش استغلا القضية الفلسطينية، وخصوصااتهام العرب بأن اسلوب عملهم التقليدي لم يتمكن من حل القضية الفلسطينية، كذريعة لهجماتهم ضد المجتمع العربي والحكومات. ويبقى من الضروري حرمانهم من هذه الحجة من خلال وضع حد لمعاناة الفلسطينيين من خلال حل الدولتين”.

وقال “في لبنان نواجه العديد من التحديات، النابعة أساسا من حقيقة وجودنا على خطوط تماس – كما يقول البعض – من الحضارات والأديان المدارس الفكرية والمذاهب والأيديولوجيات والغرور والتناقضات. ولهذا السبب تتجلى خلافات المنطقة في كثير من الأحيان في بلدي لبنان. تظل أولويتي الاساسية والوحيدة حماية لبنان.أسمع الكثير من الاشخاص في المجتمع الدولي يكررون غالبا في كثير من الأحيان ان لبنان ما يزال في وضع جيد على الرغم من كل ما يجري في المنطقة.

على الأقل فهو يشهد بعض الاستقرار النسبي، لكن هذا الاستقرار ليس مستداما ما لم يتم تعزيز مؤسسات الدولة وايجاد حل للحرب في سوريا”.

وقا:”ان للبنان اهمية كبيرة، أولا، لأن الشعب اللبناني عانى من الحرب الاهلية لفترة طويلة وقبل وقت طويل من اندلاع الصراعات الإقليمية الحالية. وبالتالي، فإن للبنانيين خبرة في إنهاء الحرب الأهلية والمصالحة من خلال اتفاق الطائف الذي حمى الأقليات وإعادة الإعمار وإعادة بناء مؤسسات الدولة. لبنان هو النموذج الذي يجب أن يحتذى في المنطقة.

نحن في تيار المستقبل نقوم بكل ما في وسعنا. لقد قلنا بكل وضوح أننا لن نسمح أبداً بعودة الحرب الأهلية إلى بلدنا. ولن نلجأ أبدا إلى العنف مهما كان الامر، على الرغم من أنه قد تمت مواجهتنا بالعنف والاغتيالات. وقد وقفنا بكل وضوح إلى جانب العدالة والاعتدال ومؤسسات الدولة في مكافحة الإرهاب والتطرف.ولكن في حال استمرار الوضع الراهن فإنه سيكون من الصعب على نحو متزايد منع ألسنة اللهب في المنطقة من إشعال حرب أهلية في لبنان.

ويمكن منع هذا الأمر فقط في حال قامت المجموعات اللبنانية المختلفة باتباع وتنفيذ مجموعة واضحة من الخطوات ، وفي موازاة ذلك يلتزم المجتمع الدولي إنهاء الحرب في سوريا.

أولا: نحن بحاجة إلى انتخاب رئيس، فالفراغ في سدة الرئاسة أمر خطير جدا ويسهم في شل جميع مؤسسات الدولة. والشعور بأن الامور تسير بشكل طبيعي بدون رئيس للجمهورية هو لامر خطير للغاية.

ثانيا – علينا التأكيد والالتزام بإعلان بعبدا الذي يدعو إلى حياد لبنان عن الصراع السوري.

ثالثا- علينا محاربة كل أنواع التطرف سواء التطرف السني أو الشيعي، وللقيام بذلك يجب أن يكون هنالك سياسة دولية واضحة لدعم أصوات الاعتدال في المنطقة. إن بشار الأسد ليس صوت الإعتدال،إنه المصنع الذي ينتج التطرف.

لا يوجد أكثر من 40 ألف مقاتل من الدولة الإسلامية وجبهة النصرة يقاتلون في سوريا بما في ذلك الآلاف من كل أنحاء العالم مقابل أكثر من 20 مليون سوري سني معتدل. فلنقم بعملية حسابية بسيطة. ادعموا التيار الرئيسي وهم بالتالي سيتخلصون بانفسهم من الإرهابيين.

للأسف إن مشاركة حزب الله في الدفاع عن ديكتاتورية الأسد في سوريا قد أدت إلى استيراد الإرهاب إلى لبنان. ونحن نرى أنه يجب على الأجهزة الأمنية اللبنانية، تحديدا الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، أن تحارب الإرهاب- ولهذا السبب أن أقوم بكل ما في وسعي لتأمين الدعم والمساعدة لهذه الأجهزة.

حاليا، نحن في حوار مع حزب الله بهدف تنفيس الاحتقان في البلد. إلا أنه في المسائل الأساسية، مثل انسحاب مقاتلي حزب الله من سوريا وانتخاب رئيس للبنان، فإن حزب الله لن يستمع إلا إلى إيران.

رابعا- نحن بحاجة إلى مقاربة مسألة اللاجئين السوريين في لبنان. فعندما يوجد 100 ألف لاجئ في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 4 ملايين، فهذا يعني أن هناك مشكلة لاجئين، ولكن عندما يتواجد فيه 1.2 مليون لاجئ عندها تصبح أزمة وطنية. ونحن في لبنان نواجه أزمة وطنية للاجئين السوريين، وفي هذا الاطار علينا معالجة جذور هذه الأزمة! إن إنهاء الحرب في سوريا هي الوسيلة الوحيدة للتخفيف من ضرر اللاجئين على لبنان. وإزالة بشار الأسد هي الطريقة الوحيدة لاستعادة الاستقرار في سوريا. وأنا أعتقد أن هذا سيحصل عاجلا وليس آجلا. ولكن حتى ذلك الحين، فالتخفيف من ضرر ذلك هو بالتأكيد بين أيدي المجتمع الدولي.

كل واحد منا لدية وجهة نظر خاصة بشأن الاتفاق مع إيران، ولكن أمر وحيد تجدر الإشارة اليه والتنويه به هو أننا قد رأينا للمرة الأولى، مقاربة جماعية عالمية حيال مسألة سياسية تهدد المنطقة. وقد رأينا كيف أن الولايات المتحدة قد لعبت دورها كقائد عالمي. وهذا الأمر سيبقى ناقصا ما لم يتم اتباع المقاربة نفسها والعمل القيادي في حل الأزمة السورية”.

السابق
جورج عدوان: الرئيس بري لن يعقد الجلسة لأنه مصر على الميثاقية وهو يعرف أن الميثاقية اليوم غير مؤمنة في ظل المواقف المعروفة
التالي
هذا ما قالته سلمى حايك عن زيارتها للبنان وهذه هديتها للبنانيين