السيّد الأمين: للأهل واجب التربيّة وفرض الحجاب لا يتم بالقوّة

السيد محمد حسن الامين
يدور جدل واسع هذه الأيام حول "حجاب المرأة"، خاصة بعد أن دعا أحد الإعلاميين المصريين لمظاهرة مليونية "نزع الحجاب" وقد أثارت هذه الدعوة انقساما ونقاشا مستفيضا في وسائل الإعلام كما في مواقع التواصل الاجتماعي المتواجدة في بيئتنا العربية المسلمة بين مؤيّدين ومعارضين لهذه الدعوة، وهذا ما حدا بنا الى طرح هذه المسألة الخلافية المستجدّة على سماحة العلامة السيّد محمد حسن الأمين، فأدلى برأيه الفقهي وبشروحاته المتميّزة المطعّمة بالمنطق المعاصر كما عوّدنا، كي يفهم جمهور المسلمين مسألة الحجاب من جميع جهاتها.

بداية يعيد المفكّر الإسلامي السيّد محمد حسن الأمين تعريف “مصطلح الحجاب” فيقول: “بالدرجة الأولى إن مصطلح الحجاب ليس هو المصطلح الدقيق الذي يقصده الناس عندما يتكلمون عن ستر المراة، وإنما التسمية الصحيحة لما يعنونه بالحجاب هو “الستر” وليس “الحجاب“. وفي القرآن: “ولا تكلموهن إلا من وراء حجاب”، وذلك عن نساء الرسول(ص) والمقصود هنا أن يكون هناك حاجز مادي بين الرجل والمرأة عبارة عن حاجب ، أما ستر الرأس والجسد فهو المسألة الشرعية التي يجمع الفقهاء المسلمون من جميع المذاهب على وجوبها، وإذا كان هنالك من يخالف هذا الإجماع فهو نادر ولا يوجد من يعقّد به”.
وعن طبيعة الحجاب والاختلاف حول شكله يقول السيّد الأمين: “نعم يوجد خلاف بين بعض الفقهاء على هذا الستر من حيث شموله للوجه أو عدم شموله،مع العلم أن المرأة لا يجوز لها ستر وجهها أثناء الطواف في الحج، مما يعني بطريقة أولى أنها غير مأمورة بستر وجهها”.

الحجاب في ايران
وفي إجابته عن سؤال في ما هو الواجب تطبيقه في مسألة الحجاب يجيب السيّد:” نحن نفترض ان ما هو واجب شرعي كهذه المسألة التي يتكلم عليها ترجع إلى الموقف من كل مظان الحلال والحرام في الشريعة الإسلامية وإلى أي حدّ يجب على المجتمع أن يمنع بعض الممارسات المحرّمة ويلزم الناس لبعض الممارسات الواجبة، هذا أمر يعود بتقديرنا إلى صلاحيات يمكن أن يمنحها المجتمع للسلطة كأن يطالب المجتمع بسنّ قوانين تمنع السفور فيكون إذ ذاك أمراً قانونياً يشبه كل القوانين الأخرى التي تشرعها السلطة بتكليف من المجتمع، ولو أنّ المجتمع لم يلزم السلطة بمثل هذه القوانين، بمعنى انه ترك الحرية لأراد المجتمع في هذه المسألة أو في غيرها من المسائل التي تتعلق بما يسمى الحريات الشخصية، حينئذ، تصبح الدعوة إلى فرض الستر أو إلى نزع هذا الستر من المسائل الخلافية في المجتمع والتي يترك فيها الأمر للأفراد كخيار فردي، فيصبح من حق من يطالبون أو يشجعون على ارتداء الحجاب أن يقوموا بكل أشكال الدعوة والدعاية لإداء هذا الواجب دون فرضه بالقوة، كما يصبح من حق دعاة السفور من الناحية القانونية أن يمارسوا دورهم في التعبير عن رأيهم بتفضيل سفور المرأة دون إلزام أيضاً. وبهذا المعنى”.
وفي نهاية حديثه يؤكّد السيّد الأمين أنه لا يمكن فرض الحجاب بالقوّة قائلا: “إن المؤثر الهام وغير المباشر على مثل هذه المسألة نابعاً من ارادة المجتمع نفسه وللعائلة ما يعطيها حق إلزام الأبناء بأداء واجبات التربية الإسلامية، أما بعد مرحلة البلوغ وانفصال الأبناء عن آبائهم وأمهاتهم وبعد أن يصبح الواحد منهم قادراً على تأمين مستلزمات حياته خارج الأسرة فإن هذا النوع من الولاية لا يعود قائماً من الناحية الشرعية على صورة إلزام، وإنما يبقى قائماً على صورة الإلزام الأدبي وليس فرض هذا الواجب بالقوة أو بوسائل العنف”.

السابق
علي حسن خليل: لم يعد مسموحاً المماطلة باقرار الموازنة
التالي
الحركات الاسلامية والطابق الثالث والعشرون والبناية الخطأ