قاسم قصير: تضخيم للدور الايراني في اليمن

اعتبر الباحث الاسلامي الصحافي قاسم قصير المقرب من سياسة حزب الله ان ما يجري من حرب اعلامية وسياسية هو انعكاس لما يجري من اوضاع في المنطقة خصوصاً بعد التطورات في اليمن وقيام السعودية بشن حرب على اليمن بحجة مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة ومن أجل القضاء على حركة <أنصار الله> الحوثيين الذين نجحوا وبالتحالف مع قوى أخرى بالسيطرة ميدانياً. وذكر قصير انه منذ بداية هذا الهجوم قام حزب الله بالتضامن مع الشعب اليمني والحوثيين وأقام سلسلة احتفالات وأنشطة لدعمهم ولاستنكار ما تقوم به السعودية، لكن في المقابل قام تيار <المستقبل> بالدفاع عن الموقف السعودي والهجوم على ايران باعتبارها حليفة لحزب الله، ولذلك لاحظنا منذ ثلاثة أسابيع تقريباً كيف اشتعلت حرباً سياسية واعلامية وإن كان من الواضح ان الطرفين حريصان على ان لا تؤدي هذه السجالات الى تخريب الوضع اللبناني، وهذا ما أكده الرئيس سعد الحريري في رده على السيد حسن نصر الله الذي أعلن بدوره ايضاً حرصه على الاستمرار في الحوار رغم هجومه القاسي على السعودية وسياستها وعلى الفكر العقائدي الذي تتبناه.

وبرأي قصير فإن القواعد الدولية في السياسة او القوانين الدولية لا تمنح الحق لاي دولة بالتدخل في شؤون دولة أخرى، هذا من الناحية المبدئية، لكن الآن نحن في حالة سيلان في العلاقات الدولية على مستوى المنطقة، ونلاحظ ان دول التحالف الدولي تشن غارات في سوريا والعراق بدون إذن من الحكومة السورية، وفي المقابل ايران وحزب الله يدعمان النظام في سوريا، والسعودية تواجه جزءاً كبيراً من الشعب اليمني بحجة دعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رغم انه كان قد استقال وحتى ان ولايته قد انتهت. اما القول ان حرب السعودية على اليمن هي حرب استباقية فهذا برأيي توصيف غير دقيق لأنه صراع المصالح، فالسعودية تعتبر ان مصالحها في المنطقة تتعرض للتراجع تحت عنوان الصراع مع ايران وان الاخيرة تدعم الحوثيين، ولذلك شنت هذه الحرب تحت هذا العنوان وليس تحت عنوان نصرة الشعب اليمني. كما ان السعودية تعتبر ان المنطقة قادمة على متغيرات لذلك يجب الرد على هذه المتغيرات من خلال عاصفة الحزم التي تقوم بها. اما بالنسبة الى ايران يوضح قصير <ان الزيديين في اليمن او الحوثيين تاريخياً كانوا على علاقة جيدة بالسعودية وهي دعمتهم ودعمت مملكتهم وأئمتهم في مواجهة الانقلاب التاريخي الذي شنه عبد الله السلال الضابط اليمني المدعوم من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، كما ان الحوثيين كانو ا في فترة من الفترات على علاقة جيدة بقطر ثم انقلبت الامور. اليوم تقيم ايران علاقة جيدة مع الحوثيين وبدأت تدعمهم من اجل ترتيب اوضاعهم.

ورأى ان هناك تضخيماً للدور الايراني في اليمن بحيث لا توجد لايران هناك قواعد ايرانية او معسكر او قوات، وقد يكون هناك عدد محدود منهم سواء عبر السفارة او أشخاص يقيمون بشكل فردي، ولذلك لم يتم حتى الآن الاعلان عن قتل ايراني او سقوط مركز عسكري ايراني او ضرب قاعدة او بارجة ايرانية. نعم هناك تضخيم للدور الايراني، وأنا أظن ان السعودية تريد استعادة دورها وموقعها لذلك اخترعت فكرة مواجهة الدور الايراني. اما عن زج الشيعة في معارك اقليمية يقول قصير: الشيعة بشكل عام هم قوة نضالية ومتحركة في الواقع السياسي وحزب الله يمثل قسماً من هذه الطائفة وليس كلها، ولذلك ما يحكى عن قرارات اقليمية خصوصاً في دول الخليج يمكن ان تطال شيعة يعملون هناك فهذا أمر خاطئ ولا يجب ان يحصل، خصوصاً وان قرارات الحزب لا تلزم كل الشيعة، كما ان تصوير الموضوع وكأنه خلاف مذهبي او عرقي غير صحيح، فنحن أمام صراع سياسي فريق يدعم حرب السعودية على اليمن وفريق يدعم جماعة محددة، وإن كان دعم حزب الله للحوثيين حتى الآن يتم بالإطار السياسي والاعلامي ولم يرسل جنوداً او مجموعات مقاتلة.

انها عاصفة الحزم يا عزيزي

يشرح قصير فهمه للجملة التي قالها الحريري لنصرالله: فهمت من رد الحريري على نصر الله انهم يعتبرون ردة الفعل القاسية التي قام بها الحزب على السعودية هي بسبب ما قامت به السعودية من حرب على اليمن والتي يبدو انها استعادت من خلالها دورها الاقليمي وهذه وجهة نظر. لكن من الناحية العسكرية فإن الأمور تعود للخبراء العسكريين بمعنى هل نجحت فعلاً السعودية باستعادة دورها، وهل حققت نتائج ميدانية تعيد ترتيب الاوضاع في اليمن؟ هذا أمر يترك للباحثين، والسعودية نجحت بشيء اساسي ان تقول: <انني هنا قوة عسكرية موجودة في المنطقة ويجب على الآخرين احترامي >، معتبراً ان ما يجري في اليمن هو لأسباب يمنية، لكن السبب الاهم مرتبط بالاتفاق النووي الايراني الدولي، فنحن امام مرحلة جديدة في العالم العربي بعد الاتفاق النووي المبدئي وبانتظار الاتفاق النووي النهائي، اذ ان المنطقة سيعاد تشكيلها مما سيؤدي الى تغيير أدوار ومواقع كل قوى المنطقة سواء ايران او اسرائيل او دول الخليج، والشيء المهم هو تصريحات الرئيس الاميركي<باراك اوباما> عندما قال بعد توقيع الاتفاق ان على دول الخليج ان تأخذ بعين الاعتبار بأن الخطر عليها من الداخل وليس من الخارج وان هناك أزمة تهميش سياسي وأزمة تهميش لدور الشباب في دول الخليج وهذه ضمن عقيدة مدمرة.

وختم قصير بالقول: الشيء الجيد حتى الآن انه رغم تطور الخلاف السياسي بين الحزب و”المستقبل” لم نلحظ اي مشكلة أمنية او مذهبية في اي منطقة، وهناك نقطة مهمة في خطاب السيد نصر الله وهي انه لم يدعُ للقيام بأي عمل ذات طابع شعبي مثل تظاهرات او اعتصامات مؤيدة للحوثيين، ربما لأن هناك تخوفاً من ردود فعل، وفي الوقت نفسه الحوار بينهما مستمر، ونلاحظ ان الخطط الأمنية تنفذ بشكل جدي وحازم، وان هناك ضبطاً لكل المجموعات التي يمكن ان تخرب او ان تقوم بخروقات امنية، لكن لا أدري الى متى يتم الاستمرار بقرار تحييد لبنان عن الصراع الاقليمي.

(مجلة الافكار اللبنانية)

السابق
تهدئة في غزة؟ لكنها قائمة فعلاً!
التالي
عمال النظافة توقفوا عن جمع النفايات في مخيم عين الحلوة