هل يشعر أوباما بالمسؤولية والذنب؟

عاد المسؤول الأميركي السابق نفسه الذي تعاطى بجدِّية مع قضايا المنطقة وأبرزها سوريا ولبنان وايران ولا يزال ولكن من موقع الباحث، عاد الى الملف النووي فقال: “المشكلة ليست في الاتفاق. أنا معه. لكن يعتقد الايرانيون وفي مقدمهم المرشد خامنئي أن أميركا تحتاج اليه وليس هم أو بالأحرى أكثر منهم. ولذلك فانهم يتصرفون بشطارة وذكاء ومغامرة وعدائية في آن.

ويخاف الجمهوريون في أميركا من ذلك ومعهم اسرائيل، وخصوصاً أنهم يعرفون أن ادارة أوباما ولا سيما وزارة الخارجية تبذل جهوداً من أجل تلطيف كل انتقاد أو اعتراض يبديه أحد على الاتفاق تلافياً لاغضاب خامنئي. حتى في موضوع سوريا تحاول الادارة نفسها أن لا تزعج ايران التي يُظهِر وفي كل مناسبة مفاوضوها النوويون ومنهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف تمَسُّكهم بموقفهم المعروف من الذي يجري في سوريا وخصوصاً من الرئيس بشار الأسد.

لذلك قال وزير الخارجية كيري نحن مستعدون للتفاوض مع الأسد أو بالأحرى لا بد من التفاوض معه ثم تراجع عن ذلك للأسباب المعروفة. كما أن سوزان رايس مستشارة الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي قالت عندما سُئلت أخيراً عن سوريا “إن وضعها مخيف انسانياً”. ولم تُضِف شيئاً. الاّ أن نتنياهو كان جاهزاً ليقول: “أنا مع اتفاق نووي مع ايران ولا أعترض على ابقاء نسبة تخصيب أورانيوم منخفضة لها”. لكنه نُصِح بأن لا يفعل ذلك. فعاد وكرَّر موقفه القائل “إنه مع الاتفاق ولكن ماذا يحصل بعده في حال رُفعت العقوبات عن ايران ولم يحصل أي تفاهم معها على القضايا الاقليمية المختلف عليها؟ وماذا يحصل اذا استمرت في تدخُّلها السافر الراهن في العراق وسوريا ولبنان”؟

يجب أن يجري بحث معها في كل ذلك. هناك اتفاق – اطار (Political Framework) سيتم التفاهم عليه معها. لكن لا بد من البحث معها بعده في الاقليميات اضافة طبعاً الى تفاصيله التقنية. أوباما يخاف أموراً ثلاثة اذا لم يتم التوصل الى اتفاق هي: نشوب حرب – تردِّي الوضع الاقتصادي – وضع انساني متردٍ. حسناً ماذا يحصل الآن؟ أليست الحرب المذهبية مشتعلة ولا يبدو أنها ستتوقف قريباً؟ تستطيع أميركا أن “تحجر” على المنطقة أي تطوِّقها وتعزلها وأن تضع يدها على نفط السعودية والخليج وربما العراق. وهذا الوضع قد يستمر سنوات ولا بد أن يؤدي الى اهتراء دول المنطقة كلها الموالية والمعادية. أما هي فقد لا تتأذى كثيراً”.

علَّقتُ: مشروع ايران الأساسي تصدير الثورة الاسلامية واقامة دولة اسلامية واحدة أو بالأحرى السيطرة على غالبية العالم الاسلامي ولكن بقيادة شيعية. هذا ما يقوله اعداؤها. ولا يمكن اعتبارهم متجنّين كثيراً عليها في ذلك. هذا المشروع وفي حال صحته سقط في رأيي.

فايران ومنذ الثورة السورية أو الحرب – الأزمة السورية تدافع في الدول التي سيطرت عليها بعدما خسرت أجزاء مهمة من ورقة كل منها. وهي تعتمد الآن سياسة “التفاوض على الحامي”. فلماذا لا تعتمد أميركا معها سياسة التفاوض نفسها. علماً أنها اعتمدتها أكثر من مرة في الماضي في مفاوضات فيتنام مثلاً.

وعلماً أيضاً أنها قد تكون تستعملها ولكن على نحو غير مباشر من خلال توظيف المنظمات الاسلامية السنّية المتطرفة التي حقَّقت “انتصارات” خلال السنة الماضية في سوريا والعراق. هذا الواقع الجديد يجعل ايران أيضاً في حاجة الى أميركا وخصوصاً بعدما بدأت تظهر ملامح مشروعين اقليميين مؤذيين لها. الأول اسلامي سنّي – تركي يرمي الى توسيع النفوذ في العالم الاسلامي. والثاني مشروع إسلامي سنّي عنفي “جهادي وتكفيري” ومتطرِّف هدفه اقامة دولة الاسلام أو الخلافة بالقوة وعلى حساب الأقليات المسلمة وغير المسلمة.
ردّ المسؤول السابق والباحث الحالي نفسه: “أنا معك. لكن المشكلة أن في الادارة سوء فهم أو عدم فهم لأمور كثيرة تحصل في المنطقة. نحن في أميركا نعتقد أن العالم يفكِّر مثلنا ويخطِّط مثلنا، وأن القواعد والمعايير التي يستند اليها في وضع مخططاته لمواجهة الأحداث مشابهة لقواعدنا ومعاييرنا. هذا غير صحيح. خذ العراق. يعتبرون عندنا أن قيادة رئيس الحكومة حيدر العبادي حكيمة. وأن حكومته تشمل كل مكوِّنات الشعب العراقي (Inclusive). علماً أن ايران هي النافذة في الحكومة وليس رئيسها. على كل ربما يشعر الرئيس أوباما وحده أو مع ادارته بنوع من المسؤولية والاحساس بالذنب لما ارتكبته قوات أميركية في العراق. ولذلك فإنه لا يريد تكرار ذلك”.
هل تتصرَّف الدول وخصوصاً التي منها كبرى بوحي من مشاعر أم من مصالح؟ سألتُ. بماذا أجاب؟

(النهار)

السابق
غارات جديدة للتحالف العربي ضد الحوثيين وقوات صالح في ثلاث مناطق في اليمن
التالي
هل مِن موقع للبنان في «مسيرة إعادة الأمل» بعد « عاصفة الحزم»؟