فداء عيتاني يروي الثورة السوريّة كمخطوف وخبير بالاسلاميين

فداء عيتاني
أصدر الصحافي اللبناني فداء عيتاني، كتابه عن الثورة السورية، تحت عنوان: "ملاكُ الثّورة وشياطينها – عامان في شمال سورية"، وهذا الكتاب الصادر حديثاً (في طبعة أولى 2015)، هو (من منشورات شركة رياض الريّس في بيروت)، ومضمونه عبارة عن تحقيق ميدانيّ مطوَّل، إذْ يقع في 479 صفحة من القطع الوسط.

تأتي أهمية كتاب الصحافي فداء عيتاني عن الثورة السورية “ملاكُ الثّورة وشياطينها – عامان في شمال سورية” من معايشته الحميمة للثورة السورية، من الداخل، هو الذي قُيِّض له – كصحافيّ معنيّ بها – أن يمضي عامين متتالين (2012 – 2014) في قلب أحداثها، من خلال تواجده في شمال سورية. أي أن عيتاني – وخلال تلك الفترة – كان في القلب من الأحداث، أي في صميمها الحادّ والمؤلم. وفداء عيتاني – وعلى ما يُظْهِرُ هذا الكتاب – إذ يعرض تجربته الشخصية هنا، فهو يعرضها بصفته شاهد عيانٍ على الثورة السورية، وبصفته شاهداً وثوقيّاً في كتابه هذا، الذي يُعَدُّ وثيقة ميدانيّة تاريخيّة، إذ هو يعرضها (أي هذه التجربة الحيّة)، من خلال ربط وقائع ما شهده من عمر الثورة، بخلفياتها وسياقاتها التمهيدية، وصولاً إلى ما خبره بنفسه، وبشكل ملموس ودامغ في الوقت عينه، وهذا الكتاب إذاً، يروي سيرة الثورة السورية، منذ بداياتها، وكما عايشها الكاتب وسمع عنها ممن شاركوا فيها، منذ أيامها الأولى، وكيف تطوّرت، حتى استولت تنظيمات إسلامية متطرِّفة على الأرض، مبعدة القوى التي شاركت في بدايات الثورة والعمل المسلّح، عن تقرير مصيرها بنفسها.

كتاب فداء عيتاني

كما أنَّ هذا الكتاب، يكشف، أيضاً، جوانب من عملية اعتقال فداء عيتاني، وكيفية الإفراج عنه؛ إذ اعتقله عمار الداديخي (أبو إبراهيم)، في الخامس والعشرين من تشرين الأول العام 2012، وذلك إثر مشاركة عيتاني في المفاوضات، لإطلاق عدد من المخطوفين اللبنانيين في الشمال السوري. حيث كان قد احتجزهم، لواء عاصفة الشمال التابع للداديخي؛ ويختُم الكتاب في المرحلة التي بدأت فيها عملية مواجهة التنظيمات الإسلامية الجهادية، تأخذ منحى تناحرياً في سورية.

ويُعَدُّ هذا الكتاب، شهادة ميدانية، عن تطورات الثورة السورية، في الشمال، بشكل عام، إذْ ينقل تفاصيلها، وسياقها وتطوّراتها، بشكل دقيق وموضوعي، يُضاف إلى ذلك، أنه يشكّل – وبشهادة ناشر هذا الكتاب – شهادة لقضيّة هامّة، أُغفلت من البحث في الدراسات السورية، هي (الخطف) بكل أنواعه، وصولاً إلى الخطف المُسيَّس، وهي ظواهر عنفٍ اجتماعي، برزتْ على هامش الثورة، بعد رفع غطاء الاستبداد، وغياب الدَّولة ووظائفها. وتأتي هنا قضية “الحجاج المخطوفين” (المخطوفون الـ(11) الذين تمّ أسرهم في أثناء عودتهم إلى لبنان من زيارة المقامات الشيعيَّة المقدَّسة)، تأتي هذه القضيّة، لتكون راوية الكاتب هي (وبشهادة الناشر أيضاً)، الرِّواية الأدقّ، من بين الرّوايات التي برزت، وظهرت خلال شهور الاختطاف الطويلة. هذا، ومع أنَّ هذا الكتاب، ليس أكاديمياً فهو يعالج جميع الظواهر الرئيسية في الثورة السورية (انطلاقتها، سيرورتها، تطوّراتها، الانتقال من السلمية إلى العسكرة، التسلّح، العامل الخارجي، التدين، الجماعات الجهادية…إلخ). وعلى هذا، كانت خاتمة الكتاب، بعنوانها اللاّفت والبارز: “ملاك الثورة وشياطينها”، هذا الذي منح الكتاب عنوانه الرَّئيسي.

السابق
اهالي الموقوفين الاسلاميين يحاولون قطع الطريق امام سراي طرابلس والجيش يعاود فتحها
التالي
أبو فاعور أحال إلى نقابة الأطباء شكاوى ضد 4 مستشفيات