يا زيديّو اليمن.. حذار انتصار كانتصاراتنا

الحوثيون
انتقلت وعود النصر التي يطلقها السيّد حسن نصرالله إلى الحوثيين في اليمن، فيا اهالي اليمن وخصوصاً الزيديين لا تنبهروا بوعود النصر.. رأينا ما حقق هذا النصر في العراق وسوريا. لن تكون المعادلة لديكم أفضل.

للأسف، فإن تداخل الاحداث وتسارعها يجعلها تفرض نفسها على قائمة الاهتمامات والمتابعات وبالتالي على الكتابة نفسها. وان كنا من دعاة الالتفات أولا وأخيرا الى مشاكلنا وما نعاني من أزمات لا تعد ولا تحصى في لبنان وعلى قاعدة “الدار قبل الجار”، الا ان تعقيدات ما يحصل حولنا من تطورات خطيرة وطبيعة توزّع الأفرقاء السياسيين عندنا على طرفي محاور الاشتباك الحاصل تجعلنا في قلب الحدث بغض النظر عن بعده، بحيث تتهاوى مع هذا الواقع كل المساحات وتتجمد الجغرافيا.

ويصبح اليمن مثلا بقدرة سياسي قادر، متاخما لحدودنا، هذا ان لم نقل داخل الحدود، ويصبح الحديث عن مجريات الاحداث هناك أولوية تتقدم على ما سواها ونصبح جميعا معنيين بتسجيل مواقف والادلاء بدلونا شئنا ام ابينا.

وفي هذا السياق، وبعد الاستماع الى ما جاء في كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الاحتفال التضامني مع حلفائه الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وبغض النظر عن كل ما جاء فيها وما اطلقه السيد من مواقف حادة وغضب لم يستطع اخفاءه او التخفيف من وطأته، فإن اكثر ما اثار انتباهي هو وعده لحلفائه، ومن ورائهم للشعب اليمني باجمعه، بالنصر والانتصار!حسن نصر الله

وعليه، وبعيدا عن أي ضوضاء او عن أي مسبوقات يمكن ان تساهم في رسم الموقف الذي يجب ان نأخذه ان كنا حقا نريد مصلحة الشعب اليمني المسكين، وان كان ولا بد، فالى أي من جانبي الصراع الدائر عندهم علينا ان ندفعه باتجاهه لتحقيق مستقبل اليمن وما يصبو اليه اليمنيون بالخروج من ظلمات ما هم عليه.

وللإجابة عن هذا التساؤل، وببساطة حسابات “الدكنجي” وبدون الحاجة الى الكثير من الأدلة او التحليل او حتى المعلومات والخبرات، بل إن كل ما نحتاجه هنا هو فقط استحضار نماذج كل من الفريقين وما قدماه من تجارب سابقة تشكل صورة واضحة الى ما يمكن ان تؤول اليه الأمور.

فإيران التي امسكت بالعراق مثلا، وكانت تضع يدها على كل مقدراته ومفاصل حياته السياسية، وتدير عبر “مالكها” كل اللعبة العراقية، ماذا انتجت؟ بالرغم مما يتمتع به هذا البلد من ثروات نفطية هائلة، كان من المفترض ان تساهم في عملية اعماره ونهوضه للوصول الى رفاهية شعبه المفترضة، فإن مجرد مراجعة بسيطة لتصريحات رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، تكفي لنعرف ماذا حل بهذا البلد وبثرواته. فحجم الفساد والانهيار الأخلاقي وسوء الإدارة والفقر والتفرقة والتشتت والتقسيم وارتفاع المنسوب المذهبي والحروب التي يشهدها الآن هي المحصلة التي انتجتها ولا تزال حقبة الوصاية الإيرانية. وهذا كله حصل بعد “النصر” الذي حققه هذا المحور. حتى وصلت الأمور بالمواطن العراقي ان يترحم على عهد الاستبداد الصدامي ولا زال حتى اللحظة.

لشعب اليمن: لا تأخذكم الشعارات الخطابية التي لا تسمن ولا تغني من جوع

أما “النصر” اﻵخر المحقق في سوريا فحدث ولا حرج، مئات آلاف القتلى، مئات آلاف الجرحى، ملايين المشردين في اصقاع الأرض ودمار لم تشهده الدول منذ الحروب العالمية. وللأسف فلا يزال هذا “الانتصار” مستمر وبراميله تتساقط على روؤس الشعب السوري الذي يدعوه السيد هو الآخر للفخر والاعتزاز بهذا ” النصر”.

أما في لبنان فأهم معالم “النصر” المحقق هو ما نعيشه من انقسامات سياسية أطاحت بما تبقى من هيكل الدولة. فلا رئيس لجمهوريتنا، ولا انتخابات نيابية. وقبل هذا وذاك وضع اقتصادي مزري. وواقع امني على حافة هاوية الانفجار. وغلاء معيشة ضاغط حتى وصل ببعض أبناء القرى الحدودية في الجنوب اللبناني أيضا إلى الترحم على أيام الاحتلال الإسرائيلي، وهنا أيضا يريدنا سماحته ان نحتفل ونفتخر بما نحن عليه من “نصر”.

هذا كله يضاف إليه نقطة أساسية لا تقل أهمية عما تقدم، ولا بد من ذكرها لما تحمله من تشابه بين اليمن ولبنان من حيث الفقر وقلة الموارد. فنحن، وبعد الخروج من كل الحروب التي أُخذنا عليها، وخلّفت ما خلّفت من دمار وتهديم، كانت عيوننا تشخص فورا ناحية أشقائنا دول الخليج، فبأموالهم وهباتهم وصناديقهم كانت تقوم ورشة الاعمار في كل مرة من جديد، فمن يا ترى سوف يعيد اعمار اليمن اذا ما انتصرت ايران وانهزم هؤلاء الاشقاء؟

في المحصلة، كلمة من القلب لا بد ان يسمعها ويعيها كل الشعب اليمني المسكين، والزيديين خصوصا، هي ألا تأخذكم الشعارات الخطابية التي لا تسمن ولا تغني. وحذار حذار من “انتصار” هذا المحور.

السابق
روحاني يؤكد ان القوات المسلحة الايرانية لا تشكل تهديدا للمنطقة
التالي
نصرالله مرشد جمهورية حزب الله في لبنان يؤكد الخلفية الدينية لحروبه