من تستهدف «عاصفة الحزم».. طائفة أم ميليشيا؟

مسلح حوثي بزي الجيش اليمني قرب أحد المواقع في صنعاء يخزن القات أمس (إ.ب)
استغراب من محاولة إعلام طهران تصوير أنها ضد الشيعة

في الرابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سعت السعودية لتسريع بدء عمليات قوات التحالف العالمي ضد تنظيم داعش المتطرف، وإيقاف تمدده وجرائمه بحق المدنيين من مختلف الطوائف والأديان. وفي السادس والعشرين من مارس (آذار) هذا العام، قادت السعودية تحالفًا عربيا إسلاميا لإنقاذ اليمن من منزلق الحرب الأهلية والطائفية، وتلبية لنداء الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وهو النداء الذي سعت الرياض لتلبيته عبر اجتماعات مكثفة شهدها قصر العوجا التاريخي في الدرعية.

وبعد بدء العملية، لم ينبرِ لمهاجمتها سوى قوى معينة ووسائل إعلام تمولها إيران، وكان ما يشبه الإجماع من هذه الوسائل أن السعودية تقود حربًا دينية طائفية ضد جماعة الحوثي في اليمن، متغاضين عن جرائم الجماعة بحق المدنيين وتعاونها مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

وفي الوقت ذاته، يرى مراقبون أن تلك المحاولات هي لتضليل الرأي العام، فالسعودية تقود في الوقت ذاته حربا على تنظيم داعش الإرهابي الذي يعتبره البعض محسوبا على المذهب السني كخلفية دينية، رغم إدانة علماء السنة لتلك الجرائم التي يرتكبها التنظيم المتطرف بحق المدنيين من مختلف الطوائف.

فالسعودية ذات الأغلبية السنية اكتوت بنار تنظيم القاعدة المتطرف، وحاربته وقضت على وجوده على أراضيها في فترة وجيزة لم تتجاوز ثلاثة أعوام، وحين بدأ خطر تنظيم داعش يهدد البلدان العربية، سعت الرياض مع دول حليفة لترتيب تحالف دولي يهدف للقضاء على هذا التنظيم، وكان آخرها استضافة المملكة لرؤساء أركان الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش» في الرياض في السادس عشر من فبراير (شباط) الماضي، قبل قرابة شهر من بدء عمليات «عاصفة الحزم».

وفي حوار أجرته «الشرق الأوسط» مع المتحدث باسم قوات التحالف العميد ركن أحمد محمد حسن عسيري، قال إن العمليات العسكرية لم ولن يكون هدفها استهداف الحوثيين كجماعة، وإنما حملة السلاح منهم، في إشارة إلى أن الحرب هي لاستعادة الشرعية في اليمن ودعم استقرار بلد شقيق ومنعه من الانزلاق في هوة الحرب الأهلية والمذهبية التي تحاول إيران تغذيتها من خلال تسليحها ودعمها لميليشيا الحوثي، وتحالف تلك الميليشيا مع قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

ويجمع عدد من المحللين على أن الغرابة هي أن من يحاولون المزايدة ورفع شعار الطائفة على موضوع «عاصفة الحزم» هم نفسهم من أرسلوا جنودهم لسوريا والعراق تلبية لنداء مرجعيات دينية، وتدخلهم في دول كان يقود الميليشيات فيها قادة عرف عنهم التعصب المذهبي إلى جانب ضباط وجنرالات كبار من الحرس الثوري الإيراني، وهو ما أثبتته وكالات الأنباء الإيرانية بإعلانها عن قتلى الحرس الثوري إما في سوريا أو العراق.

تقول الإعلامية اليمنية هند الإرياني لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن التعامل مع الحوثيين بمنظور طائفي سواء من قبل الحكومة اليمنية أو المبادرة الخليجية التي شملت كل الأطراف السياسية لمحاولة إخراج اليمن من مأزق الحرب، وإنما تم التعامل معهم على أنهم جماعة معارضة مسلحة لها أهداف سياسية.

وكان الجميع مرحبا بهم على شرط أن يتركوا السلاح فيما بعد ويشاركوا بالواقع السياسي مثل غيرهم، وكان هذا الشرط من ضمن بنود مخرجات الحوار الوطني التي نوهت بحظر السلاح على كل الجماعات المسلحة وضرورة مشاركتها سياسيًّا بعيدًا عن العنف».

وترى الإرياني أن كل ما سبق من الجهود والمبادرات لم يعجب الحوثيين أو من يساعدهم؛ كونها لا تتناسب مع طموحهم العسكري والسياسي، وتضيف: «لكن يبدو أن هذه المخرجات لم تتناسب مع طموحات الحوثيين ومن ساعدهم، حيث قاموا بإسقاط الحكومة، ودخولهم مدينة وراء الأخرى وتهديداتهم للسعودية سواء بالمناورات العسكرية في الحدود أو بالمظاهرات الكبيرة التي كانوا يرددون فيها عبارات مناوئة للسعودية، بالإضافة لتصريحات إيران المشجعة لما قاموا به، مما تسبب في فوضى في اليمن، وبالتالي تهديد للأمن في اليمن ودول الجوار». وترى الإرياني أن عملية «عاصفة الحزم» عمل متوقع بعد أن قام الحوثيون بتهديد السعودية والقيام بمناورات على حدود المملكة.

وتسعى أحزاب عرف عنها ولاؤها لجمهورية إيران وتعريفها لنفسها بـ«أحزاب المقاومة» على تصوير عملية «عاصفة الحزم» أنها عدوان ضد الطائفة الشيعية، في الوقت ذاته الذي تقود فيه السعودية حربا على الإرهاب بغض النظر عن خلفيته المذهبية، فالرياض من أوائل من طالبوا بتشكيل تحالف دولي لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية، ومنها تنظيم القاعدة وداعش المتطرفين، إلا أن كل هذه الجهود العالمية لمحاربة الإرهاب يتم تجاهلها في مسألة اليمن، بعد أن أجهضت قوات تحالف اليمن مخططات إيرانية للاستيلاء على باب المندب والسيطرة عليه من خلال ميليشيا الحوثي، وهو ما صرح به جنرالات في الحرس الثوري في احتفالات عسكرية، وليس سرا.

ويستغرب الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية الكاتب والصحافي حمود الزيادي العتيبي مثل هذه التهم، مستعرضا جهود السعودية في محاربة الإرهاب، رافضا محاولة تصوير «عاصفة الحزم» أنها حرب ضد طائفة بسبب خلفيتها المذهبية أو العقائدية.

ويبدأ الزيادي حديثه باستشهاده بكلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في القمة العربية بشرم الشيخ بقوله: «لقد ذكرت القيادة السعودية في كلمة خادم الحرمين الشريفين قمة شرم الشيخ وصفًا دقيقًا لحالة اللااستقرار لبعض البلدان العربية بما نصه (نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في منطقتنا العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض بلداننا)».

ويضيف الزيادي: «المملكة موقفها ثابت ومبدئي في التصدي للإرهاب، سواء كان مصدره جماعة متطرفة سنية أم شيعية لا فرق في ذلك؛ لأن الأصل لديها هو رفض الفعل الإجرامي الإرهابي لذاته، بعيدًا عن الشعار والراية المرفوعة. وقد قامت السعودية، وتحديدًا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 بإجراءات تشريعية قانونية كثيرة للتصدي للإرهاب؛ تمويلاً وتنظيمًا، مع تفجر خلاياه في المملكة والمنطقة.

واستطاعت بعمل أمني محكم واحترافي تفكيك خلايا تنظيم القاعدة الإرهابي في المملكة، ولم يجد فلوله الذين فروا مأوى لهم سوى في اليمن، حيث سهل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح نمو وتشكل التنظيم في الساحة اليمنية بعد اندماجهم مع الفرع اليمني للتنظيم بزعامة ناصر الوحيشي؛ وذلك من أجل ابتزاز السعودية».

ورغم محاولات البعض المزايدة على ورقة الطائفية واستعداء بعض الدول أو الأحزاب ضد السعودية باستخدام عملية «عاصفة الحزم» دليلا، يرى الزيادي أن هذه العملية جاءت لهدف وهو تلبية نداء الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، إضافة إلى استقرار اليمن فقط، ويستعرض جهود المملكة في محارب الإرهاب أيا كانت خلفيته المذهبية بقوله: «كانت المملكة خلف تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب، ودعمت ذلك بـ100 مليون دولار، وحذرت القيادة السعودية مرارا وتكرارًا من خطر الإرهاب، وتسهيل تفشيه من قبل دول إقليمية توظفه كحصان طروادة لضرب استقرار الدول المركزية العربية. ونتذكر الكلمات الحازمة للراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز حين حذر الدول الغربية من تنظيم داعش وضرورة اتخاذ إجراءات جادة لمجابهة الإرهاب.

وفي شهر مارس 2014 خطت المملكة خطوات متقدمة في إجراءات مكافحة الإرهاب، حيث أعلنت عن سن قوانين محددة تجرم الانضمام للجماعات الإرهابية أو دعمها بأي صيغة من الصيغ، وسمت في هذا الإطار عددا من التنظيمات والجماعات كانت مزيجًا من الجماعات السنية والشيعية من بينها تنظيم القاعدة وتنظيم داعش وجماعة الإخوان المسلمين وجماعة الحوثي وحزب الله السعودي، وهو تأكيد تشريعي قانوني أن الفعل الإرهابي هو المجرم بحد ذاته».

ويضيف الزيادي: «تصدت السعودية لمحاولات تنظيم داعش الإرهابي التشكل على الأراضي السعودية، وشاركت في تحالف دولي لضرب وجوده في سوريا، (ومن أوضح الواضحات) إذا أردنا استعارة عبارة زعيم تنظيم حزب الله الإرهابي حسن نصر الله واعتمادًا على معطيات دقيقة، فإن تفشي الإرهاب واتساع رقعة التنظيمات الإرهابية هو بسبب البيئة السياسية المضطربة في العراق وسوريا والتدخلات الإيرانية ودعمها للميليشيات الشيعية المتطرفة التابعة لها، كحزب الله اللبناني وعصائب أهل الحق ولواء أبو الفضل العباس ومنظمة بدر ومثيلاتها، إضافة إلى تبني جماعة الحوثي الشيعية في اليمن، واحتضانها لضرب الدولة اليمنية، وهو ما يغذي تفشي الإرهاب في المنطقة؛ إذ إن تلك الجماعات تعطي مشروعية لبعضها الآخر، مما يساعد في بث الروح في تنظيمي داعش والقاعدة لتبقى المنطقة العربية متفجرة من الداخل».

ويستغرب الزيادي من تلك الوسائل الإعلامية الموالية لطهران من محاولة هجومها المتكرر على السعودية وتصوير «عاصفة الحزم» أنها طائفية بتجاهلهم لحقائق مثبتة عن استضافة إيران لعشرات القيادات من تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية، ومنهم صالح القرعاوي المطلوب السعودي، ونائبه ماجد الماجد، وعائلة بن لادن كذلك، ويضيف: «قيادات في تنظيم القاعدة الإرهابي كانت الأراضي الإيرانية ملاذًا آمنًا لهم لسنوات طويلة.

من بينهم سيف العدل القائد العسكري للتنظيم الذي كان موجودا في إيران حينما أطلق إشارة تنفيذ تفجيرات 12 مايو (أيار) 2003 التي استهدفت مجمعات سكنية شرق الرياض فضلا عن المتحدث باسم التنظيم الكويتي سليمان أبو غيث، إضافة إلى صالح القرعاوي زعيم كتائب عبد الله عزام الذي كان يدير نحو 100 عنصر لـ(القاعدة) في معسكرات تدريبية في الأراضي الإيرانية ما بين 2006 و2009، وكذا نائبه ماجد الماجد.

وسهلت مخابرات نظام بشار الأسد عبورا (آمنا) لمن يسمون (الجهاديين) خلال تلك السنوات للوصول للأراضي العراقية والقيام بأعمال إرهابية، حتى إن رئيس وزراء العراق نوري المالكي اتهم صراحة نظام بشار بهذا الأمر، ولم تهدأ الأزمة بينهما إلا بوساطة إيرانية».

(الشرق الأوسط)

السابق
الهلع الإيراني!
التالي
5 مواصفات مفاجئة للرجل المثالي حسب العلم.. الثانية ستصدمكم