سيدة أشعلت «حرباً» بين «الجيش الحرّ» و«جبهة النصرة»..بعد تمزيق ثوبها

نفذ صبر أهالي درعا، لم يعد بمقدورهم تحمل ظلم التشدّد وآلام الجلد والتسلّط التي فرضتها “جبهة النصرة”، وكانت عيون النجدة تنظر إلى فصائل “الجيش السوري الحرّ” التي حاولت كثيراً تجاوز انتهاكات واعتداءات “النصرة” على قاعدة أن الهدف اليوم “اسقاط النظام السوري” وأن “المعارك الثانوية ليست لصالحنا”… لكن طفح الكيل!

أم تدافع عن ابنها
منذ أيام، وبحسب ما روى لـ”النهار” أحد أبناء درعا “اقتحمت دورية أمنية تابعة لـ “النصرة”، يشرف عليها الأميران أبو رغد الفلسطيني وأبو صلاح الجزراوي، منزل أحد مقاتلي “لواء توحيد الجنوب” – التابع لتحالف صقور الجنوب – يدعى جمعة مسالمة واعتقلته بتهمة مبايعة تنظيم “الدولة الإسلامية” – علماً أن لا وجود لها في درعا – فحاولت والدة الشاب التوسّل إلى الدورية لتركه، لأن لا ذنب له، فضربها أحد العناصر وأسقطها أرضًا وشقّ ثوبها”.
لم يستطع محمد الحر المسالمة (صديق جمعة المقرّب) السكوت عما حصل، “فسارع إلى الاشتباك مع عناصر الدورية، وبعد إصابته بنيرانها اعتقلته النصرة”، وفق الراوي ويضيف: “هذا العمل دفع لواء توحيد الجنوب إلى الهجوم على “جبهة النصرة” بمختلف أنواع الأسلحة. أما تحالف صقور الجنوب فهدّد النصرة باعتبارها هدفًا في حال لم يتم الافراج عن المعتقلَيْن الاثنين وتسليم الدورية لمحكمة دار العدل”، مذكراً بأن “لواء توحيد الجنوب يتبع إلى فرقة “18 آذار” التابعة إلى تحالف صقور الجنوب، وهذا التحالف يضمّ تشكيلات عدة منها: فرقة أسود السنّة وجيش اليرموك وفرقة فلّوجة حوران، إضافة إلى فرقة 18 آذار”، وجميعها تعتبر من فصائل “الجبهة الجنوبية” المدعومة من غرفة العمليات المشتركة في الأردن، المعروفة باسم “الموك”.
ورضخت النصرة لهجوم “توحيد الجنوب” وتهديد التحالف، “وأفرجت عن محمد الحر المسالمة وسلّمت جمعة مسالمة إلى جيش “اليرموك” الذي بدوره سلمه إلى محكمة دار العدل – الموقع عليها من كل الفصائل بما فيها جبهة النصرة – وبعد التحقيق معه أثبتت براءته بأنه لا صلة له بالدولة الإسلامية وتم إطلاق سراحه” وفق أحد أبناء درعا.
ورغم انتهاء القضية إلا أن الوضع لا يزال متوتراً بين فصائل “الجبهة الجنوبية”، ويرجّح الراوي “الذهاب إلى اقتتال عظيم”، ففصائل “الجيش الحر” أيضاً لم يعد بمقدورها تحمّل تجاوزات “النصرة”، خصوصاً بعد الفوضى التي أحدثتها الأخيرة عند معبر نصيب الحدودي من سرقة وخطف وبالتالي انسحابها من هناك. كل هذا دفع فصائل “الجبهة الجنوبية” إلى اصدار بيان موحّد جاء فيه: “نرفض أيّ تعاون أو تقارب عسكرياً كان أم فكرياً مع “جبهة النصرة” أو أي فكر تكفيري تتبنّاه أي جهة داخل الثورة السورية، ونعتبر أن الجبهة الجنوبية هي المكوّن العسكري الوحيد الممثل للثورة السورية في جنوب سوريا”.
ليس إعلان حرب
ينفي المتحدّث الرسمي باسم “الجبهة الجنوبية” الرائد عصام الريس “وقوع أي اقتتال بين الجيش الحر والنصرة”، لكن يقول: “في السابق كنا نتجاوز انتهاكات النصرة وكنا نقول ان جهدنا يجب ان يركز باتجاه النظام، وأنه ليس وقت المعارك الثانوية والمناطقية لكن صبر فصائل الجبهة الجنوبية قد نفذ، وانفجر الوضع منذ أيام، عندما اعتدت “النصرة” على امرأة كبيرة في السن، واعتقلت قياديين ميدانيين من لواء توحيد الجنوب، وهذه التجاوزات تكرّرت كثيرًا، خصوصاً اعتقال أشخاص من دون تهمة شرعية أو قضائية، إضافة إلى اعتداءات على المواطنين، فأصدر فصيل من الجبهة الجنوبية بياناً أوضح فيه موقفه من العمل مع “النصرة”، وتتالت كل الفصائل للتوافق مع الفصيل ببيانات من العبارات نفسها، وأفرجت النصرة عن القياديين بعد نحو ست ساعات”. ويشدّد على أن “البيانات التي أصدرتها الفصائل ليست إعلان حرب بل هي توضيح لرفض الفكر التكفيري أكان من النصرة أو داعش أو غيرهما”.

“الجيش السوري الحر” معروف باعتداله والتزامه بمبادىء الثورة، ويؤكّد الريس أن “الجيش الحر لم يكفّر ولم يهدر دماً ولم يحلّل القتال مع النصرة. في المقابل كانت الأخيرة وفق خطاباتها وكلام الأمراء فيها تهدر الدماء وتكفّر الجميع على قاعدة أن كل من لا يؤمن بفكرها فهو كافر”، مذكراً بوجود “اشخاص من النصرة من أبناء المنطقة، مغسولة أدمغتهم ومخدوعين ودفعَهم تأخّر المجتمع الدولي في الدعم إلى الانضمام الى هذه التنظيمات من دون ملاحظة أهدافها البعيدة عن أهداف الثورة وبعضهم اكتشف ذلك متأخراً… فأهداف الثورة واضحة وتدعو إلى بناء دولة حرية وكرامة وديموقراطية وليس بناء ولايات تتمدد أو دولة اسلامية”. ولفت إلى أن “غالبية مقاتلي النصرة ليس لديهم فكرة أيديولوجية متطرفة، وانضموا فقط إلى هذا التنظيم لأهداف موقتة ومرحلية”.

كيف ستتصرّفون مع “النصرة” بعد إسقاط النظام؟ يجيب الريس: “لا صوت يعلو فوق صوت الشعب، وعندما تتحرّر الأرض ونتخلّص من الميليشيات والنظام يكون الوقت حان لدور الشعب كي يحدّد شكل بلده، لأنّنا لسنا من سيقرّر ذلك”، مضيفاً ان “أكثر من 35 ألف مقاتل هو حجم الجبهة الجنوبية التابعة للجيش الحر، أما النصرة فلا يتجاوز حجمها 20% بين كل فصائل الجنوب، خصوصاً أن هناك فصائل أخرى ليست ضمن فصائل الجبهة الجنوبية وهي مستقلة”، نافياً “وجود أي ارتباط دولي بقرار فك العلاقة مع النصرة، والبيانات أتت بقرار سوري نتيجة الانتهاكات والأحداث ولو كان المجتمع الدولي من دفعنا إلى ذلك لكان فعلها منذ سنتين”.
دعم غرفة “الموك”
وفي ظلّ الحديث عن رفع نسبة الدعم بعد انطلاق “عاصفة الحزم” في اليمن، أكد الريس أن “مسار دعم الجبهة الجنوبية لا يزال كما هو ولم يتغيّر. وحالياً نواصل عملنا العسكري عند الجبهات المفتوحة في شمال القنيطرة التي يشارك فيها “حزب الله” إلى جانب النظام، خان أرنبة ومدينة البعث، وباتجاه الصنمين في درعا والمعارك في ريف دمشق، ومعارك درعا المدينة”، مشيراً إلى أن “معبر نصيب الحدودي سيكون تحت ادارة مدنية، أما تحالف صقور الجنوب فسيهتم بحراسته فقط، وسنحاول إعادة تشغيله ضمن إمكانياتنا”.

ويعتبر أن “عاصفة حزم في سوريا بدأت قبل اليمن لكن بأيدٍ سورية، ونتمنّى ان يوضع الحد لنفوذ ايران وتسلّطها على المنطقة وفي سوريا لأنها لم تجلب سوى الخراب لكل الدول التي دخلت فيها، خصوصا ان الحوثيين كانو يتدرّبون بمعسكرات في سوريا في درعا وتحدثت الصحف عن ذلك”.
قوّات إيرانية
ورداً على نفي الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله وجود قوات ايرانية في سوريا “بل ضباط خبرة”، قال الريس: “السيد حسن لا يسمع القوات الايرانية وهم يتحدّثون مع بعضهم باللغة الفارسية، أما نحن فنسمعهم وهم موجودون ولو كانوا قادة لتحدّثوا بلغة يفهمها السوريون واللبنانيون. انهم مقاتلون وهناك جثث لهم، منها ليس له وثائق، ومنها عليها عبارات فارسية وفيها هويات فارسية”.

 

(النهار)

السابق
رئيس جديد للبنان قريباً
التالي
هل تشتبك السعودية وإيران في لبنان؟