نقاط الاختلاف بين الروايتين الايرانية والأمريكية للاتفاق النووي

في 2 ابريل الحالي، نشر البيت الأبيض ورقة بعنوان “معايير خطة العمل المشتركة الشاملة” (JCPOA) ، ترسم إطار الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران بانتظار وضع التفاصيل النهائية والتوقيع على الاتفاق النهائي الشامل في حزيران القادم.

لقد أثارت هذه الخطوة حالة من الانزعاج الشديد لدى الجانب الايراني الذي اتهم أوباما بالدوران وبالتلاعب بالمعطيات. وما هو الا وقت قليل حتى نشر الجانب الايراني روايته الخاصة عن الموضوع باللغة الفارسية حصرا تحت عنوان ” ملخص حزمة الحلول المشتركة للتوصل الى خطة العمل المشتركة الشاملة”، وتم ترجمة الورقة من قبل “مشروع ايران” الى الانكليزية بعد ذلك.

عند قراءة هذا النص الايراني سيصبح من السهل فهم مدى الاختلاف العميق في وجهتي النظر الأمريكية والايرانية، كما يصبح من الأسهل ادعاء انّ اعلان الطرفين في 2 أبريل الحالي عن توصلهما الى اتفاق مبدئي مشترك هو محض خيال وكذب كان الهدف منه على الأرجح التغطية على فشلهما في التوصل الى اتفاق حقيقي في المهلة المحددة سلفا ألا وهي 31 مارس الماضي.

ولان الطرفان لم يكونا مستعدين للاعلان عن الفشل، ولان الجانب الامريكي لم يكن مستعدا للتعامل مع نتائج هذا الفشل على اعتبار انّه لا يحمل معه الا خيارا واحدا على ما يبدو الا وهو الاتفاق مع ايران، تم الاعلان عن التوصل الى اتفاق مبدئي.

مراجعة النص الامريكي المنشور على موقع البيت الابيض والذي اعتمدناه سابقا في مقالاتنا السابقة ومقارنته بالنص الايراني سيعطينا فكرة عن التحديات التي سيمر بها الاتفاق المزعوم حتى حزيران القادم، وفيما يلي أهم نقاط الاختلاف بين الروايتين الامريكية والايرانية:
1) رفع العقوبات:

– الرواية الأيرانية: وفقا للحلول التي تم التوصل اليها، سيتم “نقض” كل العقوبات الصادرة عن الامم المتحدة وسيتم “الغاء” كل العقوبات الجماعية الاوروبية الاقتصادية والمالية وكذلك العقوبات الأحاديّة التي فرضت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بما فيها العقوبات المالية والمصرفية والتأمين والاستثمار وكل القطاعات المتصلة بها بما في ذلك النفط والغاز والبتروكيماويات وصناعة السيارات. كما سيتم “رفع” العقوبات المتعلقة بالنشاطات النووية فورا على الأشخاص الحقيقيين والاعتباريين القانونيين وعن الكيانات والمؤسسات العامة والخاصة بما فيها البنك المركزي والمؤسسات المالية الاخرى والتحويلات وصناعات النقل والملاحة الجوية وشركات ناقلات النفط.
– الرواية الأمريكية: سيتم “تخفيف” العقوبات على ايران اذا تم التأكد من انّها ملتزمة بتعهداتها. سيتم “تعليق” العقوبات الأمريكية والأوروبية المرتبطة بنشاطات ايران النووية بعد ان تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتأكد من انّ ايران قد اتخذت كل الخطوات الرئيسية اللازمة في الموضوع النووي. كل قرارات مجلس الامن السابقة ذات الصلة بالملف النووي الايراني سيتم رفعها بشكل متزامن مع استجابة ايران لتنفيذ كل الامور المرتبطة بالمخاوف المتعلقة بالقضايا الاساسية من برنامجها النوي. (التخصيب، فوردو، أراك، الشكوك المتعلقة بالطبيعة العسكرية للبرنامج النووي)
– تعليقي: بالنسبة للجانب الايراني، لا يوجد مراحل في ازالة العقوبات، وهي غير مرتبطة بموضوع الالتزام لاحقا. ما يقوله الجانب الايراني هو أنّه وعند التوقيع على اتفاق شامل خلال المهلة التي تمتد حتى نهاية يونيو القادم، سيتم احالته فورا على مجلس الأمن للمصادقة عليه من قبل كافة الاطراف عبر اصدار قرار بشأنه بموجب الفصل السابع، ويتم حينها بموجب التصديق الغاء كافة العقوبات الصادرة بحق ايران سواء عبر مجلس الأمن أو عبر الاطراف المشاركة، وهذا ما يتناقض كليا مع الرواية الأمريكية لأوباما.

الخدعة في الامر، ان تنفيذ ايران لما ورد في الاتفاق نفسه سيحتاج الى ما يسمى “فترة تطبيق” بعد التصديق عليه. ويرى الايرانيون ان العقوبات بموجب هذا الشرح ستكون قد رفعت قانونيا فيما لا يزالون هم (اي النظام الايراني) في طور البدء في تطبيق الاتفاق!  وهذه ثغرة خطيرة جدا. كما لا يوجد اي شيء في الرواية الايرانية عن ضرورة الاستجابة للمطالب والاستفسارات الدولية ولاسيما من وكالة الطاقة الذرية التي تطالبهم بمعلومات اضافية عن انّ برنامجهم النووي لم يشمل سابقا جوانب عسكرية رغم وجود أكثر من دليل على ذلك.

 

2) التخصيب

– الرواية الايرانية: ايران ستستمر في برنامجها النووي بما في ذلك تخصيب اليورانيوم علما انّ الاطار الزمني للاتفاق الشامل فيما يتعلق بالتخصيب سيكون 10 سنوات.. ايران ستتمتع بالقدرة على مواصلة الانتاج الصناعي للوقود النووي وتزويد المفاعلات النووية الايرانية به…ايران ستتمكن من استخدام مخزونها من اليورانيوم المخصب الموجود لانتاج مركز وقود نووي و/أو تصديره مقابل الحصول على اليورانيوم.
– الرواية الأمريكية: ايران وافقت على خفض مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب من 10 آلاف كلغ الى 300 كلغ،..ايران وافقت على ان لا تقوم بالتخصيب بما يزيد عن 3.67% لمدة 15 سنة.
– تعليقي: بالنسبة الى القراءة الايرانية، تنتهي القيود على التخصيب في 10 سنوات، بينما الجانب الامريكي 15 سنة. لا وجود في النص الامريكي لموضوع مركز وقود نووي، وكان قد تم اشتراط ارسال المخزون للخارج، ولكن لم توافق ايران على هذا الأمر.

 

3) أجهزة الطرد والأبحاث العلمية

– الرواية الايرانية: وفقا للحلول التي تم التوصل اليها، ايران ستستمر في القيام باعمال البحث والتطوير المتعلقة بالأجهزة المتقدمة كما ستستمر ايران خلال فترة الاتفاق البالغة 10 سنوات في اطلاق واستكمال العمل في عملية البحث والتطوير المتعلقة بأجهزة الطرد المركزي من فئة: IR-4, IR-5, IR-6, IR-8.
– الرواية الأمريكية: ايران سوف تنخرط بشكل محدود في اعمال البحث والتطوير المتعلقة بأجهزة الطرد المركزية المتقدمة وذلك وفقا للاطار الذي تم الاتفاق عليه من قبل مجموعة (5+1)…بعد 19 سنوات، ايران ستلتزم بخطة التخصيب والبحث والتطوير المتعلقة بالتخصيب المقدمة الى الوكالة الدولية للطاقة الذريّة والتي تتناسب مع الاتفاق وتحت سقف البروتوكول الاضافي مما يؤدي الى قيود معينة بشان قدرة التخصيب.
– تعليقي: الفرق ليس هيّنا أبدا بين هذه الانواع من اجهزة الطرد المركزي، الطراز الاخير  (IR-8) على سبيل المثال أسرع بـ20 مرة من الطراز الحالي وهذا يعني حرق مراحل زمنية طويلة حال استخدامه للتخصيب في فترة قصيرة.
4) البروتوكول الاضافي

– الرواية الايرانية: إيران ستطبق البروتوكول الاضافي المتعلق بمعاهدة منع الانتشار النووي بشكل طوعي ومؤقت بهدف تعزيز بناء الثقة والشفافية.
– الرواية الامريكية: اجراءات الشفافية والتفتيش المهمة ستستمر لما بعد 15 سنة. اضافة الى ذلك، فان التزام ايران بالبروتوكول الاضافي سيكون بشكل دائم ومستمر بما في ذلك التزامها بالشفافية وعمليات التفتيش الواسعة.
– تعليقي: نقطة الفرق الأساسية هنا هي الفترة الزمنية المتعلقة بتطبيق ايران للبروتوكول الاضافي. اما النقطة غير المذكورة فتتعلق بنطاق التفتيش وسرعته والاماكن التي يحق للمفتشين تفتيشها بشكل فجائي. اذ من المعلوم انّ الحرس الثوري والمسؤولين الإيرانيين  يرفضون رفضا قاطعا السماح بأي تفتيش للمنشآت العسكرية التابعة للحرس.
5) خرق الاتفاق:

– الرواية الايرانية: بموجب الاتفاق سيلتزم أطراف مجموعة (5+1) بالامتناع عن فرض اي عقوبات جديدة تتعلق بالنشاطات النووية لايران. أي خروقات للقضايا الواردة في الاتفاق من قبل اي جهة سيتم التعامل معها وفق آلية استجابة محددة سلفا.
– الرواية الامريكية: اذا تبيّن خلال أي وقت أنّ ايران لم تف بالتزاماتها فسيتم اعادة تطبيق العقوبات الأوروبية والامريكية التي كان قد تم تعليقها بموجب الاتفاق. جوهر نظام العقوبات الامريكية على ايران بسبب نشاطاتها النووية سيبقى قائما خلال مدة الاتفاق بشكل يسمح باعادة تطبيقه في حال كان الاداء الايراني غير مقنع. في حال وجود نزاع سيكون هناك آلية تسمح لأي طرف من أطراف الاتفاق بحل الاختلافات التي تنشأ بخصوص موضوع الالتزامات. اذا لم يتم حل موضوع “الاداء غير المقنع لايران” من خلال هذه العملية، عندها سيتم اعادة فرض كل العقوبات التي كانت صاردة عن مجلس الأمن سابقا.
– تعليقي: هذه النطقة مهمة جدا، وفي كلتا الحالتين لا يبدو انه يوجد رادع حقيقي لايران يمنعها من الخرق. هناك من يراهن على انّ التنازلات المقدمة لايران في هذا النص ستغريها بان لا تقوم بخرقه على اعتبار انها ستصبح دولة نووية معترف بها في نهاية الفرتة الزمنية وببرنامج صناعي نووي وسيظل لديها القدرة عندما تشاء على انتاج قنبلة نووية مع قدرات تقنية أعلى واكثر كفاءة بعد الانفتاح على العالم.

(السورية نت)

السابق
السعودية ستصل لمرحلة العملية البرية باليمن
التالي
فتح ابواب الاقتراع للانتخابات الرئاسية والتشريعية في السودان