قانون السير الجديد وفساد المواطنين قبل المسؤولين

قانون السير الجديد لبنان
يأتي قانون السير الجديد بينما ذهنية الفساد تعيش في رؤوس المواطنين والمسؤولين. فما الذي يمكن توقعه من قانون قد يصبح شكليا في تطبيقه وجزءا من المحسوبيات و"الواسطة"..

في بلد يكون الاستمرار بالعيش فيه صدفة، مع كل ما يواجهه المواطن من تقصير من قبل المسؤولين وفساد في شتى الميادين الحياتية، بدءاً من سياسة فاشلة لبلد بلا رئيس مروراً بالقوانين والإدارات والمؤسسات العامة والمواد الغذائية (بما فيها أطعمة الأطفال، اللحوم، الخضار والفاكهة، الأجبان، والمواد الاستهلاكية والأدوية)، كذلك المستشفيات ومراكز التجميل، ناهيك عن الفساد الأخلاقي وارتفاع مستوى الجريمة وانحطاط المستوى الفكري والاعلامي، وصولاً الى مجتمع منحلّ نتيجة الفقر والجشع وغياب الرقابة والمحاسبة وانعدام المبادئ والتربية ومقومات التنمية بأبعادها المختلفة… يطل علينا قانون سير جديد ببنود واضحة وشروط قاسية وجد فيه واضعوه حلّاً لكل مشاكل لبنان.

هو القانون الذي لطالما طالبت فيه الجهات التي عانت من آثار حوادث السير والجهات التي مازالت تعاني من ازدحام الطرقات ومخالفات السير المعيقة لحركة المرور.

أما اليوم وقد أعلن اقتراب موعد تطبيقه، انقسم الشارع اللبناني الى مؤيّد بترحيب ومعارض بشدّة- لا بل مستاء من قانون اعتبره مجحفاً بحق المواطن وظالماً له سيما وأن بعض الغرامات المفروضة تتخطى قيمتها في بعض الحالات الحد الأدنى لدخل الفرد. كذلك اختلفت الآراء حول إمكانية تطبيق هذا القانون أو عدمها ويعود ذلك الى انعدام الثقة بمصداقية الدولة فيما يختص بتطبيق القوانين ومتابعتها وتجربة المواطن مع تطبيق قانون منع التدخين أكبر برهان حيث باءت بالفشل بعد المعارضة الشديدة من قبل أصحاب المقاهي والمطاعم، وبسبب فساد وجشع المراقبين واغتنامهم فرصة تطبيق القانون للاستفادة الشخصية منه وما قد يجنوه عند التغاضي عن المخالفات المرصودة.

تطرح هنا العديد من الأسئلة المحقة: كيف لدولة لا تقوم بواجباتها إزاء المواطن أن تطالبه بالقيام بواجباته؟ هل وضع الطرقات بما هي عليه اليوم من عدم صيانة وحفريات وإشارات مرور غير صالحة يسمح بفرض عقوبات على المخالفين؟ من واجب المواطن تطبيق القانون ولكن هل سيمتثل المواطن أم سيقوم بالإتصال بمعارف له لإلغاء الضبط؟ وإذا امتثل ودفع الغرامة، هل سترتد فعلاً الى صالحه أم أنها ستذهب مباشرة الى جيوب المسؤولين؟ مسؤولون بلا مسؤولية، طرقات بلا صيانة، شعب غير منتظم وقانون سير مع وقف التنفيذ.

يبقى أن أقول في النهاية : “هيك مسؤولين بدّن هيك مواطنين، وهيك طرقات بدها هيك مخالفات”.

السابق
وفاة الكاتب الالماني غونتر غراس حائز على نوبل للآداب
التالي
نائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي: العملية الانتخابية في السودان من دون جدوى