الجمهورية: إتصالات لاحتواء التصعيد وحماية الحوار

حزب الله وتيار المستقبل

تحوّلَ الحوار بنداً إلزاميّاً في كلّ بيان وموقف وتصريح يتضمّن هجوماً سياسيّاً أو ردّاً على الهجوم، وكأنّ هذا البَند الذي يؤكّد الحِرصَ على مواصلة الحوار كافٍ وحدَه لضمان استمراره، على رغم المناخات المحيطة غير المساعدة، في ظلّ التوتّر السياسي وعودة الاحتقان على أثر “عاصفة الحزم” ودخول أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصرالله على الخط بحَملةٍ سياسية غير مسبوقة على المملكة العربية السعودية، استُتبِعَت برَدّ طبيعيّ من الرئيس سعد الحريري وقيادات أخرى في “المستقبل” و14 آذار، وكان الاعتقاد أنّ الأمور ستقف عند هذا الحدّ، إلّا أنّ تكرار نصرالله لمواقفِه إلى “الإخبارية السورية” استدعى ردّاً مِن الحريري وردّاً على الردّ مِن رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمّد رعد، وردّاً على رعد من أمين عام تيار “المستقبل” أحمد الحريري. وفي حال استمرار هذه الوتيرة التصعيدية سيكون مِن الصعب بمكان الحفاظ على الحوار الذي سَقط هدفُه الأساسي وهو تخفيف الاحتقان. ويبدو أنّ هذا السِجال سيكون بنداً أوّلاً في جلسة الحوار في 14 الجاري من منطلق النأي بلبنان قدرَ الإمكان، حيث يستطيع كلّ طرَف أن يعبّرَ عن رأيه ولكن من دون تحويل الأزمات الخارجية إلى أزمات لبنانية. وعلى عكس المناخ الانقساميّ السياسي، ما زالت القوى الأمنية تحَقّق الإنجازَ تِلوَ الآخر؛ فالجيش اللبناني يضبط الحدودَ بشكل وثيق، ويستكمل عمليّات ربطِها من خلال عمليات عسكرية تُكَلّل بالنجاح، والأجهزة الأمنية تواصِل تعَقّبَ الخلايا الإرهابية، في رسالةٍ واضحة أنّ لبنان ليس بيئة حاضنة للإرهاب، وأنّ الدولة لن تتساهلَ مع كلّ ما يهَدّد الاستقرار الداخلي.

في غَمرةِ التصعيد في المواقف السياسية الداخلية، خصوصاً على جبهتَي “حزب الله” وتيار “المستقبل”، تتسارع الاتصالات لاحتواء هذا التصعيد وحماية الحوار الذي سينعقد في جلسته العاشرة الثلاثاء المقبل، ويلعب رئيس مجلس النواب نبيه بري دوراً محورياً في هذا المجال، خصوصاً بعدما بدأت تنتابه مخاوف على مصير هذا الحوار، بعدما ارتفعَ منسوب التصعيد بين طرفَيه.
وقد قطع بري دابرَ المخاوف والإشاعات التي صبَّت في خط التشاؤم إزاءَ هذا الحوار عبر إصدار مكتبِه الإعلامي أمس بياناً مقتضَباً ردّ فيه على التشكيك باستمرار الحوار، وجاء فيه: “طالعَتنا أخبار في صُحف اليوم (أمس) تشَكّك باستمرار انعقاد جلسات الحوار أو تأجيلها.
يؤكّد الرئيس بري أنّ الحوار قائم ودائم لتحقيق كلّ ما هو في مصلحة لبنان وبإصرار من الطرَفين، والجلسة المقبلة كانت وهي باقية بعد العطلة مباشرةً، أيّ في 14 نيسان”. وفي المعلومات أنّ “حزب الله” أبلغَ إلى برّي نيتَه الاستمرار في حضور جلسات الحوار، على رغم المناخات الضاغطة والحَملة التي يتعرّض لها، والكلام الذي يقوله مسؤولوه ووزراؤه ونوّابه واضحٌ لجِهة فصلِ الملفات الخلافية.
وقالت أوساط سياسية بارزة في قوى 8 آذار أنّها غير متفائلة بالمرحلة المقبلة، “لأنّ عدمَ حَسم المعركة في اليمن سريعاً، سينعكس مزيداً من التطرّف في المواقف، وعندها قد يتعرّض الحوار للتعطيل، ما قد يضع البَلد مجدّداً أمام مخاطر أمنية وسياسية، وهذا قد يؤثّر بقوّة على الاستقرار الحكومي وعمل مجلس الوزراء”.
ولم يحجب الاهتمام بالحوار تتّبعَ التطورات الإقليمية على جبهاتها المتعددة، ومحاولة اقتناص فرَص إيجابية تؤسّس لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، في ظلّ الانطباع السائد بأنّ اتّفاق الإطار النووي بين إيران والدوَل الغربية لا بدّ من أن ينعكس برداً وسلاماً على الأزمات الإقليمية، على حدّ تعبير مرجع كبير أكّدَ لـ”الجمهورية” أنّه “على رغم تصاعدها فإنّ الجهود الديبلوماسية لا تزال متواصلة في مختلف عواصم القرار، خصوصاً في العاصمة الروسية موسكو التي تشهَد حواراً سوريّاًـ سوريّاً يؤمَل في أن يؤسس لحلّ للأزمة السورية، فيما الجهود الديبلوماسية في شأن الأزمة اليمنية تركّز على تحقيق حوار يمني ـ يمني يُقال إنّ ما يعوقه حتى الآن هو عدم الاتفاق على مكان لعَقدِه”.

السابق
هل أحبطت العمليات الاستباقية للقوى الامنية مخططا لتفجيرات واغتيالات؟
التالي
إلى المتضامنين مع طفل «الدانكن»: وماذا عن عمالة الأطفال؟