شظايا التأزّم الأقليمي تنتقل لبنان: مستقبل الحوار في خطر

الحوار

طاوَلت شظايا التأزّم الأقليمي لبنان، فشَنَّ “حزب الله”هجوماً على رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري بعد ردّه الأخير على مقابلة الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله مع قناة “الإخبارية السورية” والتي هاجَم فيها المملكة على خَلفية أحداث اليمن. وجاء هذا الهجوم بعد ساعات على زيارة الموفَد الرئاسي الإيراني مرتضى سرمدي للسيّد حسن نصر الله، حيث عرضَا للملف النووي الإيراني وتطوّرات المنطقة، ولا سيّما منها الوضع في اليمن.

وتنامت مخاوف جدية وفق “النهار” في اليومين الاخيرين على مصير الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” لم تبدده التأكيدات المتكررة من الفريقين لاستمرار الحوار، ولا حتى تحديد موعد جولته العاشرة في 14 نيسان الجاري. ذلك ان مضي “حزب الله” في حملاته العنيفة التصاعدية على المملكة العربية السعودية واستثارتها لردود حادة عليه من الرئيس سعد الحريري وقوى 14 آذار، بدأت كما أكدت أوساط مواكبة معنية تهدد ليس بتفاقم المناخ السياسي فحسب، بل بطرح جدوى استمرار ما يعتبر ازدواجية غير مقبولة في استمرار الحوار من جهة، وتقويض أهدافه من الجهة المقابلة.

ومع ان الطرفين وفق “اللواء” لا يزالان عاقدي العزم على مواصلة الحوار في الجلسة المتوقعة الخميس المقبل في 16 الحالي في عين التينة، الا ان طبيعة التجاذبات الإقليمية – الدولية تركت ذيولاً وتساؤلات عمّا إذا كانت المواجهة ستحتدم في الخليج، وعن انعكاسات ذلك على مجمل البلدان المتأثرة بالرياح الساخنة المنبثقة من تلك المواجهة، ومن بينها لبنان، حيث من المقرّر ان يزور الرئيس سعد الحريري واشنطن في 21 نيسان الحالي، حسب ما ذكرت المؤسسة اللبنانية للارسال.

وأعربت مصادر “النهار” عن مخاوف حقيقية بدأت تسري في كواليس الافرقاء المعنيين من ان يخفي التصعيد الاعلامي والسياسي المتدحرج “أجندة” اقليمية وتحديدا ايرانية ينخرط فيها الحزب بقوة لجعل بيروت ساحة تصفية حساب مع السعودية، الامر الذي سيؤدي الى هز الأسس التي قام عليها الحوار ولا سيما منها التهدئة وتخفيف التوتر السني – الشيعي.

وقالت مصادر “النهار”  ان الجولة المقبلة من الحوار في 14 نيسان قد لا تفضي الى أي نتائج ملموسة ما دامت الاجواء الساخنة والمتوترة أفرغت الحوار من محتواه وباتت تهدد بتحويره عن أهدافه المحددة الاساسية.

حتى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتمسك برعاية الحوار في عين التينة، لم يخف قلقه من التصعيد القائم. وقد سئل امس ما اذا كان يخشى على الوضع الامني في البلد في ضوء ما يجري، فأجاب أمام زواره: “الوضع الامني جيد، والجيش والقوى الامنية تقوم بالواجبات المطلوبة منها على أكمل وجه. لكنني بدأت أتوجس من التصعيد السياسي في الاعلام وأعتقد انه يجب ان يتناول الحوار بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” في جلسته المقبلة في 14 الجاري، هذه المسألة وسأطلب منهما مناقشة هذا الامر خصوصا وان مواقف كل طرف حيال مواضيع الخلاف من اليمن وسواها اصبحت معروفة وجرى اظهارها وترجمتها بنبرات عالية ولا احد سيغير موقفه وليس هذا المطلوب في الحوار”. واستشهد بالمثل القائل “إن كثرة الضرب تفك اللحام. وعلينا ان نتنبه”.

كتبت روزانا بو منصف في “النهار”: التناقض يتّسع بين حملة الحزب واستمرار الحوار

يتناقض الاحتقان الذي تسببت به مواقف الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في حملاته ضد المملكة العربية السعودية مستفزا ردود فعل مضادة لتوريط لبنان في عداء مع المملكة والدول الخليجية واحراج لبنان مع مجريات الحوار بين الحزب وتيار المستقبل الذي يتمحور على تخفيف الاحتقان. اذ بات السؤال كيف يمكن تخفيف الاحتقان في جلسات متباعدة في الوقت الذي يجري فيه رفع وتيرة التصعيد على نحو مستمر ويتم شحن النفوس؟ وهو سؤال واقعي اذا اخذ في الاعتبار انكفاء من يعتبرون حلفاء لـ”حزب الله” في الطائفة السنية عن الادلاء بدلوهم في هذا الاطار بل اعلان بعضهم مواقف مناقضة وعلنية على نحو اثار دوائر الحزب ودفعه الى اثارة تساؤلات جدية حول ابعادها والى اين يمكن ان تصل. ولا ينبغي تقليل هذا العامل اذا اخذ في الاعتبار مدى التعويل على فكفكة واختراق الطائفة السنية في لبنان كما في سوريا حيث يعتقد مطلعون ان ما يجري في مخيم اليرموك حيث فتح احمد جبريل الباب امام داعش للدخول الى المخيم انما يهدف الى احراج حماس من اجل ردها الى بيت الطاعة الايراني – السوري بعيدا عن محاولات التقارب مع السعودية من ضمن الاوراق التي يتم تعزيزها على هذه الساحة او تلك..

كتبت  ميسم رزق في “الاخبار”: المستقبل لتأجيل الحوار بسبب الغضب السعودي

في سياق آخر، يُدخِل التراشق الإعلامي بين حزب الله وتيار المستقبل، والسجال حول العدوان السعودي على اليمن والحملات الإعلامية المتبادلة، جلسة الحوار المرتقبة بين الفريقين الثلاثاء المقبل «في المجهول»، في ظلّ نية مستقبلية لتأجيل الجلسة ريثما تتضح الصورة. إذ استدعى تعليق الرئيس سعد الحريري على مقابلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخيرة، والذي اعتبر فيه المقابلة «حفلة شتائم بحقّ المملكة»، ردّاً من رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب محمد رعد، قال فيه: «نتفهم حراجة وضع الشيخ سعد (الحريري) وضيق صدره في هذه اللحظة الزمنية، لكن إدانة تدخل السعودية في اليمن وعدوانها العسكري هي التزام وطني ودستوري وإنساني وإخلاقي»، مشيراً إلى أن «تباين استراتيجي ومنهجي بين حزب الله وحزب المستقبل ينعكس دائماً في مواقف الفريقين وأدائهما تجاه الأحداث والتطورات المحلية والإقليمية، ومن ضمنها الحدث اليمني». ودعا «الحريري وكل فريقه والمتعاونين معه إلى وقفة ضمير…»، وأن يلتفتوا إلى «أهمية عدم تخريب لبنان وإثارة النعرات المذهبية والتحريض لمصلحة المعتدين…». وعلمت «الأخبار» أن تيار المستقبل يعمل لتأجيل الجلسة المقبلة مدة أسبوع على الأقل، على أن يكون مخرج التأجيل التذرع بوجود مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، خارج البلاد. وبرّرت مصادر بارزة في تيار المستقبل هذا المسعى بقولها إن «التوتّر المتصاعد والبيانات المتبادلة لا تسمح بعقد جلسة حوارية، ولقاءنا في ظل هذه الأجواء غير منطقي، ولا أحد يضمن ضبط إيقاع الجلسة وعدم تفلت المداخلات عن الإطار المقبول». وقالت المصادر إن «اقتراح التأجيل يُنسّق مع الرئيس الحريري، لكنه لم يُطرح بعد على الرئيس نبيه برّي». ولفتت المصادر إلى أن «الهجمة الشرسة التي يشنّها حزب الله على المملكة العربية السعودية لا يحتملها المسؤولون في الرياض، وما قاله المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي أمس ينذر بأن الأمور ذاهبة نحو التصعيد، ولا يمكن لنا كتيار مستقبل أن نذهب إلى الجلسة في ظل حال الاضطراب ونوبات الغضب الشديد التي تعيشها المملكة نتيجة الكلام الذي يصدر عن مسؤولين في حزب الله».

السابق
كيري يتّهم إيران بزعزعة استقرار المنطقة
التالي
رعد يرد على الحريري: الفَطِن هو من يتعلّم من التجارب السابقة