إسرائيل لم تعد مهمة لأميركا

على رغم تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلاته الصحافية الأخيرة في معرض دفاعه عن التفاهمات التي أمكن التوصل إليها في لوزان التزامه الكامل للدفاع عن أمن إسرائيل في وجه أي خطر يتهددها، فان هذا الكلام لم يستطع ان يزيل انطباعاً إسرائيلياً عاماً أن الولايات المتحدة بمفاوضاتها مع إيران خطت خطوة مهمة في الاتجاه المعاكس تماماً لها.

في الوقت الحاضر لا تنحصر مشكلة إسرائيل في جوهر الاتفاق الذي تمّ التوصل اليه مع إيران على برنامجها النووي، بل تتعداها الى الاستبعاد الأميركي الكامل لإسرائيل عن هذه المفاوضات خوفاً من إحباطها، واضطرار إسرائيل الى اللجوء الى التجسس من اجل الاطلاع على ما دار في غرف المفاوضات، والتدهور الكبير في العلاقة بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لم يعد من الممكن حصره بالخلاف الشخصي بين الزعيمين، بل بدأ يظهر أكثر فاكثر على أنه جزء من مفهوم أوباما الاستراتيجي في الانسحاب الاميركي من نزاعات المنطقة، وأسلوبه في”ادارة النزاعات” من الخلف.
هل انتهى الدور الإسرائيلي الذي كانت تعول عليه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في وجه خصومها التقليديين؟ سؤال يطرح نفسه بقوة في ضوء عملية خلط الأوراق الكبيرة الحاصلة في المنطقة وتبدل المشهد السياسي بصورة جذرية، وتحول إيران الخصم الشرس لأميركا محاوراً ودولة متعاونة، وابتعاد الولايات المتحدة عن حلفائها التقليديين من الدول العربية السنية وتحميل انظمة هذه الدول مسؤولية العجز عن مواجهة مشاكلها الداخلية وليس الخارجية فحسب على حد قول الرئيس أوباما في مقابلته مع توماس فريدمان مطلع الاسبوع.
من خلال الاتفاق بين الدول العظمى مع إيران فرضت الولايات المتحدة على الحكومة الجديدة التي من المنتظر ان يؤلفها بنيامين نتنياهو واقعاً استراتيجياً مختلفاً. فالخطر النووي الإيراني الذي كان على رأس جدول اعمال نتنياهو لم يعد موجوداً ويتعين عليه اليوم البحث عن خطر محدق آخر يهوّل بواسطته على الإسرائيليين. وإذا نجحت المفاوضات في توقيع اتفاق نهائي وشامل مع إيران في نهاية حزيران المقبل، فمعنى هذا ان على نتنياهو التعايش حتى نهاية 2017 مع العلاقة العدائية مع باراك أوباما، ومع الخطر الدائم أن تخرق إيران الاتفاق معها بعد حصولها على مطلب رفع العقوبات المفروضة عليها والاندفاع نحو صنع القنبلة.
الاتفاق مع إيران قد لايغير التحالف التاريخي بين إسرائيل والولايات المتحدة ولن يوقف الدعم المالي والعسكري الأميركي السنوي للدولة العبرية، لكنه سيشكل بداية مرحلة جديدة في مسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين لا بد ان تبرز نتائجها عاجلاً ام آجلاً.

(النهار)

 

السابق
خفايا معركة مخيّم اليرموك
التالي
سعد الحريري.. حذارِ!