مخاوف من أزمة بين لبنان والسعودية بسبب تصريحات نصرالله

تخوفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع عبر “اللواء” من ان تحدث التصريحات المتكررة لقيادة “حزب الله” في ضوء المواقف الأخيرة التي أطلقها الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، ونقلها “تلفزيون لبنان” الرسمي أزمة مع المملكة العربية السعودية، قد لا تقتصر على إلحاق الأذى باللبنانيين العاملين في المملكة أو في دول الخليج، وعلى مصالحهم، مع إدراك المملكة ان هذه المواقف لا تعبر عن رأي مجموع اللبنانيين الذين يقدرون للسعودية مساعداتها الكبيرة للبنان ودعمها للاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، والتي كان آخرها هبة المليارات الأربعة لتسليح الجيش اللبناني وامداده بما يلزم من عتاد واسلحة وذخائر متطورة لمواجهة المخاطر المترتبة عن الحرب السورية.

كتب حسين شبكشي في “الشرق الأوسط”: وهم حزب الله من “الداخل”

.. كنت أسكن مع والدي في لبنان بجوار النائب البعلبكي المرموق (والذي جاء بعد ذلك رئيسا لمجلس النواب وحضر اتفاق الطائف) السيد حسين الحسيني، الرجل الوطني المخلص والعروبي الأصيل، الذي لا يوافق على الكثير من المهاترات التي تحصل، وهناك النائب السياسي المحترم أحمد الأسعد سليل أسرة الأسعد العريقة، هو أيضا لا يوافق أبدا على تصرفات وتجاوزات فريق حزب الله وسياساته، وهناك العلامة السيد علي الأمين سليل الأسرة العلمية العريقة، الذي يقوم بمحاولات أسطورية لسد باب الفتن، والاعتراض الصريح على خطف الطائفة إلى الخطاب الإيراني المتشنج، الذي سيلهب وضع الطائفة في محيطها العربي الصرف (وهي مسألة تنبه إليها في السابق الشيخان محمد مهدي شمس الدين ومحمد حسين فضل الله، وغيرهما).  وهناك في نفس النطاق الديني أول أمين عام لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، الذي لا يتوقف عن التنديد بأفعال حزب الله، ويعارض بقوة حربه في سوريا، وهناك في عوالم الصحافة أقلام حرة وشريفة مثل حازم الأمين، ومالك مروة (نجل مؤسس جريدة «الحياة» كامل مرة)، وديانا مقلد، الذين يتبنون خطا وطنيا شريفا وصادقا ومحترما، يعترض على التصرفات الهوجاء للحزب، التي تزيد حدة التطرف والتشدد وتخرج الطائفة من محيطها العربي لصالح احتلال فكري وديني إيراني.  وطبعا، هناك حالة نديم قطيش الإعلامي المهني الوطني الذي يقوم بدور شبه أسطوري وبطولي في فضح وتفنيد أكاذيب وافتراءات حزب الله ومن هم معه وعلى شاكلته. هناك الكثير من الأسماء الوطنية من الطائفة التي تعترض وترفض أن «تخطف» ويهدد مستقبلها تحت «وطأة» سلاح حزب الله نظريا وعمليا ويدركون أن تأييد حزب الله هي مهمة انتحارية من الناحية السياسية والاجتماعية مهما طال الزمن أو قصر. وهم حزب الله بدأ كثير يدركونه على الصعيد العام وحتى داخل الطائفة نفسها.

كتب علي الأمين في “البلد”: عن الموت الذي يحاصرنا وآلهة الدم والجماجم

الموت إحدى الراحتين. ليست البلاد في عافية. لا حال يسعد ولا نطقٌ. الحياة اللبنانية نحو ضمور ويأس، فيما العزلات التي تعيشها المجموعات اللبنانية لا تفتح الباب نحو عوالم جديدة أكثر إلفة أو تغري بآمال البحبوحة… بل بعيش الناس كفاف يومهم “يا دوب”. الحياة تضمر، والعقل أيضاً، والآفاق تضيق وتنحسر لتتحول إلى جدران تألفها العين ويأنس بها العقل المثقوب الذاكرة. هي التي تتلاشى إلاّ على حكايا الزوايا، ومقولات الانتشاء بأناشيد “الفرقة الناجية”. الله هو “الأنا” لذا فالآخر هو الشيطان.. الموت أيضا هو الاستسلام للآلهة التي تنتشي من وليمة الدمّ. هو العجز عن ابتداع الحياة بحرفة تجاوز الآلهة التي صنعناها من تمر أجسادنا وسقيناها من دمنا لتروي عطشنا إلى الجحيم. ففي نشوة الغريزة يتحول القتل إلى فعل مقدس، إلى تمرين صباحي ومسائي نتلقن أدواره في حلقات، نتقاسمه بالعدل والقسطاس كي لا يخرج يوما أحد ويقول: “أنا بريء من دم الحياة”. هكذا تنحسر الحياة، تتلاشى في أقبية الظلام، تتحول السياسة إلى فعل قتل يومي، فعل انتهاك مستمر للاجتماع الانساني… وفي المشهد اللبناني ينكشف الواقع على أن القوة هي في قدرتك على ممارسة فعل القتل بنشوة المنتصر، في مدى قدرتك على أن تكون الهاً، تسجد لك الرؤوس المطأطأة حين تشتهي مشهد مزرعة البصل. ومن شروط اكتمال الألوهة قدرتك على جمع الجماجم لتقف على تلالها كي تقارع الحياة. هكذا تبدو الحياة طريدة في هذا الوطن. وما الأمن الوهمي الذي نعيشه إلا ذاك السكون الذي يسبق صوت طلقة الصياد وهي تخترق جسد الطريدة أو روحها. لبنان يختنق بعزلته، يتنفس ما ينفثه من رئتيه، يتحول إلى مساحة منسيّة، إلى فكرة مثقوبة برصاص مسموم. حراس الموت ترهبهم فكرة أن الوطن قد يستفيق، وأنّ ثمة في مكان عميق إرادة حياة قد تتسلل من تحت ركام الموت. الموت هذا هو العجز حين يتخفى بادعاءات الحياة الجوفاء. في لبنان ثمة أقزام يهنأون بالظلمة خلف الجدار، يريدون وطناً دون قامتهم، وطنا لا تسكنه الأحلام، بل تعشعش في ثناياه كوابيس، وتحتل أفراحه رقصات الموت. البلد حزين، تحكي الوجوه ما لا تدركه الألسن، يتسلل الموت كالنعاس، ولا صوت غير ضجيج الآلهة وقرقعة الجماجم الفارغة.

السابق
لبناني ضحيّة جنسيّة للبنانيّة عبر «سكايب»
التالي
المخللات.. المسرطنة!