هل من دور وسطي لحركة أمل في ظل الصراعات المتصاعدة؟

نبيه بري

نجح الرئيس نبيه بري في قيادة حركة أمل نحو بر الأمان السياسي والتنظيمي والقيادي من خلال التشديد على انعقاد المؤتمر العام الـ13 للحركة بعد تأجيل لمدة عامين، برغم كل الظروف السياسية والأمنية الصعبة التي تحيط بلبنان والمنطقة.

ومع ان المؤتمر لم يشهد تغييرات قيادية أساسية، لأنه جدَّد للرئيس نبيه بري وهيئة الرئاسة في قيادة الحركة، فإن مجرد انعقاده يشكل مؤشراً لدى بري والقيادة الحركية بالبحث عن كيفية تطوير أداء الحركة وإدخال دماء جديدة على بعض هيئاتها التنفيذية والعملية والسياسية. وقد انعقد المؤتمر في ثانوية الشهيد حسن قصير على طريق المطار بحضور حوالى 600 من قيادات الحركة وكوادرها وبمشاركة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان والسيدة رباب الصدر.

وناقش المؤتمر الوثيقة السياسية للحركة، وبحث العديد من الملفات والقضايا الحركية والداخلية.

فما هي الرؤية السياسية التي تستند إليها حركة أمل والرئيس نبيه بري في هذه المرحلة؟ وأي دور سياسي وسطي وحواري يمكن أن تؤديه الحركة في ظل الاصطفافات الطائفية والمذهبية والسياسية في لبنان والمنطقة؟

الرؤية السياسية للحركة

لكن ما هي الرؤية السياسية التي يستند إليها أداء الرئيس نبيه بري وحركة أمل في هذه المرحلة؟

منذ نشوء حر كة أمل على يد الإمام موسى الصدر فإنها حرصت على اتباع نهج سياسي يركِّز على الجمع بين البعد الإيماني والإسلامي وبين البعد الوطني اللبناني والانتماء العروبي، إضافة إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والمعيشية مع تبني خيار المقاومة مع رفض الانخراط في الحرب اللبنانية الداخلية.

وكانت التسمية الأساسية للحركة: حركة المحرومين، ثم جرى تأسيس أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) في اطار الدفاع عن الجنوب ومناطق المحرومين، وان كانت الحركة قد انغمست لاحقاً في الحرب الداخلية وخاضت حروباً متعددة واتجهت أكثر نحو البعد المذهبي واعتمدت اسم حركة أمل.

وواجهت الحركة منذ نشوئها حتى اليوم تحديات عديدة، بدءاً من خطف الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في ليبيا، وصولاً إلى الصراعات مع القوى الوطنية واليسارية وبعض الأطراف الفلسطينية، الى نشوء حزب الله والصراع الذي جرى بينهما لفترة طويلة، وكذلك حرب المخيمات القاسية.

لكن رغم كل هذه التحديات نجحت حركة أمل في الحفاظ على دورها الأساسي على الصعيد الداخلي وتحولت إلى جسر للتواصل والحوار بين مختلف الأطراف، بل ان رؤيتها السياسية المنطلقة من حماية الكيان اللبناني والاندماج في اطار الدولة اللبنانية والعمل من ضمن المؤسسات الرسمية أصبحت هي الخيار الذي اعتمده حزب الله لاحقاً، وفيما تمدد دور الحزب الى الخارج عبر الانخراط في الحرب السورية وفي العراق ومناطق أخرى، ركَّزت الحركة على البعد اللبناني في أدائها، وابتعدت قدر الإمكان عن الصراعات في لبنان والمنطقة دون ان تتخلى عن تحالفاتها السياسية والاستراتيجية مع حزب الله وإيران وسوريا والعمل في اطار قوى 8 آذار.

ومن يتابع أداء الحركة السياسي ويطَّلع على مواقف الرئيس نبيه بري ومواقف الحركة يلحظ محاولة التمايز الواضحة في أدائها السياسي وخصوصاً مع بقية الحلفاء في قوى 8 آذار.

الدور الوسطي والحواري

لكن هل يستطيع الرئيس نبيه بري وحركة أمل الحفاظ على الدور الوسطي والحواري، ان على الصعيد اللبناني الداخلي أو في الخارج، في ظل الصراعات التي تشهدها المنطقة واشتداد الفتن المذهبية؟

يؤكد المسؤولون في حركة أمل وبعض القريبين من الرئيس نبيه بري: ان برى وقيادة الحركة واعون لخطورة الأوضاع في لبنان والمنطقة، ولذلك كان هناك حرص قوي منذ عدة سنوات، ولا سيما بعد اندلاع الأزمة في سوريا وانعكاسها على الوضع اللبناني، على الحفاظ على أجواء الحوار والتواصل في لبنان والمنطقة. وقد أطلق الرئيس بري عدة مبادرات حوارية من أجل التواصل بين المرجعيات الدينية في العالم العربي والإسلامي وكان يشجع على عقد مؤتمر ديني إسلامي – مسيحي لمواجهة الفتنة والتطرف.

أما على الصعيد اللبناني، فقد تبنى الرئيس بري الدعوة للحوار والتواصل منذ ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخلال كل السنوات الماضية وهو صاحب المبادرة الأساسية في عقد مؤتمر الحوار الوطني وقد لعب دوراً مهماً خلال مؤتمر الدوحة بعد أحداث 7 أيار 2008.

ويتابع هؤلاء المسؤولون، في ظل تداعيات الأزمة السورية على الوضع اللبناني حرص الرئيس بري وقيادات الحركة على التواصل مع الجميع إلى ان نجحت المبادرة لإطلاق الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بدعم من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبتشجيع العديد من القوى الدولية والإقليمية.

كذلك كانت حركة أمل على تواصل مع كل القوى الوطنية والإسلامية ولم تتخذ مواقف حادة تجاه الأزمة في سوريا والمنطقة رغم تحالفها الاستراتيجي مع حزب الله وعلاقاتها المميزة مع إيران والقيادة السورية.

ويعتبر المسؤولون في الحركة ان استمرار الحوار والتواصل والعمل لمواجهة الفتنة المذهبية في المنطقة ومواجهة العنف والتطرف، من أولويات الرئيس نبيه بري وحركة أمل، لكن المطلوب من الجميع التعاون في هذه المهمة لأن الأوضاع المتفاقمة في لبنان والمنطقة، ولا سيما بعد أحداث اليمن تشكل خطراً على الجميع.

انطلاقاً من كل هذه المعطيات فإن حركة أمل رغم التحديات العديدة التي تواجهها داخلياً وخارجياً لا تزال قادرة على لعب دور وسطي وحواري في لبنان والمنطقة وقد تشكَّل انعقاد المؤتمر العام الـ13 للحركة فرصة جديدة لتأكيد هذا الدور وضرورة تفعيله في المرحلة المقبلة.

(مجلة الامان)

 

السابق
لماذا تم فصل محاكمة سماحة عن اللواء علي المملوك؟
التالي
تفاصيل دخول «داعش» اليرموك