الحلو: تعادل بين طهران والرياض لن يحل الازمة الرئاسية اللبنانية

خليل الحلو

أما وقد أنجز الاتفاق النووي بين ايران والدول الست في لوزان، وهلّل له الجانبان اللذان اعتبرا أنهما خرجا منتصرين من المفاوضات الماراتونية التي استمرت أكثر من عشر سنوات، انتقل اهتمام المراقبين الى رصد تداعيات هذا التفاهم على الشرق الاوسط والمنطقة، وما اذا كانت ستشمل خلط أوراق قد يطال لبنان الذي ربط أبناؤه استحقاقاته بالتطورات الاقليمية…

“المركزية” سألت العميد المتقاعد خليل الحلو عن قراءته للاتفاق، فاستبعد ان تكون له انعكاسات كبيرة على المنطقة. وشرح ان “الولايات المتحدة انشغالها الرئيسي اليوم في أوروبا حيث أزمة أوكرانيا ومناورات عسكرية روسية ضخمة تشمل اسلحة نووية مستمرة منذ 16 الشهر الماضي، برية وبحرية وجوية في البلطيق، وقد سبقتها مناورات أميركية كبيرة أيضا في دول البلطيق، انشغال واشنطن الاساس هو في اوروبا اذا”. وتابع “ايران تحتاج اليوم الى أقله 5 سنوات لتصنيع القنبلة النووية اذا تركت على راحتها، وتحتاج الى فترة اضافية لتحوّلها الى سلاح صاروخي، القضية ليست مسألة أيام كما يظن البعض، لكن طهران استخدمت الملف النووي اداة ضغط لنيل اعتراف بنفوذ لها في المنطقة، وهو ما نجحت فيه جزئيا. فالاميركيون غادروا العراق عام 2011 وسلموا البلاد و27 مليون عراقي الى طهران المتشوقة الى النفوذ، وكانت النتيجة ان بعد تمدد داعش في العراق والموصل وغيرها من المدن منذ 9 أشهر تقريبا، ما حققه الايرانيون بفعل تحالفاتهم في العراق محدود جدا، وما كانوا ليدخلوا تكريت مثلا او ليحرروا ديالى من داعش، لولا طيران التحالف”.

واعتبر الحلو ان “الاميركيين يتفاهمون اليوم مع ايران على كل المنطقة وليس على الملف النووي فقط”، مذكرا ان “هناك حلفاء لواشنطن في المنطقة هم تركيا التي لم تدخل مباشرة بعد في الحرب السورية وهي قوة موازية للنفوذ الايراني في سوريا، والحليف الثاني الذي أظهر قوته مؤخرا وهو السعودية التي انتزعت دعما لدورها في اليمن ضد ايران. اذا اميركا تضبط اليوم التوازنات في الشرق الاوسط، وتقول ممنوع على اي من السعودية وتركيا وايران التحكم بالشرق، والمطلوب توازن بين هذه القوى. الملعب الفالت اليوم هو سوريا والعراق حيث تتصارع هذه القوى، ولبنان الى الآن لحقته رذاذات الصراع، لكن لم ينغمس في الفوضى بعد ونأمل الا ينغمس”.

ورأى ان “الاتفاق النووي جزء صغير من هذه المشلكة الكبيرة”، موضحا ردا على سؤال ان “الاتفاق الذي تم ليس لصالح ايران كثيرا. فالايرانيون سيرتاحون الى حد ما ماديا لان العقوبات سترفع تدريجيا عنهم حسب مدى التزام طهران بالاتفاق الذي انتزع حريتها في التخصيب، وسمح لها بالتخصيب للابحاث فقط وليس لدرجة انشاء محطات كهرباء نووية مثلا. ونشير هنا الى ان الروس هم من يزودون محطة “بوشهر” بالوقود النووي ويأخذون النفايات النووية التي تسمح لهم بتصنيع القنبلة الذرية. يمكن القول ان ايران في الاتفاق، حافظت على ماء الوجه تجاه شعبها لجهة انها لا تزال تخصّب، لكن عدد آلات الطرد لديها تراجع عدده وبقي ثلثه فقط، وهذا لا يسمح لها بامتلاك قدرات نووية. كما ان الاورانيوم المخصب الذي كانت نسبته 20% ويمكن ان يرتفع الى 90%، أُنزل الى 5% منذ مدة. أما الاميركيون، فهم يرون انهم حققوا انجازا لانهم منعوا ايران من الحصول على سلاح نووي”.

الى ذلك، أشار الحلو الى ان “الاسرائيلي غير راض عن الاتفاق لانه يفكر دائما من زاوية الامن”، الا انه اسبتعد ان “يخربطوا” في المنطقة، فهم لا يمكنهم ضرب ايران لانهم يحتاجون موافقة ومساعدة اميركا لذلك، كما انهم لن يتمكنوا من ضبط ردات الفعل التي ستتركها خطوة كهذه. واستبعد أيضا اي “حرتقات” على الحدود اللبنانية، لان فيها مخاطرة، وتكون خطوة ناقصة من قبل تل أبيب.

هل ينسحب الاتفاق بين الجانبين على السياسة، فتحلّ بعض الازمات كالانتخابات الرئاسية اللبنانية؟ أجاب “الاتفاق انسحب اصلا على السياسة، حيث نرى الحوارات بين المستقبل وحزب الله وبين “القوات” و”التيار” وهي نتيجة تفاهمات تمت اصلا، لكني لا ارى ان التفاهم النووي سيؤثر اكثر في الوضع القائم. قد يخلق سجالات في المواقف بين كل طرف يعتبر انه انتصر عبر الاتفاق، الا ان في الامور الاساسية الحكومة باقية والرئاسة معلقة حاليا، فالسعودية تشعر بقوة بعد احداث اليمن وايران ارتاحت بعد الاتفاق النووي، وهذا يعكس تعادلا بين القوتين، ما يعني ان لا رئيس في الوقت الحاضر، الا اذا حل الروح القدس على المسيحيين واتفقوا على رئيس”! وأضاف الحلو “الرئيس اللبناني لا يغيّر في توازنات المنطقة، ليس رئيس لبنان من يسجل نقطة للسعودية أو لايران، كما انه لا يغير في التوازنات وهو محكوم بها، وليس للرئاسة اللبنانية حجم اقليمي لافت، هي شأن داخلي، وكل الفرقاء يقولون حاليا لماذا ننتخب اليوم طالما انه يمكن ان ننتخب الرئيس الذي يريده فريقنا لاحقا؟ وختم “المطلوب اليوم الاتفاق على رئيس وانتخابه لتمرير هذه المرحلة الخطرة لأن الناس تعبت جدا”.

السابق
ساويرس يفاوض باسم يوسف في حلف ضد السيسي
التالي
احتجاز سائقي شاحنات لبنانيين على الحدود الاردنية السورية