زحلة لم تتغيّر منذ العام 1981

من معارك زحلة

لم تتغيّر زحلة كثيراً عن العام 1981 عندما كانت محاصرة من الجيش السوري الذي دكّها بمدفعيته وراجمات صواريخه تحت عنوان “أمن البقاع من أمن دمشق”، وأنّ البقاع يشكّل الخاصرة الرخوة للدولة السورية.

في تلك الأيام كانت المدينة موحّدة في الدفاع عن وجودها وكان أهاليها موزّعين على خطوط المواجهة يحاولون الدفاع عن مدينتهم بما توفرَ من سلاح، يساندهم في ذلك مجموعات عسكرية محترفة قدمت من بيروت، وتولّت قيادة المحاور الاساسية والقتال على جبهات الجرد المتّصلة بجبال لبنان، والتي كانت تشكّل خط الإمداد للمدينة والشريان الذي عملت القيادة السورية على قطعه بواسطة هجمات عسكرية مركّزة.
لكن تغيّرت زحلة عن العام 1981 وكبرت أحياؤها السكنية كثيراً، والتلال التي كانت مراكز للقوات السورية ومرابض لدباباتها ومدافعها تقصف منها أحياء المدينة في كسارة والكرك والسهل وتلة الخزان ومزار السيدة العذراء الشهير، أصبحت في غالبيتها أحياء سكنية عامرة ومراكز تجارية ومدارس تفيض بإرادة الحياة والبقاء بدلاً من الموت وحمم النار الذي كان يرسله الجيش السوري على أحياء المدينة.

لم تتغيّر زحلة رغم هجرة الكثيرين وتوسّعت في كل الاتجاهات في دلالة على الصمود وحب البقاء، ولكن أبناءها تفرّقوا بين هذا وذاك من الاحزاب وخصوصاً بين 8 و 14 آذار، فيما فضّل بعضهم الوسطية عنواناً وملاذاً لهم، في مواجهة حروب الالغاء السياسية القائمة. لكن الأهم أن عاصمة البقاع التي كانت عرضة لهجمات الجيش السوري المدرّعة ونيران راجمات النظام السوري، أصبحت ملاذاً آمناً للكثير من السوريين الهاربين من نيران الحرب الأهلية في بلادهم. والملاذ الآمن لا يقتصر على اللاجئين السوريين الهاربين من نيران النظام والموالين له، بل يشمل المئات من العائلات من أبناء الأقليات السورية، الذين وجدوا في زحلة مكاناً آمناً يحسن استقبالهم وضيافتهم وتدبّر أحوالهم وأمورهم في انتظار هدوء الأحوال وعودة الأمان الى بلادهم.

ولم تتغيّر زحلة، فهي لم تعتدِ على أحد العام 1981 لكن النظام السوري أراد قمعها وابتلاعها. ولكن الاضاءة في ذكرى حرب زحلة، على ما يقوم به أبناء المدينة وفاعلياتها والاكليروس في المدينة من مساعدات ومبادرات خيّرة تجاه اللاجئين السوريين، ومنذ اربعة اعوام يستحق لفت الانتباه. وربما كان للأمر صلة بمبدأ الكرم والضيافة الزحلاوية، او ربما هي ثقافة التسامح والغفران وكلام السيد المسيح: “من ضربك على خدك الأيمن فدر له الأيسر”.
أيا كان الامر فإن زحلة لم تزل هي هي…
(النهار)

السابق
أحزاب لبنان «الدولية»
التالي
سعيد الماروق…معركة مع السرطان