«حزم» حكومي يصدّ زوبعة «حزب الله»

جلسة الحكومة اللبنانية

قالت “المستقبل” انه في سياق مكمّل لعاصفة “الحزم” الوطني في مواجهة رياح “الكراهية” للعرب التي أثارها “حزب الله”، أتت جلسة مجلس الوزراء أمس لتصدّ بحزم تلك “الزوبعة” التي أطلقها الحزب في فضاء الموقف العروبي للبنان بحيث أظهرت وقائع الجلسة انحيازاً حكومياً غالباً لمضامين خطاب الرئيس تمام سلام في قمة شرم الشيخ بينما وجد الحزب نفسه أمام عزلة مُحكمة أطبقت على نزعته “الحوثية” وحجمّتها ضمن إطار هامشي اقتصر على الإعراب عن “فشة خلق وتسجيل موقف” داخل الحكومة وفق ما نقلت مصادر وزارية لـ”المستقبل”، فخلص النقاش الذي استغرق معظم وقت جلسة مجلس الوزراء إلى اعتبار اعتراض “حزب الله” على موقف لبنان الرسمي في القمة العربية لا يعدو كونه “زوبعة في فنجان” لا تأثير لها على التضامن اللبناني مع موقف العرب.

وأفادت مصادر وزارية لـ”النهار” أن سلام استهل الجلسة بمداخلة أكد فيها أن كلامه في قمة شرم الشيخ لم يأخذ في الاعتبار إلا مصلحة لبنان واللبنانيين وجاء موزوناً، وهو لا يقول ذلك دفاعا عن نفسه بل ليشرح الموقف الذي قصد عدم الاساءة الى أحد وتعزيز التضامن العربي الذي ظهر مجدداً. وشدد على علاقات لبنان الوثيقة مع المملكة العربية السعودية وأفضالها الكثيرة عليه وكذلك علاقات لبنان مع سائر دول الخليج حيث للبنان مصالح أساسية يجب صونها. وأضاف ان موقف لبنان كان متميزاً في قمة شرم الشيخ وفي مؤتمر الكويت بفضل وحدة الموقف الوزاري.

وكان أول طالبي الكلام بعد سلام، وفق مصادر “النهار”، نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل الذي استغرب عدم ورود “إعلان بعبدا” في مقررات القمة العربية على رغم انه صار إعلانا رسميا ودولياً، مشيراً الى ان هناك ما يوحي بأن ثمة من غيّب الاعلان عن توصيات وزراء الخارجية العرب. وسارع وزير الخارجية جبران باسيل الى الرد، فقال إن “إعلان بعبدا” لم يكن مطروحا لكيّ يزال وتساءل لماذا لم يرد الإعلان في مقررات القمة العربية السابقة في الكويت عندما كان الرئيس ميشال سليمان لا يزال رئيسا للجمهورية؟ وعلم ان الوزير باسيل سيعقد ظهر اليوم مؤتمرا صحافياً يتحدث فيه عن هذا الموضوع.

وبعدما أنهى رئيس الحكومة استهلاليته السياسية في بداية الجلسة، بادر وزير الصناعة حسين الحاج حسن، بحسب مصادر “المستقبل”، إلى إبداء اعتراض “حزب الله” على خطاب سلام في القمة العربية باعتباره لا يعبّر عن وجهة نظر الحزب حيال الأزمة اليمنية قائلاً في معرض انتقاده التحالف العربي لإنقاذ الشرعية في اليمن: “نحن نعتبر أنّ ما يحصل هو عدوان على اليمن لأنّ الحوثيين مواطنون يمنيون والصراع هناك يمني يمني يجب ألاّ تتدخل فيه لا السعودية ولا تركيا ولا باكستان”.

وبادر وزراء تيار “المستقبل”، وفق مصادر “المستقبل” الوزارية إلى إبداء التأييد لخطاب سلام في قمة شرم الشيخ، أبرزهم وزير العدل أشرف ريفي الذي طلب الكلام، فقال: “بدايةً أود توجيه تحية لدولة رئيس الحكومة تقديراً لخطابه أمام القمة العربية، ثم لا بد لي من أن أذكّر أننا نعيش في ظل نظام برلماني حيث ممثل السلطة التنفيذية هو رئيس الجمهورية لكنّ موقعه شاغر للأسف في الوقت الراهن، في حين أنّ رئيس الحكومة لا يحتاج لإذن من أحد للتعبير عن موقف حكومته ولا يوجد في لبنان مرشد للجمهورية”، متوجهاً في معرض تنويهه بأهمية الموقف العربي الأخير بالتحية إلى “السعودية ملكاً وحكومةً وشعباً وائتلافاً وسفيراً في لبنان”. أضاف: “نحن حريصون على استقرار لبنان لكن لم يعد من الجائز اتباع سياسة “النعامة” إزاء الأحداث العربية، فالبعض يتساءل عن دور السعودية وباكستان وتركيا في اليمن ويتعامى في المقابل عن الدور الإيراني هناك”، وأردف: “فليسمح لي الوزير الحاج حسن الذي قال إنّ الصراع هناك يمني يمني لأنّ مجموعة “أنصار الله” في اليمن تعني إيران، تماماً كما يعني “حزب الله” في لبنان والمليشيات المسلّحة في العراق”، محذراً من أنّ “طهران تقوم بأخطر دور في المنطقة حيث تنبش أحقاداً من 1400 سنة وتثير صراعاً مذهبياً خطيراً يسعى إلى تحوير الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي إيراني”. وقال: “نحن نرفض اعتبار الصراع الحالي سنياً شيعياً في المنطقة لأنّ هناك الكثير من أبناء الطائفة الشيعية العرب ليسوا مع إيران ولا يؤمنون بولاية الفقيه، وأي تعامٍ عن هذا الواقع هو في الحقيقة هروب من الواقع، علماً أنّ البعض بات يذكرنا بمقولة “تحرير القدس يمرّ من جونية” حين يحاول تبرير التمدد الإيراني في المنطقة العربية بالقول إنّ تحرير فلسطين يمرّ من دمشق وبغداد ولبنان وصنعاء”.

وسجلت جلسة الحكومة بالأمس وفق مصادر “المستقبل” الوزارية جملة مواقف عبّر فيها غالبية الوزراء عن تأييد خطاب سلام في القمة العربية:

–          أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أهمية هذا الخطاب وسعى في الوقت عينه إلى تهدئة الأجواء من خلال الدعوة إلى تحييد الحكومة عن الغوص في تداعيات الأزمة اليمنية.

–          تطرّق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إلى ما حُكي على مدى خمس عشرة سنة عن “هلال شيعي” وما يُحكى حالياً عن تكوّن “هلال سنّي” في المنطقة فلفت الانتباه إلى أنه “عندما يصطدم الهلالان ببعضهما لا يصبّ هذا الاصطدام إلا في مصلحة نجمة داوود” في إشارة إلى استفادة إسرائيل من تحوير الصراع في المنطقة من عربي إسرائيلي إلى صراع مذهبي سني – شيعي.

–          أعرب وزير التنمية الإدارية نبيل دي فريج عن استغرابه تريّث “حزب الله” حتى مساء الاثنين ليسجّل اعتراضه على موقف رئيس الحكومة السبت الفائت أمام القمة العربية، مشيراً إلى أنّه كان قد حلّ صباح الأحد مع النائب علي فياض ضيفين على أحد البرامج الحوارية وحين سألت المذيعة فياض عن رأي “حزب الله” بموقف سلام في قمة شرم الشيخ أجابها بأنه خطاب مدروس لكي لا يزعج أحداً، وسأل دي فريج إزاء ذلك ما الذي حصل حتى غيّر الحزب رأيه في اليوم اللاحق فأقدم على انتقاد هذا الخطاب؟.

–          أشاد وزيرا “الحزب التقدمي الاشتراكي” وائل أبو فاعور وأكرم شهيب بهذا الخطاب بوصفه “خطاباً موزوناً صيغ بأفضل ما يمكن من عبارات”.

–          أثنى معاون رئيس مجلس النواب وزير المالية علي حسن خليل على شخص رئيس الحكومة قائلاً: “نحن نعرف جيداً كم أنّ دولة الرئيس سلام يعمل بجهد للحفاظ على الحكومة والبلد”.

–          أشاد نائب رئيس حزب “الكتائب” وزير العمل سجعان قزي بكلمة سلام العربية واصفاً إياها بالكلمة “الموزونة والمدروسة”. وقال ان كلام سلام لا يعبّر عن الحكومة فحسب بل عن دولة لبنان منذ العام 1943 وانضمامها الى جامعة الدول العربية والتزامها الوقوف مع العرب عندما يتفقون والحياد عندما يختلفون.

–          شرح وزير الاعلام رمزي جريج مضمون المادة 64 في الدستور التي تعطي رئيس الحكومة صلاحية التحدث بإسم لبنان.

–          دافع وزير الخارجية جبران باسيل عن نصّ الخطاب الذي أدلى به رئيس الحكومة أمام قمة شرم الشيخ وخاض في تفسير الحيثيات التي دفعت إلى اتخاذ هذا الموقف.

وبعدما أدلى كل من الوزراء بدلوه في هذا الموضوع، أنهى رئيس الحكومة النقاش بحسب مصادر “المستقبل”، بالقول: “ما عملتُه هو لصالح لبنان وليس الموقف الذي أعلنته في قمة شرم الشيخ سوى موقف لبنان التقليدي في كل القمم العربية”، مضيفاً: “قمتُ بالمستحيل كي أحيّد لبنان، وأنا إذ أشكركم على إبقاء النقاش داخل مجلس الوزراء إلا أنني أتمنى ألا يشكك أحد بموقفي لأنني أزين عباراتي “بالقيراط” من منطلق حرصي على البلد”، وختم سلام قائلاً: “عندما أرتأي اتخاذ موقف مناسب حيال أي قضية لست بحاجة إلى إذن من أحد لأعلن هذا الموقف”. ولفتت مصادر وزارية عبر “اللواء” إلى أنه عندما أعلن رئيس الحكومة أنه “ليس بحاجة الى إذن من أحد عند التحدث عن مصلحة لبنان”، علا التصفيق من قبل الوزراء، تأكيداً على أن الحكومة مستمرة، وكذلك الحرص على المصلحة الوطنية.

كتب عوني الكعكي في “الشرق”: البك

وماً بعد يوم يتبيّـن كم أنّ دولة الرئيس تمام سلام صبور وطويل الأناة ولكنه حازم في المواقف التي تحتاج الى الوقوف وقول كلمة الحق فهو لا يتردّد وبالذات عندما يتعلق الأمر بمصلحة لبنان. ذكرت سابقاً أنّ كلمة دولته في قمة «شرم الشيخ» تعبّر حقيقة عن رأي ومصلحة الأكثرية في لبنان. طبيعي أنّ هناك متضررين من كلمة الحق، ولكنهم قلّة ليس لهم مكان اليوم. أشرف الناس الوزير ريفي لم يتمالك أعصابه أمام الإفتراءات، وعندما كان يدافع عن موقف رئيسه، كان ذلك إنطلاقاً من مصلحة لبنان. من أسف أنّ المتضررين من تحييد لبنان أمام المجازر قرارهم ليس في أيديهم، وهذا ما يذكرني بمهاجمة الرئيس فؤاد السنيورة بأنّه «عبد مأمور عند عبد مأمور» وهذا القول ينطبق على الذين يتحاملون على الرئيس سلام اليوم. والقافلة تسير…

القوة العربية محط خلاف!

ولفتت “النهار” إلى انه خلال الجلسة عارض الحاج حسن إنشاء القوة العربية المشتركة التي كان يجب أن تنشأ من أجل القضية الفلسطينية وليس من أجل اليمن. وعقب باسيل على كلام الحاج حسن بأن القوة العربية المقترحة جاءت من مصر وكانت فكرتها مطروحة قبل أحداث اليمن. وتدخّل وزير الداخلية نهاد المشنوق وسأل الحاج حسن ما اذا كان يعرف ان القوة العربية المشتركة اتفق على انشائها من دون موافقة اميركا ولا اسرائيل، فهل انتم مع اميركا واسرائيل في هذا الموقف؟

خلاصات الجلسة

ولفتت “النهار” إلى أن الحكومة خرجت أمس مزهوة بتجاوزها اعتراض “حزب الله” على كلمة سلام في القمة العربية الاخيرة، والذي، وان اثار نقاشاً مستفيضاً في جلسة مجلس الوزراء، أفضى الى بلورة غالبية وزارية واسعة مؤيدة لموقف سلام ولو تمسك الحزب بموقفه المتحفظ عنه. ولخصت عناوين مناقشات الجلسة بالآتي:

أثبتت نتائج مناقشات الجلسة أن جميع الأطراف متمسكون بالحكومة.
ظهر “حزب الله” معزولاً حتى عن حلفائه في حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر”.
لا أحد يزايد على الرئيس سلام في رئاسة الحكومة ورئيس الحكومة لا يستأذن أحداً ليعلن موقفه.

مقاربة مسؤولة

ورأى مصدر وزاري عبر “اللواء” أن الذي جرى يثبت أن مقاربة اللبنانيين لنقاط الاختلاف إزاء ما يجري في الخارج تتسم بالمسؤولية، وهي تعني أنه ليس من الضروري عند كل اختلاف أن تحدث أزمة، فثوابت كالاستقرار ومواجهة الإرهاب وعدم العبث بالأمن الوطني وتحرير العسكريين المخطوفين والحفاظ على مصالح اللبنانيين داخل لبنان وخارجه، لا سيما هؤلاء العاملين في دول الخليج تتجاوز موقفاً من هنا أو موقفاً من هناك.

الحاج حسن لسلام: ثقتنا بك كبيرة وما زلنا إلى جانبك

وكشف مصدر وزاري لـ”اللواء” أن الوزير الحاج حسن حرص على أن يتحدث إلى الرئيس سلام بعد انتهاء الجلسة، وقال له: “يجب أن تعلم يا دولة الرئيس أن ثقتنا بك كبيرة، لكن السياسة تفرض أحياناً اتخاذ بعض المواقف، لكننا إلى جانبك”.

السابق
هل يستسلم الحوثيون؟
التالي
السنيورة في أبوظبي: مصلحة الغرب أن يربح الاعتدال العربي المعركة