«مسافة السكة» و«عاصفة الحزم»

توافَقَ قادة عرب على إنشاء قوة عربية مشتركة، لمواجهة التحديات وصيانة الأمن القومي العربي. وسيجتمع رؤساء أركان القوات المسلحة في الدول الأعضاء، لدرس كل الجوانب المتعلقة بإنشاء القوة المشتركة وتشكيلها. ما هي ملامح هذه القوة، وما هو دورها، ومَا هي الدول الفاعلة فيها؟ هل هي قوة تدخُّل سريع تنتهي بانتهاء المهمة، أم ستكون قوة دائمة لحماية الأمن العربي من أي تدخل؟ وهل ستقتصر على دول التحالف العربي في عملية «عاصفة الحزم» أم تشمل دولاً أخرى؟.. القضية ليست في حجم هذه القوة، وتحديد قائدها ومكانها. المهم هو أفقها السياسي، ونوعية التهديد الذي ستواجهه. بعض الدول يرى في إيران تهديداً لأمنه القومي، وآخر يرى العكس. والخلاف بين الدول العربية في قضية الإرهاب شائك ومعقّد. فالإرهاب الذي تواجهه مصر، مثلاً، هناك من يرى أنه ليس إرهاباً. والقياس على حرب اليمن قد لا يكون متاحاً في حالات أخرى. لذلك، فإن هذا المشروع يواجه تعقيدات سياسية، تحول دون إدراجه ضمن قائمة ما يسمى «العمل العربي المشترك»، فضلاً عن أن مصالح الدول الكبرى في المنطقة، ووجود إسرائيل، لن تسمح بالتفكير بوجود قوة تعاود توحيد القرار العربي على نحو يهدِّد مصالح هذه الدول. هل يعني كل ذلك أن القوة العربية المشتركة مجرد حلم صعب المنال؟ بالتأكيد لا، وما لا يُدرَك كلُّه لا يُترَك جُلُّه. والحرب في اليمن قدَّمت نموذجاً لملامح هذه القوة، المطروحة للبحث، وأهدافها. و «عاصفة الحزم» يمكن أن تكون نواة لمحور قوة بين القاهرة والرياض، إضافة إلى دول الخليج، وترك الباب مفتوحاً لدول أخرى، لكن هذه الخطوة لن ترى النور تحت مظلة الجامعة العربية. لا شك في أن العلاقة بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي باتت في حاجة إلى مشروع يكرِّس ديمومتها، ويعبِّد طريقاً واضحاً لتنفيذ استراتيجية «مسافة السكة»، ويعاود تكرار تحالف «عاصفة الحزم».

(الحياة)

السابق
الفيصل: لسنا دعاة حرب لكننا جاهزون لها
التالي
المصريون عائدون…