الحكومة تهتز ولا تقع..

جلسة الحكومة اللبنانية

أشارت “النهار” إلى أن رئيس الوزراء تمّام سلام يعود من الكويت الى بيروت ليواجه جلسة سجالية لمجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم استثنائيا بسبب موعد جلسة مفترضة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية غدا. ولفتت “السفير” إلى أن هذا الخلاف يبقى قيد السيطرة وقابلا للاحتواء، مع استمرار الاجماع حول ضرورة حماية الحكومة والاستقرار. وتوقعت “النهار” ان تنهي جلسة اليوم الاحتدام الذي سبقها في ظل تمسك الجميع بحكومة لا بديل منها راهناً الا الفراغ الشامل في المؤسسات. ورجحت ان يتراجع السجال بعد جلسة اليوم في ضوء التباين بين الحلفاء في المواقف من كلمة سلام في قمة شرم الشيخ، إذ فيما اعلن وزير “حزب الله” حسين الحاج حسن ان سلام انما عبر عن نفسه، صرح عضو كتلة “التحرير والتنمية” النائب قاسم هاشم لوكالة “اخبار اليوم” بأن “سلام عبر عن موقف الحكومة ولبنان رغم تحفظنا عن بعض المفردات. لكنه كان حكيماً وحاول مراعاة الجميع”.

وفي التفاصيل التي أوردتها “النهار” ان السجال الكلامي الذي سببه هجوم الامين العام لـ “حزب الله” على المملكة العربية السعودية، واستدعى موقفاً داعماً للمملكة من الرئيس سلام، سيستكمل اليوم في مجلس الوزراء. فبعد ان يتحدث سلام مكرراً ضرورة انتخاب رئيس للبلاد في اسرع وقت، سيطلب وزراء من “حزب الله” الكلام، ويبدأ السجال الذي، واستناداً الى مصادر مواكبة، لن يصل الى حد انسحاب او اعتكاف وزراء الحزب كما حصل في 11 تشرين الثاني 2006 في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. لكن المصادر أضافت: “إن المواقف الاخيرة لسلام تذكر بمواقف السنيورة عامي 2005 و2006 وبالتالي تشكل خروجاً على الثقة التي منحها الحزب لسلام في 5 نيسان 2013 أي عندما سمّت كتلة الوفاء للمقاومة تمّام سلام لتشكيل حكومة جامعة”.

وقال سياسي في فريق “8 آذار” لـ”الجمهورية” إنّ وزيرَي الحزب الحاج حسن ومحمد فنيش سيكرّران خلال الجلسة الموقف الذي يعتبر أنّ رئيس الحكومة تفرَّدَ في ما قاله أمام القمّة ولم يُطلِع عليه مجلس الوزراء مسبَقاً. وسيؤكّدان أنّ اعتراض الحزب على موقف سلام لن يذهبَ إلى حدّ تعطيل مجلس الوزراء الذي يتمسّك باستمراره في مهمّاته مهما اشتدّت الخلافات السياسية.

وقالت مصادر بارزة في “8 آذار” لـ”السفير” ان من حق أي وزير ان يطرح ملاحظاته او اعتراضاته على أمر ما، داخل مجلس الوزراء، مشيرة الى ان الحكومة هي المكان الطبيعي لمناقشة كل الآراء. ولفتت الانتباه الى ان “حزب الله” احتكم الى منطق المؤسسات عندما قرر ان يطرح مسألة تفرّد رئيس الحكومة في إطلاق مواقف من الحرب على اليمن ودور السعودية، من دون التشاور مسبقا حول هذا الشأن في مجلس الوزراء. وشددت على ان السياسة الخارجية لا يرسمها رئيس حكومة او وزير لوحده، وإنما يحددها مجلس الوزراء مجتمعا، وهو الامر الذي لم يحصل قبيل ذهاب الرئيس تمام سلام الى القمة العربية في شرم الشيخ.

وقالت مصادر مطّلعة لـ”الجمهورية” إنّ الاتصالات التي جرَت في الساعات الماضية عقبَ تصريح الحاج حسن أظهرَت أنّ الحزب يصرّ على إثارة الموضوع في جلسة اليوم بالطريقة التي يراها مناسبةً وتؤدّي الهدفَ المرجوّ، وسيسجّل موقفاً في الجلسة، وهو على استعداد للمشاركة في نقاش عميق في موقف سلام تحت سقف ما هو حقّ من حقوق مختلف الأطراف، مع حِرصه الدائم على اعتبار أنّ مجلس الوزراء هو المؤسسة التي يجب أن تحتضن هذا الحوار.

وتوقعت مصادر وزارية عبر “اللواء” حدوث اشتباك محدود، وفي السياق نفسه، أكّد قيادي بارز جداً في فريق “8 آذار” ان حزب الله ليس في وارد فتح جبهات صراع داخلية في الحكومة أو في حوار عين التينة، أو أية مسألة يمكن ان تهز الاستقرار النسبي الذي يظلل لبنان. وقال: جل ما في الأمر، هو إيجاد الحزب لنوع من التوازع في إدارة الملف اللبناني والاكتفاء بمعالجة كل موضوع على حدة، دون اللجوء إلى فتح كل الملفات أو السجالات دفعةواحدة. وخلص إلى القول بأنه لم يكن بإمكان الحزب المرور مرور الكرام على التصريح الأخير لرئيس حكومة لبنان تمام سلام في شرم الشيخ، أو تصعيد الموقف ونسف الحكومة من أساسها.

كتبت هيام القصيفي في” الاخبار”: الحكومة الهشّة معلّقة على حبل العاصفة الإقليمية

لا تحتاج الحكومة إلى أي تبريرات لتأكيد هشاشتها، ولا لتأكيد مبررات وجودها. تبقى السجالات حول بعض القضايا مناوشات محدودة، لأن لا قرار بانفراط عقدها وسط العاصفة الإقليمية التي تزداد حدة. في الايام الاخيرة، تحدثت أوساط في تيار المستقبل بجدية عن قرار أبلغه العماد ميشال عون الى حزب الله بأنه سيعلق مشاركته في الحكومة إذا لم تضع يدها على التعيينات الامنية، وإذا سار حلفاؤه تحديداً في التمديد للقادة الامنيين. وتوسع إطار هذا الكلام ليُتداول في أوساط مسيحية، رغم أن معارضي عون من المسيحيين لا يثقون بأنه قد يقدم على خطوة من هذا النوع تخرجه من السلطة في الوقت الراهن، مذكّرين بأن نواب تكتل التغيير والاصلاح لم يقدموا استقالتهم من مجلس النواب حين مدّد لهم. لكن ناقلي هذه الاجواء «المستقبلية» أكدوا أن التمديد للقادة الامنيين سائر خارج الحكومة، على قدم وساق، وأن الحكومة مستمرة ولو انسحب وزراء عون منها، وستبقى حكومة تصريف أعمال كما حصل مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

كتب شارل جبور في “الجمهورية”: النأي لا يصحّ إلّا مع رئيس للجمهورية

.. «حزب الله» أراد توجيهَ رسالة إلى جمهوره ومكوّنات محور المقاومة بأنه لم يُغَطِّ موقفَ سلام في القمة العربية والذي «يعبّر عن قسم من اللبنانيين»، وفق ما جاء في بيان الوزير حسين الحاج حسن والذي يجسّد حقيقة الوضع كما هو عليه، خصوصاً أنّ الحزب كان سبق القمّة بشنّ حملة غير مسبوقة على المملكة العربية السعودية في موقف يعبّر عن القسم الآخر من اللبنانيين. فلو أراد الحزبُ فعلاً إثارة أزمة حكومية لما أصدر هذا البيان الرامي إلى امتصاص الاعتراض داخل بيئته، ولما أفسح في المجال أمام الاتصالات اللازمة من أجل تطويق هذه القضية، ولما أعلن تمسّكَه بالحوار على رغم حدّة الانقسام الإقليمي-المحلي، بل كان شنّ حملة على سلام ولوّح وتوَعّد وصعَّد وصولاً إلى تعليق جلسات مجلس الوزراء والحوار. ولكنّ الحزب ليس بهذا الوارد، وذلك لسببٍ بسيط كون مصلحته ما زالت تقتضي التبريد السياسي في لبنان من أجل أن يواصل تفرّغه للقتال في سوريا والعراق وربما اليمن، إنما هذا لا يعني أن يتغاضى كليّاً عن موقف لبنان الرسمي الذي يتناقض جَذرِيّاً مع موقفه وهو شريك أساس في الحكومة، وبالتالي من البديهي أن يُسجّل اعتراضاً من هذا النوع. وأمّا غير البديهي فهو أن يذهب بموقفه الاعتراضي إلى النهاية لسببٍ بسيط أيضاً وهو أنّ ممثل لبنان في القمة العربية رئيس الحكومة السنّي وليس رئيس الجمهورية الماروني، والفارق هنا كبيرٌ جداً، حيث إنّ الرئيس الماروني كان باستطاعته تحت عنوان تجنّب تحويل الأزمة اليمنية إلى أزمة لبنانية أن يُعلن حيادَ لبنان، وأن ينأى بموقف لبنان الرسمي، وكلّ الدول كانت ستتفهّم الموقف اللبناني، خصوصاً أنها حريصةٌ على أمنه واستقراره، لأنه خلاف ذلك يعني انتقال الأزمة الخارجية إلى داخل المؤسسات وتفجّرها لتنتقل لاحقاً إلى الشارع. ومن هنا أهمية انتخاب رئيس للجمهورية يكون على مسافة واحدة من السنّة والشيعة، من السعودية وإيران، ومن «المستقبل» و»حزب الله»، علماً أنّ حياد الرئيس يشكل مطلباً بهذا المعنى من أجل الحفاظ على الاستقرار القائم الذي يشكل بدوره مطلَباً سنّياً وشيعياً وسعودياً وإيرانياً..

كتب محمد شقير في “الحياة”: “حزب الله” لن يفرّط بالحكومة لتلازمها مع الحوار وحاجته الى غطائها

تستبعد مصادر وزارية أن يلجأ «حزب الله» الى تصعيد موقفه في اتجاه الانسحاب من الحكومة أو الانكفاء عن حضور جلسات مجلس الوزراء على خلفية الموقف الذي اتخذه رئيسها تمام سلام في قمة شرم الشيخ من العملية العسكرية التي قادتها المملكة العربية السعودية بالتعاون مع عدد من الدول العربية لإعادة الشرعية الى اليمن وأيد فيه إنشاء قوة عربية مشتركة وتلبية نداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. ولقي موقف سلام رداً من الوزير حسين الحاج حسن اعتبر فيه أن ما أدلى به الرئيس سلام «يعبّر عن وجهة نظر قسم من اللبنانيين ولا يعبّر عن وجهة نظر لبنان الرسمي المتمثل بالحكومة وسنطرح هذا الأمر للنقاش في أول جلسة لمجلس الوزراء». وتتعامل المصادر الوزارية مع اعتراض «حزب الله» على موقف سلام على أنه يبقى في حدود تسجيل موقف لن يطوره الى الخروج من الحكومة. وتؤكد أن الحزب أراد من خلال ما صرح به الوزير الحاج حسن تمرير رسالة اعتراضية تتجاوز الساحة اللبنانية الى الخارج، وتحديداً الى الأطراف اليمنيين المناوئين لعملية «عاصفة الحزم»، خصوصاً في ظل رد الفعل الإيراني الرسمي الذي التزم فيه الأعراف الديبلوماسية ولم يذهب في هجومه على المملكة الى الحد الذي ذهب إليه السيد حسن نصرالله. وتلفت المصادر نفسها الى أن «حزب الله» توخى من رد الحاج حسن أن يعلم سلام بعدم موافقته على كل ما قاله في خطابه في قمة «شرم الشيخ»..

السابق
المصريون عائدون…
التالي
«حزب الله» يَحملُ على السعودية وسفيرها