بين الحوثيين و«حزب الله»

غالباً ما اقتدى الحوثيون بـ”حزب الله”. رفعوا راياته في تظاهراتهم وحملوا صور أمينه العام في تجمعاتهم. زعيمهم الشاب عبد الملك الحوثي صار يلقب “نصرالله اليمن”. خطبه الجماهيرية، وحركات يديه اثناء إلقائه إياها، وطريقة توجهه الى انصاره عبر شاشات كبيرة بدت الى حد كبير تقليدا لاطلالات نصرالله. حتى مضمون كلماته الذي يركز على العداء لاسرائيل والغرب بدا مقتبساً من خطب نصرالله.

التحرك التصاعدي للحوثيين وصولا الى اجتياحهم العاصمة صنعاء في 21 ايلول الماضي، عكس بوضوح تطلعاتهم الى تجاوز دورهم بصفتهم حركة دينية -اجتماعية في شمال غرب البلاد، الى اقامة دولة ضمن الدولة. ولا أحد يتوهّم أن ايران بعيدة من هذا الصعود السريع للجماعة التي كانت الى وقت قريب مغمورة. رئيس أركان القوات المسلحة الايرانية الميجر جنرال فيروز آبادي لم يقنع أحداً عندما قال في ايلول 2014 إن ايران “تصلي فقط” لـ”أنصار الله”. المستشار السياسي للمرشد الايراني علي اكبر ولايتي كان أكثر انسجاماً مع الواقع عندما أعرب عن أمله في أن يتمكن “انصار الله” من أداء دور في اليمن مشابه لدور “حزب الله” في لبنان.
يختلف المراقبون على مدى ارتباط الحوثيين بايران. جذور هذه الجماعة حقيقية وواضحة في المجتمع اليمني. هم ينتمون الى الطائفة الزيدية الشيعية القريبة من المذهب السني والتي يمثل أتباعها غالبية في شمال اليمن ونحو ثلث سكان البلاد. الا أنهم متهمون بالتقارب عقائدياً مع المذهب الشيعي الاثني عشري المنتشر في ايران والعراق ولبنان. وارتباطهم بالجمهورية الاسلامية ازداد بوضوح في السنوات الاخيرة، الامر الذي حقق لهم مكاسب كبيرة. فبعد” العزل” الخليجي والعربي والدولي للحوثيين رداً على غزوهم صنعاء، فتحوا جسراً جوياً مع ايران التي تعهدت توفير الوقود لمناطقهم وبناء محطات لتوليد الكهرباء. ولعل التقارير التي أوردتها الوكالات العالمية للانباء في 20 آذار الماضي عن افراغ سفينة ايرانية 185 طناً من الاسلحة للحوثيين في ميناء الصليف اليمني، تشير الى ان هذا التسليح ليس الا احدى الطرق التي حاولت بها طهران تحويل هذه الجماعة الى “حزب الله” جديد.
“عاصفة الحزم” التي ترمي الى منع نشوء “حزب الله” جديد في خاصرة الخليج تمثل ضربة لجهود ايران الرامية الى تجنيد القوى المحلية في شبه الجزيرة العربية. الا أنها لن تشكل سوى انتكاسة محدودة لتطلعاتها التوسعية. فمع أن الجمهورية الاسلامية سلحت الحوثيين ودعمتهم، فإن استثماراتها العميقة تركزت خلال العقود الاخيرة لدى “حزب الله” والنظام السوري والعراق. ومع بلوغ المفاوضات النووية مع الغرب ذروتها، من المرجح أن تلجأ طهران الى استثماراتها هذه للرد على النكسة اليمنية، تاركة الحوثيين واليمن كله يتخبط في حرب ساهمت الى حد كبير في اشعالها.

(النهار)

السابق
القصف السعودي على اليمن يصل الى حد الاجرام
التالي
مخاوف «الجبهة الداخلية» في إسرائيل: «داعش» بين بدو الأردن.. وصواريخ «حزب الله»