كيف نميّز الأفعى السامة.. وكيف نحمي أنفسنا منها؟

لا يختلف اثنان على ان رؤية اية أفعى تؤدي الى اشمئزاز نظري وذعر عاطفي، مهما اختلف لون الافعى او حجمها.. ومهما اختلفت معلوماتنا حول هذا الحيوان، لو كان بامكان العلماء الباحثين في علم الافاعي النصح بتبني كل انسان لافعى تماماً كتبنيه للكلاب، لفعلوا دون تردد ! على قاعدة ان عرف السبب بطل العجب. الثعبان أو الأفعى أو الحية، حيوان زاحف من ذوات الدم البارد، يتبع رتيبة Serpentes من رتبة الحرشفيات. له جسم متطاول، مغطى بحراشف، ولا توجد له أطراف، أو أذنين خارجيتين، وجفون ولكن ثمة حواف في جسمه، يعتقد أنها كانت تمثل أطرافه التي تلاشت.الثعبان من آكلي اللحوم يتواجد منه على الأرض 2700 نوع، تنتشر في جميع القارات، عدا قارة أنتاركتيكا وهي تتواجد بمختلف القياسات من 10سنتم للثعابين الصغيرة إلى عدة أمتار للثعابين الكبيرة، مثل الأصلة والأناكوندا التي قد يزيد طولها عن 7متر. معظم أنواع الثعابين غير سامة، أما الأنواع السامة، فتستخدم السم بشكل أساسي لقتل الفريسة أو إخضاعها، إذ أن كمية قليلة من سم الثعبان كافية لإحداث أضرار شديدة للضحية. استكمالاً لموضوع نشر سابقاً على موقع greenarea، وتحدث عن بعض “الخرافات” او بالاحرى المعلومات المغلوطة حول ” الافعى “، يشير الباحث في علم الزواحف والبرمائيات ومدير متحف التاريخ الطبيعي في الجامعة الاميركية، الدكتور رياض صادق الى وجود حوالي 25 نوع من الافاعي في لبنان، نوعان منها مسمّان.

ظهور موسمي

تظهر الافاعي موسمياً بكثرة، ابتداءً من شهر آذاري ونيسان وتنشط وصولاً الى نهاية شهر ايار (حسب نوع الافعى). وذلك بهدف التزاوج، ولكنها تستمر بنشاطها العادي طيلة الاشهر الدافئة. واذ يشير صادق الى ان الافعى لا تحب كثرة الظهور وبالتالي تكره الحرارة المرتفعة جداً فتلجأ للظلّ خاصة في اوقات الظهيرة، الا انها تخرج للتدفئة في الايام غير الحارة كثيراً، وذلك لانها بحاجة لاشعة الشمس لتدفئة نفسها. واذ ينفرد كل نوع افعى ببيئة خاصة به، يشير صادق الى ان الحية الفلسطينية السامة تعيش في المناطق الصخرية في حين تلك المسماة “برشا” فتعيش بين احراج السنديان. والانواع الاخرى تعيش في بيئات متنوعة وحتى على الاشجار وحول المنازل، وتحت الصخور الكبيرة… مثل الحنش الاسود. ومع حلول فصل الشتاء، تبدأ الافاعي بالتفتيش عن ملجأ يمكن ان تختبىء فيه. من هنا امكانية الدخول الى بعض المنازل. لا تعيش الافاعي ضمن مجموعات ، الا انها غالباً ما تخرج الى العلن اما بهدف الحصول على بعض الدفء او بهدف البحث عن افراد من نفس نوعها للتزاوج. واذ لا فرق كبير بين الانثى والذكر، الا ان هذا الاخير يمكن ان يكون ذو حجم اكبر.

سرّ التزاوج

ككثير من الحيوانات والحشرات، تتعرف الافعى الانثى على الذكر من النوع نفسه عن طريق الرائحة والشكل. تختار الانثى الذكر الذي تريده فتتراقص معه بشكل يلتفان به حول بعض. قناة التواصل الجنسي والخروج هي نفسها لدى الافعى الانثى والذكر، موجودة في مقدمة الذيل. ويملك الذكر عضوين للتواصل، على طرفي مخرجه، يلعب الدور الرئيسي في كونه كصنارة للتشبث بقناة الانثى، ويتم تنقّل الحيوانات المنوية عبر هذا الجسر الى داخل الافعى الانثى عبر مدخلين تملكهما هي الاخرى في قاعدة ذيلها. لهذا السبب تلتف الافاعي حول بعضها البعض عند التزاوج الذي يستمر لبعض الوقت. هناك طريقتان للتكاثر عند الافاعي، الاولى عبر الاباضة، فتبيض الافعى في مكان فيه ما يكفي من الرطوبة. لان قشرة بيض الافعى ليست مانعة لتسرب الرطوبة، وهي بالتالي معرضة للجفاف. وتفقس الافاعي الصغيرة بعد مدة تتراوح بين ستة اسابيع الى شهرين تقريباً. اما الافاعي السامة، فتترك البيض يتطور داخل جسمها، وعندما يحين وقت الولادة تخرج صغارها كل منها في كيس تمزقه لتتحرر منه. تختلف الحيات في الحجم بين صغيرة وكبيرة وتعيش من عدة سنوات الى عشرات السنوات، وتخلع عنها جلدها مرة كل عدة اسابيع، حسب نوع التغذية ونسبة نموها..

طعامها طازج!!!

تختلف نوعية اكل الافاعي بين نوع وحجم وآخر، فتلك الصغيرة تأكل الحيوانات الصغيرة كالحشرات او السحالي الصغيرة، في حين ان الكبيرة تأكل الجرذان والفئران والطيور وزواحف اخرى. لدى الافاعي القدرة ان تفتح فمها بشكل يمكّنها من أكل حيونات اكبر من حجمها. هذه القدرة ناتجة عن ان فكها الاسفل عبارة عن فكين منفصلين وهكذا ينفتح فكيها على مصراعيهما . تتميز الافاعي بخاصّية اكلها، فهي لا تأكل اية قوارض ميتة او اكل جاهز محضّر مسبق لها.. بل هي تقتل طريدتها بنفسها اما عبر خنقها، او عبر بخّ السم داخلها – والذي يفعل فعل العصارات الهضمية – التي تساعدها بالتالي على هضم فريستها.

كيف نفرّق بين الحيّات السامة وغير السامة في لبنان؟

في هذا الاطار، قدّم د. صادق بضعة مؤشرات تسمح للشخص التمييز في ما بين النوعين، اولها نسبة الطول الى العرض. فالافاعي السامة تبدو اكثر بدانة نسبياً من تلك غير السامة، التي غالباً ما تكون نحيفة وطويلة. المؤشر الثاني يطال شكل الرأس الذي يكون مثل المثلث لدى الافعى السامة بسبب وجود غدد السم خلف الففكين وتغطي رأسها قشور صغيرة. في المقابل، يكون الرأس بيضاوياً لدى الثعابين غير السامة في حين تغطي رؤوسها قشور كبيرة. واخيراً، لدى الافاعي السامة انياب متحركة في مقدمة فمها لحقن السم. وليس لدى الحيات الاخرى انياب مثلها. فضلاً عن انه لدى بضعة من الثعابين السامة انياب قصيرة في مؤخرة فكها(تحت العينين) تستعمل لتسميم الفريسة وقلما تشكل خطراً على البشر.

توازن بيئيحية

شدد صادق في حديثه اكثر من مرة على أن الافعى “حيوان مضطهد”، خصوصاً انها باغلبيتها غير سامة، فهي تؤمن التوازن البيئي بشكل كبير ولها الدور الابرز في التحكّم بنسبة القوارض. بحيث انها تخفف من اعدادهم ولديها القدرة حتى على دخول جحورها. على سبيل المثال، تحدث عن الحنش الاسود المنتشر بكثرة في المناطق البقاعية، الا انه يتعرض للقتل بشكل كبير ما ادى الى معاناة تلك المناطق من ارتفاع عدد القوارض بشكل ملحوظ.

كيف نتفادى استقطاب الافاعي؟

النظافة في البيئة المحيطة بالمنازل امر ضروري يقول صادق، فان شكّل محيط المنزل عامل جذب للقوارض، فهو حكماً سيجذب الافاعي التي كرر مجدداً انها لا تدخل المنازل قصداً بل بحثاً عن الطعام فقط. ولا تقصد الافاعي الاذى بالبشر، لذلك فان فحيح الافعى هو جرس انذار للانسان بانها تشعرت بالخطر، بذلك تنذره للابتعاد عنها، والا هاجمته كتدبير اخير.

طرق التعامل مع عضّة الافعى!!

يشدد صادق في هذا المجال، على ان الافعى، ان عضت، فلا يعني انها سامة. وان كانت سامة فلا يعني انها حقنت سمّاً، وحتى ان فعلت قد لا تكون كمية السم كبيرة. وبالتالي لا يعني ان في ذلك خطر الموت. بذلك، ينصح صادق بالتوجه الى اقرب طبيب او مستشفى بعد ربط العضو المصاب رباطاً يخفف ولكن لا يمنع حركة الدم من والى العضو المصاب. من الضروري عدم الشعور بالهلع او القيام بجهد كبير لان ذلك يساعد على انتقال الدم الحامل للسم بفاعلية أكبر الى أعضاء الجسم الاخرى. وعاد وكرر الى أن معظم العضات هي لأفاع غير سامة ومعظم اللدغات السامة لا تؤدي الى الموت. وبالتالي فان العوارض القوية لا تبدأ بالظهور الا بعد ساعات قليلة من العضة وتتمثّل بالتورّم والشعور بالالم والحرقة. وعن مقولة ان الافعى متى عضّت الانسان في كاحله، فالموت محتّم.. يقول صادق ان الخطورة في عضة الافعى السامة – ان لم يتم مداواتها – ان سمها يضرب العصب وان وصل الى القلب او الى الدماغ يمكن ان يؤدي الى تعطيلهما . لذلك اشار الى ان اليدين هما الاقرب الى القلب وبالتالي فالعضة فيهما خطرة..

(greenarea)

 

السابق
قاسم سليماني «إله».. من رمل وطحين
التالي
جنى فواز الحسن: أميل إلى تقصّي السلوك البشري الفردي والجماعي