عمل المرأة العربية.. بين أسباب التأييد وعوائق الاعتراض

بعد خروجها من العباءة التي فصلّها لها المجتمع بين دور الزوجة، الأم والمربيّة، وجعلها تزاحم الرجل في ميادين كانت حكرا عليه، ورغم التقدم الذي أثبتته المرأة العربية في ميدان العمل، بل وقدرتها وكفاءتها في مناصب عدة، إلا أن موضوع العمل كفكرة لم يتصالح معها الكثيرين، كما لاقى تأييدا من البعض الآخر.

لمعرفة الأسباب التي انقسم بينها المجتمع العربي بين مؤيد ومعارض لفكرة العمل بالنسبة للمرأة العربية، قمنا باستقصاء آراء من جنسيات عربية مختلفة.

“المرأة جبارة وتستطيع أن تحارب على عدة جبهات”، “ضحكوا علينا بأنه المرأة أخذت حقوقها وخرجت من المنزل”
هكذا تقول رجاء عزام دلغان (لبنان، 38 عاما، معلمة، وأم لطفلين) وتضيف أن التفاهم ضروري بخصوص عمل الزوجة قبل الارتباط، والمرأة جبارة وممكن توفق بين بيتها وأولادها وعملها، مضيفة “ضحكوا علينا بأنه المرأة أخذت حقوقها وخرجت من المنزل، لأنه صار عندن خادمة منزل، مربية أولاد، طباخة، وامرأة للسرير، مع معاش.. بدل أن يدفعوا أجورا” وترى أنه “من الضروري عملها، ليس لتحقيق ذاتي كما كنت أدعي أولى سنوات عملي، فتحقيق الذات لا يتطلب عملا يرهقك كأنثى، إنما ضرورة لغدر الزمن، لو ما بخاف من الزمن وأن أحتاج لمن يعيلني لتركت الوظيفة والتزمت المنزل أعتني بأنوثتي وأعيش الراحة بكل مقاييسها.. على أن ينفق الزوج ما يجب عليه”.

هذه قصتي مع أجل العمل..
أما الهام. بـ(الجزائر، 50 عاما) فتروي لنا قصتها مع زوجها في سبيل العمل إذ تقول: “قبل زواجي كنت أعمل كمعلمة مستخلفة، بانتظار الحصول على عمل يناسب شهادتي في علم النفس التربوي، وافق زوجي على ذلك ووعدني بالمساعدة باعتبار أن له علاقات مهمة، للأسف..، بعد الزواج مباشرة أخلّ بالاتفاق، مستندا على كونه ارتجالي ولم نثبّته كشرط في عقد الزواج. لم أجد بدا من الرضوخ أمام خذلاني من طرف عائلتي وبالأخص أمي، بدعوى “لا داعي للعمل وزوجك ما شاء الله عليه، أنجبي أبناءك وتفرّغي لهم”، وهذا ما حصل، أنجبت وربّيت ثلاثة أبناء، وبعد أن وصلوا إلى سنّ المدرسة بدأت أشعر بفراغ رهيب وأنا أرى من حولي من مقربات تعملن وبدأت أحس بفارق في الأداء الحياتي، فأعدت اقتراح العمل من جديد، لكن زوجي رفض، هذه المرة تمرّدت وقرّرت أن أمارس حقي وليغضب من يشاء، تحصلت على منصب عمل جيد كأخصائية نفسانية في مؤسسة تربوية، فرحت جدا، عدت لبيت أهلي مع أولادي، ألحقتهم بمدرسة الحيّ وتولى أبي رعايتهم لدعمي، أما أمي فرفضت. لكن زوجي انتقم مني، فسارع برفع دعوة طلاق وطالب بحضانة الأولاد بدعوى النشوز، وبما أن القضاء غبي في بلادنا كان لزوجي ما أراد، ولمّا زاد الطين بلّة أنني لم أهنأ بعملي، مدير المؤسسة لم يدعني بسلام، وأمي في البيت وزوجة أخي، كل الظروف كانت ضدي فلم أجد إلّا تقديم الاستقالة والعودة لبيت زوجي مهانة.

ومع أنني ضد عملها إلا أنني ضد جلوسها في البيت!
يجب وبإلحاح التفاهم حول العمل قبل الزواج وتسجيل ذلك في عقد الزواج، هذا ما قاله معاذ عبد الرحمن (المغرب، 30عاما، صحفي، أعزب) وإن كنت أرى ليس من الضرورة عملها، لكن ظروف الحياة وعوائقها الاقتصادية تضطر بعض الرجال إلى التنازل عن مبدأ تركيز الزوجة على ما هو أهم فيضطر بذلك أيضا للمساهمة بشكل أكبر في شؤون البيت، لا يمكنها التوفيق ليس بسبب تقصيرها، لكن التزامها بدوامها لا يتيح لها أداء أدوارها كما يجب، ترجع البيت وتجد زوجها يعاني من الأعراض  نفسها فمن سيلقي برأسه في حضن الآخر ليفرغ شحنة العمل السلبية، يجب أن يكون على أحدهما أن يكون جاهزا نفسيا وبدنيا لرعاية الآخر، ومع أنني ضد عملها إلا أنني ضد جلوسها في البيت أيضا.

تستطيع المرأة النجاح في العمل والبيت بشرط تعاون الرجل
أكد عماد فاضل(لبنان، 41 عاما، أعزب) أن التفاهم حول موضوع العمل ضروري، مضيفا أنها تستطيع تبوء كل المناصب وعدم الاكتفاء بالتعلم والزواج وترضى بهامشية دورها، كما يرى أن ضروري لتغطية التكاليف المادية التي باتت عالية، لا يوجد أمان وطمأنينة مع الرجل الشرقي الذكوري، ويمكن أن يتخلى عنها وأطفالها، فهي بحاجة اكتفاء ذاتي مادي تضمن به ضروريات حياتها دون بقائها تحت رحمة المجتمع، وهو الرأي نفسه الذي جاء به مصطفى ماهر (مصر، 26 عاما، أعزب)، فضلا عن مواكبتها للمجتمع و أسلوب الحياة ويمكنها التطلع لتطوير ذاتها بمتابعة دراستها، شعورها بالذات والاستقلالية إذا حدث ووجدت نفسها انفصلت بعد الزواج وتحملت مسئولية أطفالها، تُريد الاستقلالية وزهو الحضور بشراء احتياجاتها من خلال راتبها، أحياناً أيضاً تشعر بسعادة بتمكنها مساعدة الزوج من خلال راتبها لتحقق استقرار اجتماعي أو مادي للقدرة على تحمل أعباء الحياة..
العمل هو مسألةتخص المرأة وحدها دون الرجل!
ترى ميسم عرار (فلسطين،21 عاما، طالبة جامعية)، أن حق العمل هو مسألة تحص المرأة وحدها دون الرجل، لذلك لا يجب النقاش فيها قبل الزواج، وتستطيع التوفيق بمساعدة الرجل، لأن العمل ضروري بالنسبة للمرأة ما لم يسرق وقتها على حساب زوجها وبيتها واطفالها.

خلاصة
أسباب كثيرة كانت وراء انقسام العقلية العربية بين مؤيد ومعارض لعمل المرأة، وبين هذا وذاك، مازالت العربية تقتحم ميدان العمل بكل ثقة وهدفها واحدٌ إثبات الذات، التقدم، والنهوض بالمجتمع.

السابق
هذا ما لا تعرفونه عن اللوز الأخضر والوزن الزائد
التالي
مساعد «الألمانية» ترك صديقته حاملاً.. ومرضه ليس الإكتئاب