سرير لكل 700 مريض في الزهراني!

يستحق اكثر من 139000 مواطن، يشكلون سكان منطقة ساحل الزهراني رعاية صحية أفضل، توفر عليهم عناء النزوح نحو صيدا أو بيروت بحثاً عن علاج شاف وخدمات أفضل، فيما تفتقر المنطقة الى أي مستشفى حكومي ولو متواضع، يقدم إسعافات وخدمات طبية أولية قبل وصول المريض إلى مستشفى أكبر. وبذلك يمكن تقدير توافر سرير واحد لكل 700 مريض!

يغمز أحد المواطنين ويقول ممازحا: «إن شهرة ساحل الزهراني بزراعة الحمضيات جعلت البعض يعتقد أنه ليس بحاجة إلى رعاية صحية، لأن الدواء منه وفيه».
مستشفيان وحسب!
تتوقف الرعاية الصحية في ساحل الزهراني على مستشفيين اثنين خاصين «هما أشبه بمستوصفين»، يقول أحد سكان الصرفند. تضاف إلى ذلك معاناة المواطن في ما لو فكر في حجز سرير من أسرة وزارة الصحة أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، «فدائماً الحجة بعدم توافر أسرة» يقول حسن خليفة، ويردف: «يضاف الى ذلك حاجة هذين المستشفيين الى الكثير من التأهيل وإلى كادر طبي يعيد الثقة بخدماتهما، وهما؛ مستشفى علاء الدين ومستشفى خروبي العام في بلدة الصرفند، فيلبي الأول الذي يملكه الطبيبان حسن وإسماعيل علاء الدين بعض حاجات المنطقة الملحة، إذ يحتوي على نحو 100 سرير، يقدم الخدمات في المجالات الصحية الخفيفة والمتوسطة منذ 1979 ولكن، بشكل غير كاف، ويضم ستة اسرة في قسم العناية الفائقة. ويقوم بعمليات التمييل والبالون والرسور (القسطرة)، فيما تعاني نورا من فقدان والدتها جراء هذه العملية هناك. أما مستشفى خروبي الواقع قرب مفرق الصرفند، على الطريق العام الداخلي للبلدة، يضم من 80 الى 85 سريراً، وخمس غرف عمليات، يغيب عنها قسم عمليات القلب المفتوح وإجراء «القسطرة».
لذلك يضطر مواطنو ساحل الزهراني، للبحث عن ملاذهم الصحي والطبي في مستشفيات صيدا التي تبعد عن الصرفند نحو 15 كيلومتراً، إذاً، ما هو متوافر في ساحل الزهراني من عدد أسرة في هذين المستشفيين لا يتجاوز مجموعه 200 سرير، فضلاً عن ضعف في قسم الطوارئ من ناحية القدرة على تشخيص الحالة أو وجود حالات طارئة خارج عن طاقة المستشفيين في معالجتها، وقد كشفت حرب تموز 2006 النقص الطبي وغياب الإمكانيات في هذين المستشفيين، والإجماع على ضروة العمل على تطويرهما وتوسيعهما.
مستشفى السكسكية
أما عنصر المفاجأة لزائري المنطقة، «خبرية» وجود مستشفى حكومي وحيد في بلدة السكسكية، على علو 200 متر عن الساحل، وهو مبنى حجري، رُمّم عام 2011، لكن أبواب المركز أو ما يسمى بمستشفى لا تزال مقفلة من كل الجهات، ويغطيها الغبار.
كان المبنى، مركزاً يستخدم في «مشروع الليطاني»، لعلاج البلهارسيا التي أصابت بعض المواطنين يوم أطلق المشروع «في الستينيات»، بسبب استعمالهم مياه المشروع كمياه شرب، بيد أنه توقف عن العمل أثناء الحرب الأهلية، ثم جرى استخدامه كمختبر، وبعدها تحول إلى دائرة صحية تابعة لحركة «أمل» بإدارة الطبيب جمال شحرور، ومخفر درك، في العام 2005 رخّصته وزارة الصحة كمستشفى جراحة ليوم واحد، ورمّمه الصندوق الكويتي للتنمية. وعيّن مجلس إدارة له برئاسة المهندس علي حيدر خليفة، وأجرى مجلس الخدمة المدنية إمتحانات للمرشحين للعمل فيه، لكنه لمّا يزل مقفلاً حتى اليوم.
يشير مصدر مطلع في المنطقة إلى أن «المستشفى حصل على هبة ماليزية هي عبارة عن 20 سريراً، ولكنها نُقلت إلى مستشفى قانا، كون هذا المستشفى مقفلاً».
يشكو البعض من استمرار إقفال «مستشفى السكسكية الحكومي» حتى الآن، وإبقاء المنطقة من دون خدمات طبية تقدمها الدولة، فيما يبقى القطاع الخاص يستفيد من أمراض الناس. فضلاً عن تضييع عشرات فرص العمل عن أهل المنطقة في ما لو شغّل المستشفى. يقول علي حيدر: «كل المنطقة بحاجة للمستشفى مش بس الضيعة، مع أنو المستشفى مجهز بكل شيء ومسكر». ويتابع: «والله، الله بيعلم أكيد حدا إلو مصلحة من أصحاب المهنة».
فيما أكد رئيس مجلس إدارة مستشفى السكسكية علي حيدر خليفة أن المستشفى «سيعود مركزاً صحياً تابعاً للوزارة فور تجهيزه، وقد صدر مرسوم بإنشاء مستشفی أكبر بالقرب من «مجمع نبيه بري لتأهيل المعاقين» في الصرفند، أما بالنسبة للتجهيزات فقد تم نقلها الى مستشفی قانا «أيام الوزير علي حسن خليل»، حينها لم يكن المستشفى مكتمل التجهيز».
أضاف: «لو افتتح مستشفى السكسكية بهذا الشكل كانت المشكلة أكبر، صحيح أن المرسوم صدر في 2005، كان الهدف أن نمرر المرسوم ضمن التوزيع للخريطة الصحية، ولكن المستشفی كان «خربة»، تستخدم كمخفر للدرك ومستوصف، وعندما وافق الصندوق الكويتي في 2009 على ترميمه، وقدمنا كمجلس إدارة، طلبا لتجهيزه وافتتاحه في العام 2011 و2012 كمركز طبي؛ مختبر، أشعة، عيادات، ومركز إعطاء بطاقات.. عبارة عن مركز جراحة ليوم واحد، لكنه غير مهيأ كمستشفی عام، ومن ثم صدر مرسوم بإنشاء مستشفی جديد، ما أدى الى تأجيل الافتتاح».
الواقع الصحي في ساحل الزهراني بحاجة إلى تأهيل، على الرغم من وجود العديد من المراكز والهيئات الصحية والمستوصفات الأهلية والحكومية، التي تقدم الخدمات الطبية؛ في الصحة العامة، العلاج الفيزيائي والعلاج النفسي والصحي، مدعومة بجهاز تصوير شعاعي ومختبر وتصوير صوتي.
غير أن هذه المراكز على أهميتها تبقى غير كافية، وإن ما هو بحاجة إليه ساحل الزهراني الآن هو أن تقوم الجهات المعنية بالصحة العامة في لبنان من وزارتي الصحة العامة والشؤون الاجتماعية بخطة على صعيد النظام الصحي، وإنشاء «أو تشغيل» مستشفى حكومي يؤمن نوعية عالية من الخدمات الصحية، ويحقق الاكتفاء الذاتي للمنطقة، خصوصاً في الحالات الطارئة.
ما يحزن أبناء المنطقة، أنّ منها «خرج أحد أنجح وزراء الصحة الذين مروا على لبنان، ألا وهو الوزير (السابق) الدكتور محمد خليفة الذي لم يعر هذا الموضوع المُلِح أي اهتمام» يقول محمد حيدر.
كان من المتوقع أن يبدأ العمل في إنشاء وتجهيز مستشفى الصرفند الحكومي بين شباط وأيار سنة 2011 والانتهاء منه في شباط/أيار 2014. لكن الأمور لم تزل على حالها، «بل بوشر العمل في تجهيز مستشفى خاص ثالث في المنطقة عند مفترق بلدة اللوبية، تحت إسم مستشفى فقيه».

(السفير)

السابق
Nasrallah and his party dislike advice
التالي
نفير عام درزي: لسنا آزيديين ولا اشوريين سنقاتل ولن نسبى