عن موتى غبّ الطلب وشهداء بأمر مهمّة

موسى الصدر
يعلق بعض الشهداء الأحياء في لبنان في براثن ما قبل الموت وربما لن يموتوا أبداً طالما الحاجة تدعو إلى ذلك..

هذا العام يحتفل السيد موسى الصدر بعيد ميلاده السابع والثمانين، ويحتفل نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني ورئيس حركة أمل، (وفق سيرته الرسمية)، بعيد ميلاده السابع والسبعين، وتحتفل حركة أمل وجماهير المحرومين بـ«عيد» تغييب الإمام السابع والثلاثين؛ أما الليبيون، أو بعضهم على الأقل، فيحتفلون، عامنا هذا، بالذكرى الرابعة على سقوط «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى» وعلى مقتل مؤسسها وقائدها.

كل هذه الذكريات والسنوات والاحتفالات لم تَنَلْ مِن غياب السيد الإمام، وما زال أولياء ذاك الغياب عند شرطهم المشروط الذي أعلنوا عنه غداة الغياب: «لنا الصدر دون العالمين أو القبر»، والويل ثم الويل لمن يقول خلاف ذلك فـ«كل ما أشيع ونشر في الآونة الأخيرة من أخبار ملفقة في خصوص قضية الإمام المغيب السيد موسى الصدر ورفيقيه عار من الصحة جملة وتفصيلًا»، والقضية «قضية خطف [و…] الهدف هو تحرير الإمام ورفيقيه من مكان احتجازهم المجهول»؛ (الاستشهاد من البيان الصادر عن المكتب الاعلامي للرئيس نبيه بري في 10 شباط 2015).

لهذه الأسباب، ولكل الأسباب الأخرى التي تَقْتُلُ من الضجر في حال الإدلاء بها، يَنْزِلُ السيد موسى الصدر من شعب المفقودين اللبنانيين، («المخطوفين»، «المخفيين قسراً»)، منزلةَ الأيقونة، ويَنْزِلُ من الشهداء منزلةَ «الشّهيد مع وقف التنفيذ» بامتياز.

بالطبع، ليس كلّ المفقودين ممنوعون من الصّرْف في سوق «الشهادة» (شأن «موسى الصدر ورفيقيه»). وفي تصنيف «المفقودين» أيضاً، الدنيا، على ما أفتى الرفيق أسامة، «فسطاطان»: «بزنس» و«إيكونومي». ففي عام 1995، وكانت الأيام أيام إعمار وتبات ونبات، لا عدالة ولا حقيقة ولا من يحزنون، صَوَّتَ مجلس النواب اللبناني في 15 أيار 1995، (الموافق الذكرى السابعة والأربعين على إنشاء «الكيان الصهيوني الغاصب») على القانون رقم 434 الذي يُعَدّدُ الأصولَ الواجب اتباعها لإثبات وفاة المفقودين.

بصرف النظر عن السفسطات القانونية ذات الصلة بالموضوع، وعن مطالبات «المجتمع المدني» وشركاه، فهذا القانون ساري المفعول، وهو في محل تَوْفِيَةٍ غِبّ الطلب، مع الحِرْمان مِنْ لَقب «شهيد»، للآلاف من «المفقودين» اللبنانيين وغير اللبنانيين مِمَّن يستحيل «الإبراء» من دمهم.

خلاصة القول؟ تحصيل حاصل: مخطوف البزنس لا يموت موت مخطوف الإيكونومي. مخطوف البزنس، بخلاف مخطوف الإيكونومي، لا تقبضُ الملائكةُ روحَه دونما استئذان. مخطوف البزنس، «الشهيد» حكماً بدون نقاش ولا ترانزيت، لا يُغادر الحياةَ إلا بتكليف وأمر مهمة…

السابق
الأسد: «داعش» يتوسّع ويجذب ألف مجند شهرياً
التالي
«شيعة جبل عامل ونشوء الدولة اللبنانية» لتمارا الشلبي