«عاصفة الحزم» لبنانياً: لا تراجع عن الحوار الحريري: كراهية نصر الله للسعودية تستحق الإهمال

قبل ساعات قليلة من كلمة الرئيس تمام سلام امام القمة العربية في شرم الشيخ اليوم، انشغلت الأوساط السياسية برصد تداعيات “عاصفة الحزم” الجارية منذ منتصف ليل الأربعاء – الخميس الماضي في اليمن، والتي اتخذت ابعاداً إقليمية ودولية، وكان من الطبيعي ان يكون للبنان حصة من هذه التداعيات عبرت عن نفسها باظهار الانقسام في الموقف من التطورات العسكرية الجارية في اليمن.
ولم يتأخر الرئيس سعد الحريري في إعلان ردّ على ما جاء من مواقف على لسان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الذي ضمن كلمته التلفزيونية عند الثامنة والنصف من مساء أمس، والتي استمرت ساعة كاملة، هجوماً مركزاً على المملكة العربية السعودية ودفاعاً مستميتاً عن الدور الإيراني في كل من اليمن وفلسطين والعراق وسوريا ولبنان، متهماً المملكة بأنها هي التي عطّلت انتخاب رئيس جديد للجمهورية عبر “الفيتو” على النائب ميشال عون، لكنه أعلن تمسكه باستمرار الحوار مع تيّار “المستقبل” “لمنع انهيار البلد”.
في المنازلة الكلامية هذه، شدّد الرئيس الحريري على النقاط الآتية:
1- وصف كلام السيّد نصر الله بأنه عاصفة من الكراهية ضد السعودية ودول الخليج.
2- أكّد ان عاصفة الكراهية هذه لا تستحق سوى الإهمال لأنها وليدة الغضب والاحباط والتوتر.
3- أشار إلى ان الإصرار على وضع مصالح إيران فوق مصلحة لبنان أمر قائم منذ سنوات لم نعترف بجدواه ولن يدفعنا اليوم إلى مجاراته بردود متسرعة.
4- دافع الرئيس الحريري عن السعودية قائلاً: “قدمت للبنان وللدول العربية الخير والسلام والدعم الأخوي الصادق، وسواها قدم ويقدم مشاريع متطورة للحروب والنزاعات والهيمنة، والعلاقة معها ومع دول الخليج كانت وستبقى أكبر من ان تهزها الإساءات والحملات المغرضة”.
5- ومع ذلك، ختم الحريري “تغريداته” على “تويتر” رداً على نصر الله بالاعلان: “ولأن مصلحة بلدنا تعلو فوق كل اعتبار فإننا نؤكد على ضرورة مواصلة الحوار لحماية لبنان”.
مواقف نصر الله
اما مواقف السيّد نصر الله، فوصف الحجج التي قدمتها السعودية لشن الحرب على اليمن بأنها واهية، واتهم الرياض بالوقوف ضد ما اسماه “قضايا الشعوب في المنطقة في العراق وسوريا واليمن”، وأكّد في المقابل على المواقف الآتية:
1- ارتباطه بالسيّد علي خامنئي الذي وصفه بإمام المسلمين لكنه قال ان “ايران لم تأمرنا بأمر ولم تلزمنا بأي قرار”.
2- اعتبر ان من حق الشعب اليمني ان يدافع وأن يقاوم، داعياً إلى وقف الحرب على اليمن واستعادة مبادرات الحل السياسي.
3- دعوة القمة العربية إلى اتخاذ مبادرة لوقف الحرب في اليمن.
4- محلياً، جدد الموقف بأن المحكمة الدولية لا تعنينا، وكل ما يقال فيها، في إشارة إلى شهادة الرئيس فؤاد السنيورة، والتي لم يلحظ فيها اللبنانيون أية قيمة قانونية على حدّ تعبيره.
5- دافع عن إيران وقال انها ليست مسؤولة عن تعطيل الانتخابات الرئاسية في لبنان ولم تضع فيتو على أي شخصية.
في المقابل، تساءل عضو كتلة “المستقبل” النيابية النائب عمار حوري لـ”اللواء” عن أسباب عدم صدور مواقف نصر الله الدفاعية عن إيران من طهران نفسها؟ مشيراً إلى ان نصر الله جرب ان ينفي ان يكون ممثلاً لإيران في لبنان، لكنه أكّد في سياق آخر انه الناطق باسم إيران ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة العربية.
ولاحظ حوري أن نصر الله تحدث عن الفضائل الإيرانية في المنطقة، فيما صدى حبر الكلام الإيراني عن احتلال 4 عواصم عربية وعن الإمبراطورية الفارسية لم يجف بعد.
وقال أن نصر الله حاول أن يقدم حججاً للدفاع عن إيران، فكانت النتيجة عكس ذلك، إذ أدان إيران من حيث لا يدري.
أما بالنسبة إلى اتهام السعودية بتعطيل الانتخابات الرئاسية، وقوله أن أيران لا تتدخّل، قال حوري: “لا نعلم على من ينطلي هذا الكلام”؟.
وإزاء هذه المنازلة، أعربت مصادر سياسية عن ارتياحها لتمسّك: الفريقين: “المستقبل” و”حزب الله” بالحوار الذي ترعاه عين التينة، الأمر الذي يشير إلى أن القيادات اللبنانية، سواء في الحكومة أو في الكتل السياسية متمسكة بإبعاد الرياح الإقليمية الساخنة من الوصول إلى لبنان.
ولفتت إلى أن كلمة الرئيس سلام أمام القمة العربية اليوم ستعكس اعتماد سياسة النأي بالنفس بالنسبة للأزمة اليمنية، على غرار الموقف من الأزمة السورية، لتجنيب حكومته مخاطر الانقسام السياسي من هذه الأزمة، وهو الموقف الذي عبّر عنه وزير الخارجية جبران باسيل في كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، استناداً الى التعليمات التي أعطاها الرئيس سلام، بحسب ما كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي رأى أن “الجلوس في الظل أنسب للبنان في ظل غياب الإجماع اللبناني”.
تجدر الإشارة إلى أنه وزع أمس على الوزراء جدول أعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء التي ستعقد الأربعاء المقبل في الأول من نيسان بدلاً من الموعد الأسبوعي لاجتماعه، اي الخميس لمصادفته خميس الغسل لدى الطائفة المارونية، ومعظم البنود عادية مؤجلة من الجلسة السابقة.
حوار “القوات” – عون
وعلى صعيد آخر، أعرب عضو تكتل الاصلاح والتغيير النائب ناجي غاريوس، عن اعتقاده لـ”اللواء” أن التعديلات الطفيفة التي سلمها العماد ميشال عون أمس لرئيس لجنة التواصل والإعلام في حزب “القوات اللبنانية” ملحم رياشي على وثيقة “إعلان النيّات”، أدخلت كي تكون متوازنة، ولا تحمل تفسيرات عديدة، كاشفاً بأن الوثيقة على طريق الإعلان.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”اللواء” إلى أن عون أراد أن تكون طريقة استخدام البنود واضحة، بحيث كان التعديل في الصياغة وبعض المفردات والتعابير، كاشفة عن احتمال انعقاد لقاء آخر في الأسبوع المقبل بينه وبين النائب ابراهيم كنعان ورياشي، على أن يصار بعد ذلك الى الاتفاق على يوم لإعلان ولادة وثيقة “إعلان النيات”.
وتحدثت المصادر عن حرص الطرفين على تسريع هذه الولادة، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية، والتي تتصل بمعظمها بملف الانتخابات الرئاسية، وهنا العقبة الكأداء.
الجيش في جرود عرسال
إلى ذلك أشارت المصادر الى أن المواجهات الجارية عند السفوح الشرقية، والتي اتخذ الجيش اللبناني المبادرة فيها، تؤكد أن هناك التفافاً حول القوى الشرعية لمواجهة أية مخاطر من المسلحين المرابطين في الأراضي السورية.
وأكدت هذه المصادر أن وصول وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان وربما شخصية سعودية رفيعة للإشراف على وصول الأسلحة الفرنسية للجيش بتمويل سعودي في 20 و21 نيسان المقبل من شأنها أن تؤكد الالتزام العربي والدولي بالاستقرار في لبنان.
ولفتت إلى أن وصول الأسلحة الفرنسية والأميركية الى المؤسسة العسكرية من شأنها أيضاً إيجاد نوعية في إداء الجيش اللبناني على السلسلة الشرقية، وتوفّر له تفوقاً ملحوظاً على المسلحين، مع الأخذ بالاعتبار أن الجيش لا ينقصه العديد بل العتاد، وهي الحاجة التي ستأتي هبات الأسلحة لتملأها.
وكانت وحدات من الجيش نفذت فجر أمس عملية عسكرية سريعة وخاطفة في منطقة جرود عرسال، تمكنت بنتيجتها من السيطرة التامة على بعض المواقع التي كانت تستخدمها التنظيمات الإرهابية بين الحين والآخر للتسلّل والإعتداء على مواقع الجيش.

وكشفت قيادة الجيش في بيان لها عن أنّ “قوى الجيش تمركزت في هذه المواقع، وباشرت تنفيذ الإجراءات الميدانية لتأمين حمايتها وربطها مع سائر المراكز العسكرية الموجودة في المنطقة”، مشيرة إلى أن هذه العملية “تأتي في إطار تأمين الحيطة الأمنية للمراكز العسكرية وللقرى والبلدات المتاخمة للحدود الشرقية، منعاً لتسلّل الجماعات الإرهابية والإعتداء على المواطنين”.

(اللواء)

السابق
واشنطن ستحارب «بكل قوة من يعتدي على السعودية» «عاصفة الحزم» تقطع أوصال الحوثيين
التالي
انقسام المواقف من أحداث اليمن بين مؤيد ومعارض