انقسام المواقف من أحداث اليمن بين مؤيد ومعارض

لليوم الثاني على التوالي، طغت التطورات المستجدة على الساحة اليمنية، وتداعياتها السياسية والاعلامية (أقله الى الآن) على سائر الاهتمامات على الساحة اللبنانية الداخلية، حيث يرقب الجميع مفاعيل “عاصفة الحزم” التي تقودها المملكة العربية السعودية ضمن تحالف يضم عشر دول، ضد “الحوثيين” المتحالفين مع جماعة الرئيس اليمني السابق عبد الله صالح، والمؤيدين بقوة من ايران… خصوصاً وان تداعيات ذلك برزت سريعاً في انقسام المواقف بين فريقي 8 و14 آذار، الذي عبرت عنه البيانات والمواقف والتي تعززت ليل أمس بطلة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، الذي حمل بعنف على السعودية واتهمها بأنها تشن عدوانا سافراً على اليمن من اجل الهيمنة عليه، مستعرضا تاريخ ما وصفه بالفشل السعودي على الصعيد العربي معددا امثلة فلسطين والعراق وسوريا ولبنان. ومن جهة ثانية برأ نصرالله ايران من تهمة تعطيل الاستحقاق الرئاسي معتبرا ان الفيتو السعودي على العماد ميشال عون هو الذي يعطل انتخابات الرئاسة. وفي المقابل اعتبر ان الشهادات التي تقدم امام المحكمة الدولية لن تستفز حزب الله.
وإذ حاولت مرجعيات سياسية وغير سياسية التخفيف من “سخونة المواقف” وضبطها ضمن سقف الاستقرار الداخلي الذي يشكل حاجة للأطراف كافة، بمن فيهم “حزب الله”، والذي فرض انطلاق الحوار مع “المستقبل” هذه الضوابط، فقد أكد عضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر ان الجلسة الحوارية التاسعة لن تتأثر بالتطورات اليمنية، وهو الكلام عينه الذي كان صدر عن الرئيس نبيه بري…
سلام في القمة: النأي بالنفس
وفي هذا، تتجه الأنظار اليوم الى القمة العربية التي تنعقد في شرم الشيخ، اليوم السبت وغداً الاحد… وما سيصدر عنها من نتائج ومقررات، فإن مصادر ديبلوماسية أكدت لـ”الشرق” ان القمة “لن تخرج عن سياق ما قرره وزراء الخارجية العرب في مؤتمرهم أول من أمس… لجهة تشكيل قوة عربية عسكرية، تشارك فيها الدول العربية بشكل اختياري تضطلع بمهام التدخل العسكري السريع، وما تكلف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء في الجامعة…”.
وعلى ما هو مقرر، فإن لبنان سيكون ممثلاً برئيس الحكومة تمام سلام، وسط تساؤلات عما سيكون عليه الموقف اللبناني الرسمي، وفي هذا، أكد وزير الثقافة روني عريجي “ان مجلس الوزراء، لم يتطرق في جلسته الأخيرة الى الأحداث في اليمن…” موضحاً ان الرئيس سلام سيتجه الى اعلان سياسة النأي بالنفس عن الأزمة اليمنية، على غرار الموقف من الأزمة السورية…” مشيراً الى “ان كل فريق سياسي في لبنان يؤيد فريقاً معيناً، ولكننا في الداخل اللبناني اجتزنا الأمر وحمينا البلد، وأتمنى ان يكون الأمر كذلك بالنسبة للأحداث في اليمن…”.
حوار عون – جعج… وانتشار الجيش

وإذ لم يسجل أي تطور على خط الاستحقاق الرئاسي، كما على خط الحوار المسيحي بين “التيار الحر” و”القوات” الذي وصف بأنه “يترنح” – على رغم لقاء الجنرال ميشال عون ومسؤول جهاز التواصل والاعلام في “القوات” ملحم رياشي في الرابية أمس، الذي اطلع من عون على التعديلات التي وضعها عون على مسودة بيان “اعلان النيات لنقلها الى رئيس “القوات” سمير جعجع – فإن المشهد الأمني عاد الى الواجهة من جديد حيث نفذ الجيش اللبناني عملية انتشار واسعة منذ صباح أمس، على السلسلة الشرقية، حيث قامت وحداته العسكرية بعملية تمركز وتموضع جديد في الجرود الجنوبية لبلدة عرسال وصولاً الى جرود بلدة الفاكهة وتلالها… وذلك وسط معلومات تحدثت عن جولة تفقدية للمنطقة، لقائد الجيش العماد جان قهوجي…
نقابة الصحافة عند دريان

إلى ذلك فقد استحوذت التطورات الاقليمية المستجدة، لاسيما على الساحة اليمنية على العديد من الأنشطة يوم أمس، خصوصاً على مستوى “المرجعيات الروحية”.
وفي هذا، وخلال استقباله مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي فقد أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ان “ما يحصل في دولة اليمن هو وضع شاذ، اتفق العرب على تصحيح المسار لانقاذ دولة اليمن وشعبها للعودة الى الشرعية…” على ما نقل النقيب الكعكي الذي نقل عن المفتي دريان تأكيده “ان أمن الدول العربية والأمن القومي العربي خط أحمر، ولن نسمح لأحد ان يتجاوزه او يتجاهله او يتلاعب به…”.
الشغور الرئاسي لم يعد مقبولاً

وفي الشأن اللبناني نقل الكعكي عن دريان قوله إنه “لم يعد مقبولاً ان تبقى سدة الرئاسة الأولى فارغة، وعلى السياسيين الاتفاق لانتخاب رئيس للجمهورية…” مؤكداً “ان انعقاد القمة الروحية في بكركي الاثنين المقبل، تأكيد على وحدة اللبنانيين وتضامنهم…” مشيراً الى ان “لدينا عدوين، الأول العدو الاسرائيلي والثاني الارهاب… وهما عدوان متطرفان”.
وفي السياق أشار المفتي دريان الى “اننا مقبلون على انتخابات المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى في العاشر من أيار المقبل… ونحن لن نتدخل في أي شكل من الأشكال بهذه الانتخابات…”.
مواقف روحية… وأحداث اليمن

من جهته، قال نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان، في خطبة الجمعة أمس، “ان ما يجري على أرض اليمن لا يقبله عقل ولا دين ولا ضمير ولا انسانية…” مؤكداً ان “اليمن ليست ايرانية ولا أجنبية فهي عروبية بكل معنى الكلمة وما جرى من عدوان عليها غير مقبول جملة وتفصيلا…” لافتاً الى “ان جامعة الدول العربية مطالبة بوقف العدوان على اليمن…”.
أما المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، وإذ “أدان بشدة العدوان على اليمن”. فقد طالب “الحكومة اللبنانية ان تنأى بنفسها عن هذا الصراع…” داعياً “اللبنانيين جميعاً بذل أكبر قدر ممكن من الجهود لمنع الانجرار والاستدراج الى الفتنة، التي اذا وقعت فسيكون الجميع حطباً فيها…”.
بدوره العلامة السيد علي فضل الله فرأى في “انفجار الوضع اليمني مرحلة خطيرة…” لافتاً الى “اننا لا نرى في التدخل الخارجي حلاً للأزمة… بل ان الحل هو في العودة الى الحوار…”.
في الشأن اللبناني قال فضل الله، فكرر “الدعوة الى الاسراع في تعزيز الاستقرار الأمني والسياسي ومعالجة كل الملفات المطروحة بروح مسؤولة…” مشدداً على “أهمية استمرار الحوار وتفعيله…”.
الوجود المسيحي مهدد في المشرق

على صعيد آخر، فقد بات مصير “الوجود المسيحي في المشرق” مصدر قلق ومتابعات على غير خط… جراء “الحوادث الجارية في المنطقة والتي أدت الى المزيد من الضحايا والتهجير القسري…” وجراء الشغور المتمادي في سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية…
وفي هذا، فقد أهابت “الهيئة التنفيذية للمجلس العام الماروني” بكل القوى السياسية المعنية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية لئلا تبقى البلاد ميتمة من راعي الدستور والساهر على الانضباطية والانتظام بين كافة المؤسسات، وعلى رأسها الحكومة… لأن الشغور الرئاسي أصبح يتهدد بشغور القيادات العسكرية والادارية…”.
ورأت ان “مجرد غياب الرئيس المسيحي الأوحد في الشرق يعد انتقاصاً لحق المسيحيين التاريخي… واذا كان من تظهير لخلاف ماروني يؤخر هذا الاستحقاق، فإن العلة لا تكمن في هذه المنافسة الصحية، بل ناجمة عن انعكاسات الاصطفافات التي تحدثها تحولات الأحداث في المنطقة وترخي بثقلها على التجاذبات اللبنانية…”.
من جانبه استقبل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في بكركي يوم أمس وفداً ضم وزراء ونوابا سابقين، سلمه “مذكرة عن الواقع المسيحي في المشرق”.
وأشار الوزير السابق جوزف الهاشم الى ان هذه المذكرة سيصار الى تسليمها الى سفراء الدول الخمس الكبرى وهي تتضمن أولاً نبذة تاريخية عن الصراع بين الشرق والغرب ومدلولاته، وتتناول ثانيا تناقص العدد المسيحي في المشرق وثالثاً فضل المسيحيين على العروبة والتراث العربي والثقافي واللغوي والفكري والقومي وانقاذ هذا التراث من التتريك…”. لافتاً الى أنه “لا يمكن للمجتمعات ان تستقر وتزدهر اذا قامت على الأصولية المذهبية…” ومشيراً الى “ان الوجود المسيحي يخفف من وطأة الصراع والنزاع المذهبي”.
الجميل يقرع جرس انذار

وفي محاضرة القاها في “جامعة بوسطن الاميركية” حول “التعددية الدينية في الشرق الاوسط”، دقّ رئيس حزب “الكتائب” أمين الجميل “ناقوس الخطر بفعل الحوادث الجارية في المنطقة… والتي أدت الى مزيد من الضحايا والتهجير القسري”. مديناً التطرف الديني في المنطقة بكل أشكاله، والذي يستهدف الآخر…” لافتاً الى ان “المسيحيين باتوا لا يشكلون سوى 5 في المئة من سكان المنطقة بعدما كانوا قبل الحوادث يشكلون نحو 20 في المئة”.
وإذ أكد الجميل ان “من مصلحة المجتمع الدولي حماية لبنان واستقراره” طالب بانتخاب رئيس للجمهورية يكون قادراً على تحقيق ثلاثة انجازات: اتمام المصالحة الداخلية، الشروع في الانماء الاقتصادي والاصلاحات الادارية، وتمثيل لبنان وحمل قضاياه الى المحافل الدولية”.
“الاحرار” يحمل عون و”حزب الله” المسؤولية
وفي السياق، فإن المجلس الأعلى لحزب “الوطنيين الاحرار” بعد اجتماعه الاسبوعي أمس، برئاسة رئيسه النائب دوري شمعون، توقف “أمام تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية المستمر منذ سنة، وأمام ايجابيات المعطلين اللفظية من اتمام الاستحقاق ومزايداتهم التي تناقضها مناوراتهم المشكوفة”، معتبراً ان “فريق العماد عون – “حزب الله” ووراءهما ايران هم الذين يتحملون حصراً مسؤولية الفراغ الرئاسي لأسباب شخصية بالنسبة للأول واستراتيجية بالنسبة لحلفائه…”.
القمة الروحية… والشغور
وفي الاطار عينه، وبعد زيارته رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، “مستطلعاً حقيقة التحرك الذي تقوم به بكركي عشية انعقاد القمة الروحية في ما خص الموضوع الذي يشغل بال الجميع، موضوع الفراغ الرئاسي…” أكد عضو “التغيير والاصلاح” النائب آلان عون، “ان الحوار مع “القوات” يمكن ان يكون أحد أبواب الحل…” لافتاً الى ان “الحوار مستمر وآمال اللبنانيين عليه كبيرة…” متمنياً “ألا يؤدي التباين بيننا وبين بكركي الى خلاف كبير…”.

السابق
«عاصفة الحزم» لبنانياً: لا تراجع عن الحوار الحريري: كراهية نصر الله للسعودية تستحق الإهمال
التالي
خطّة «تطهير القلمون» جاهزة في انتظار الرصاصة الأولى