النبطية: «أم المدارس» التراثية.. إلى الهدم

«أم المدارس» أحد آخر الأبنية التراثية في النبطية (عدنان طباجة)

بعد أيام قليلة سيتم هدم مبنى مدرسة «أم المدارس» التراثي القديم في النبطية، الذي تعود ملكيته إلى «جمعية المقاصد الخيرية الاجتماعية في النبطية»، مقابل توسيع الشارع المحاذي لمبنى سرايا النبطية الحكومية، وستنفذه بلدية النبطية بعد الاتفاق مع الجمعية. أما المساحة المتبقية من العقار، فسيشيد عليها مبنى تجاري ومحال تجارية للجمعية، وبذلك يزول أحد آخر الأبنية التراثية في النبطية.

يوضح رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل أن «البلدية ستستعمل كامل المساحة المقتطعة من مبنى مدرسة أم المدارس، بعد تسلمها من جمعية المقاصد، في توسيع الشارع المحاذي لمبنى سرايا النبطية الحكومية، وصولاً إلى مبنى فرع مصرف لبنان، بعرض لا يقل عن ثمانية أمتار وبطول نحو مئة متر»، معتبراً أنه «من أهم الشوارع الداخلية في المدينة، وسنرفع التخطيط عن المبنى من جانب البلدية، لإقامة مشروع تجاري للجمعية على الجزء المتبقي منه».

أساتذة وتلامذة المدرسة في العام 1946 (من كتاب «النبطية في الذاكرة»)
أساتذة وتلامذة المدرسة في العام 1946 (من كتاب «النبطية في الذاكرة»)

وفي حين يقول كحيل إن «البلدية ستنفذ المشروع بعد موافقة جمعية المقاصد على تسليمنا المبنى قبل البدء بتوسيع الشارع وليس بعده»، تفضّل الجمعية حصولها على موافقة البلدية على رفع التخطيط عن مبنى المدرسة قبل تسليمه للبلدية، ومباشرة الأعمال في توسيع شارع السرايا، وفق عضو الهيئة الإدارية للجمعية المهندس حسن بيطار.

ويشير بيطار إلى «استعداد الجمعية لتقديم جزء من العقار لمساعدة البلدية في هذا المشروع، مقابل رفع التخطيط عن المبنى، لكي يتسنى للجمعية بناء مبنى ومحال تجارية في الجزء المتبقي منه»، لافتاً إلى أن العائدات المالية «ستخصص لرواتب إدارة وموظفي وأفراد الهيئة التعليمية، ومصاريف مدارس الجمعية الثلاث التكميلية والعلمية والزهراء ومؤسسات الجمعية الأخرى، لكون الجمعية تمر في ظروف مادية صعبة».

يعود تاريخ «أم المدارس» إلى القرن الثامن عشر، وفق الباحث علي مزرعاني في كتابه «النبطية في الذاكرة: 1860- 1999»، حيث يذكر أنه بعد إعلان النبطية «ناحية»، أي قائمقامية صغيرة في العام 1883 من جانب والي سوريا حمدي باشا، اختار لها الحاكم أحمد باشا الصلح (جد رياض الصلح) قائمقاماً، فبادر إلى تأسيس مدرسة أهلية حديثة بإدارة حكمت أفندي العكاري الطرابلسي.

وتأسست المدرسة آنذاك من غرفتين وضمت نحو 60 طالباً، وكانت المدرسة الرسمية الأولى في جنوب لبنان، إلى جانب مدرستي جباع وصيدا. وبعد مرور ثلاث سنوات، استقال المدير وحل مكانه السيد محمد علي إبراهيم من بلدة النميرية المجاورة، فاستمر في إدارتها والإشراف عليها حتى وفاته مطلع العام 1914. ثم استلمها علي أفندي الحركة من بلدة برج البراجنة، وأصبحت بإشراف «جمعية المقاصد الخيرية»، التي أسسها الشيخان أحمد رضا وسليمان ظاهر ومجموعة من وجهاء النبطية.

يضيف مزرعاني في كتابه: «توقفت المدرسة خلال الحرب العالمية الأولى وأهملت وتداعى عمرانها. وبعد انتهاء الحرب، تولى إدارتها معلّم من طولكرم (فلسطين) يدعى عارف أفندي، بمعاونة الشيخ حسن حوماني من بلدة حاروف. وفي العام 1920، وضعت سلطات الانتداب الفرنسية اليد عليها، وأصبحت بإشراف وزارة التربية، وحلت اللغة الفرنسية مكان اللغة التركية، بالإضافة الى اللغة العربية، وعينت لها مديراً يدعى توفــيق عواد، مع الأســـاتذة ميشال خوري وملحم عازوري ويوسف الحاج ومصطفى عبد النبي.

وفي العام التالي توفي المدير إثر حادث سير، فَحَلَّ مكانه عبد اللطيف فياض، بعد أن كان مديراً في مرجعيون، حيث استمر في إدارة المدرسة حتى تاريخ تقاعده في العام 1948، وقد عُرفت بإسمه في ما بعد، وتلاه في إدارتها الأستاذ إبراهيم فران، ثم الأستاذ أحمد جابر لغاية تقاعده سنة 1982، وكان فياض قد طور المدرسة في عهده من 6 غرف إلى 20 غرفة، وافتتح فيها المرحلة التكميلية في العام الدراسي 1942 – 1943» .

(السفير)

السابق
ستاتوس عنصري لذو الفقار حركة يشعل الفايسبوك مديحاً
التالي
البحرية السعودية أجلت عشرات الدبلوماسيين العرب والاجانب من عدن