قراءة بانورامية لجبهات حزب الله السياسية الأمنية الفنية

حزب الله
قراءة بانورامية لاستراتيجية حزب الله الوطنية، وإنعاش الفتنة في لحدها، من خلال إعلان التعبئة العامة من قبل حزب الله في صفوف المنشد علي بركات، للرد على سيدي فضل شاكر التحريضي الذي من شأنه أن يثير الفتنة.

إرتسمت معالم صورة جديدة للبنان والمنطقة، بعد التوسّع الإستثنائي لحزب الله إنطلاقاً من القلمون، وزحف قواته باتجاه حي هنانو في حلب، فضلاً عن التقدّم الكبير في درعا لفرق النخبة في الحزب، مدعومة بقوات الحرس الثوري الإيراني، ومجموعات عراقية وأفغانية وشيشانية وبنجابية … وأخرى من بوركينافاسو، بمرافقة مراقبين من الجيش العربي السوري.
يضاف إلى هذا المشهد، التمدد الإستراتيجي للحزب في القنيطرة، وصولاً إلى خطوط التماس المباشرة مع إسرائيل، التي تشاهد بروح رياضية عالية، وارتياح يشبه الإشتياق، تدحرج عدوها اللدود بإتجاه حدودها.

هذه الصورة المستجدة أرخت بظلالها على الواقع العسكري للحزب في لبنان، حيث بدت القيادة العسكرية للمنطقة الشمالية والشمالية الشرقية، والتي تضمّ معظم “الشريط الحدودي” مع سوريا، أكثر إرتياحا لجهة التحضيرات لمعركة القلمون، التي ستجرى بمشاركة رمزية “مهمّة” للجيش اللبناني. من دون أن ننسى المواكبة الإعلامية والإعلانية للجيش العربي السوري، الذي أظهر قدرة مناورة عالية على التصوير والتمشيط و”التقشيط”، لكامل المناطق السورية بعد اجتياحها من قبل مقاومي حزب الله.
وفي حين يستعدّ الحزب لنقل مجموعة جديدة من محمولاته العسكرية إلى الحدود، معززة بأرتال من الآليات وبعض السرايا، يعتري القلق الشديد القيادة السياسية والعسكرية للحزب، من المخاطر الأمنية المترتبة على إمكان خروج المطرب فضل شاكر بتسوية سياسية، من شأنها أن تقوض الإستقرار الهش في لبنان والمنطقة، ناهيك عن كونها تمسّ بفكرتي: بسط سلطة الدولةفضل شاكر فوق أراضيها، وهيبة الجيش اللبناني، وهما أمران حصل عليهما حزب الله بالعرق والدّم، على الحق الحصري ” بمسحهما في الارض”، منذ انسحاب الجيش السوري.
لكن الذي يزيد من قلق قيادة الحزب، ويستدعي هذا الإستنفار السياسي والإعلامي الكبير، هو ورود معلومات إلى القسم الفني في مخابرات الجيش ( فرع الطرب الأصيل)، مفادها أنّ شاكر يتحضّر مع فرقة كاملة مدججة بكل أنواع الآلات الموسيقية (بما فيها العود الذي ظهر في مقابلته التلفزيونية الأخيرة)، لتنفيذ عملية نوعية، تتضمن إطلاق سيدي وكاسيت، يستهدفان بشكل مباشر، العزف على الوتر الحسّاس في معنويات جمهور المقاومة.
المعلومات الأخطر تشير إلى احتمال ضلوع الأسير بتأليف إحدى أغاني الكاسيت، وبثّها في تسجيل صوتي مع شاكر، وترجّح المعلومات أن يتخذ هذا العدوان شكل ديو.
هذا الأمر دفع بقيادة المقاومة إلى إعلان التعبئة العامة في صفوف علي بركات، ووضعه مع حنجرته و قريحته في حال الجهوزية القصوى، للرد على أي سيدي تحريضي من شأنه أن يثير الفتنة.المنشد علي بركات
وقد أشارت معلومات المنار، أنّ بركات سيبدأ ردّه بصلية أنشودية أولى، من شأنها أن تدفن الفتنة في مهدها، وتسكت أبواقها، وتحمل عنوان: «أقتل سني وفوت عالجنة».
وفي سياق الترويج للفتن، يتساءل القائد العسكري لحزب الله في حلب أبو زينب، عن الأسباب الحقيقية التي تدفع البعض في لبنان والمنطقة إلى إختلاق مناخات الفتنة، ويشاركه الرأي أبو البراء القائد الميداني لقوات الحزب في هجوم تكريت، الذي يستغرب التوقيت ويتساءل أين الأسباب الموجبة للأغاني الفتنوية الخطيرة في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ الأمة؟
ويؤكد بأنه بعدما تحطّ معركة تكريت والأنبار وحلب والشام رحالها، وترفع راية حزب الله فوق المسجد الأموي، سيتفرّغ الحزب لأصوات الفتنة في لبنان ومروجي العنف، وستقطع ألسنة ورؤوس كثيرة، وستشتاح مناطق أوسع بكثير من ٧ ايار، منعا لأي فتنة لا قدر الله.
بدوره استنكر مصدر علمائي كبير في الحزب الترويج البغيض والمستهجن للفتنة الغريبة والمرغوب زرعها في فيافي الوطن، وبين أبناء الدين الإسلامي الواحد الموحّد، مشيراً إلى أنّ هذا الدين الحنيف يمتد في التاريخ إلى ما يزيد عن ١٤٠٠ سنة، ولم يتمكن أعداؤه من زرع الفتنة السنية – الشيعية فيه، إلاّ من قرابة ال ١٣٧٥ سنة، فقط.
من هنا يدعو الشيخ الجليل إلى اعتماد أعلى درجات “أحلام اليقظة”، لمواجهة هذا الواقع المرير، الذي خلقه هذا السيدي الإرهابي الخطير.
من جانبها أطلقت كتلة الوفاء للمقاومة – الذراع شبه السياسية لحزب الله – بياناً نوعياً بعيد المدى، حذرت خلاله شاكر من مغبّة الإنجرار إلى الفنّ الهابط الرخيص، منبّهة إياه إلى ضرورة الإقتداء بالرسالة الفنية الهادفة، مجسّدة بزميلته ميريام كلينك، التي محضتها المقاومة الحصانة من كل ما يمكن أن تتعرض له، بما فيها نزلات البرد الحادّة وصيبة العين. ميريام كلينك
من جهته أصدر تكتل الإصلاح والتغيير، البيان نفسه، وذيله بالتأكيد على استقلالية قراره السيادي عن أي تدخل خارجي أو داخلي، مشددا على أنّ كاسيت شاكر المنتظر، هو دليل إضافي على قرب انتصار الاسد!
لكنّ الحقيقة أن مصادر أمنية واسعة الاطلاع، جزمت أنّ كاسيت شاكر، ما هو إلاّ رأس جبل الجليد في قضية قلق حزب الله من فتنة واسعة يحضّر لها إقليمياً ودولياً، وقد ظهرت بشائر التحضير العسكري لها في طرابلس، من خلال رشاشي الكلاشنكوف اللذين ضبطا في منزل الشيخ بلال دقماق، وقيل أنّهما تابعان للشيخ الشهال، الذي يشكّل حالة بالغة الخطورة، خصوصاً أنّه فرّ بفعل الملاحقات القضائية والأمنية، بعد توقيف جماعته كاملة، المتمثلة بسائقه ومرافقه وابن خالة مرتو.
وبالرغم من أنّ أحد الرشاشين ” كان آكلو الصدى” إلاّ أنّ ضبط مخابرات الجيش لجعبة كاملة مع مشطين “سبير”، كان بمثابة الصدمة والإنذار، ناهيك عن العثور على رمانتين يدويين، لا يزال البحث جار عن صاعقيهما، في ظل تعاون وثيق مع فرع المعلومات، وبإشراف مباشر من وفيق صفا، يعاونه وزير الداخلية، ووزير البيئة، الذي أكدّ جهوزيته لزج ّكامل سلاحفه البحرية في العملية، في حال دعت الحاجة، فيما تكتم الوزير حول احتمال مشاركة ضفادع البركة تاركاً المجال واسعا لعنصر المباغتة.
هذه الأحداث الخطيرة إزدادت خطورة بعد عثور جهاز أمن حزب الله على نصف صورة ٢٥ ب ١٢سم، للشيخ سعد في محلة الوتوات، وبعدما أحضرت فرقة من الجيش، أكدّ الخبير الفوتوغرافي أن النصف المتبقي من الصورة ترك عمداً، بما يشكّل مخالفة صارخة للمقررات الاستراتيجية للحوار.
وقد أثارت الصورة “المخزوقة” هلعاً وحالة ذعر في أوساط جمهور المقاومة في تلك المنطقة، رافقتها موجات نزوح رهيبة للأهالي – من الضاحية باتجاه الوتوات طبعا – وحصل توتر أمني تمّ تطويقه وحله من قبل مقاتلي حزب الله وحركة أمل، وتبلغت قيادة الجيش اللبناني الحل عبر برقية، فأرسلت، بدورها، نسخة طبق الأصل إلى الداخلية، رفعاً للعتب.
بدورها أكدت المديرية العامة للأمن الداخلي، تلقيها برقية المخابرات، أنّها بصدد حالة من التأمل والتفكير العميق بإمكان اتخاذ تدابير جذرية صارمة بحق مرتكبي حادثة الوتوات، لكن بعد تصديق صورة البرقية من مختار حارة حريك، وفقا للأصول.
إضافة إلى هذه الواقعة الخطيرة، توافرت لجهاز “الأمن العام… للحزب”، معلومات عن وجود ٣ مستودعات “فاضية” في قريطم، يمكن أن تستخدم في تخزين السلاح، في المدى البعيد وربما المتوسط. الأمر الذي دفع الرئيس بري إلى التدخل الفوري، طالباً جلسة حوار عاجلة لمعالجة ما بات يعرف بأزمة المستودعات… الفارغة.
هذه المعطيات الفنية العسكرية الأمنية، السالفة الذكر، معطوفة على تأكيد كيري الخبيث بضرورة الحوار المباشر مع الأسد،جون كيري إضافة إلى التعاون العسكري الأمني “المنقوص” من قبل الولايات المتحدة مع إيران في العراق.
كل هذه العوامل مجتمعة، شكلت صورة واضحة أمام صانع القرار، الإيراني، في حزب الله، فظهر أنّ الخطب جلل، ودق ناقوس الخطر، فاستفاقت قيادة الحزب على اتخاذ قرار استراتيجي حكيم، كالعادة، بغية سحب فتيل الاحتقان المذهبي، وتفويت الفرصة على تجار الفتنة، فاتخذت القيادة الرشيدة قرارا بسحب ٣ الآف عنصر من القلمون، ونشرهم في صيدا وطرابلس وإحياء عرسال الداخلية، لإشاعة مناخات الطمأنينة، والسلام الأهلي العام.

 

 

*رئيس قسم حوار الحضارات في جامعة كلاشينكوف

 

السابق
إيران: 5275 احتجاجًا شعبيًا خلال عامها المنتهي السبت
التالي
الشرطة الفرنسية ومسؤولو طيران: تحطم طائرة في جنوب فرنسا