جيرالدان: سنجمّد 166 مليون أورو قروضاً ميسّرة إذا لم تعد الحياة السياسية في لبنان إلى طبيعتها

حمل كلام وزيرة الدولة لشؤون التنمية والفرنكوفونية أنيك جيرالدان أمس رسالة مقلقة وواضحة للبنان مفادها أنه في حال لم تستعد الحياة السياسية في لبنان نمطها الطبيعي والسليم على الصعد الرئاسية، السياسية والتشريعية والوزارية، فان فرنسا ستضطر قبل حزيران المقبل الى تجميد القروض الميسرة، وقيمتها نحو 166 مليون أورو والتي رصدتها وكالة التنمية الفرنسية لبرامج ومشاريع مخصصة للتربية والطاقة والمياه وسواها. وسألتها “النهار” هل انتخاب رئيس للبلاد قد “ينقذ” هذه القروض ولو في اللحظات الأخيرة، فأجابت: “لا ينحصر الموضوع في انتخاب رئيس للبنان، بل ان هذا يرتبط “عضوياً” بعودة الحياة السياسية الوزارية والتشريعية الى مسارها الطبيعي”.

بدت جيرالدان في مؤتمر صحافي التقت خلال مجموعة من الاعلاميين في قصر الصنوبر، في حضور السفير الفرنسي باتريس باؤلي، أكثر غيرة على لبنان من بعض اللبنانيين الذين يمضون وقتهم في تحديد جنس الملائكة.
دخلت القاعة يرافقها باؤلي، حاملة بعض الأوراق بـ”جردة حساب” للقاءاتها مع المسؤولين في لبنان، من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الى وزراء السياحة والشؤون الاجتماعية والخارجية والثقافة وهيئات المجتمع المدني والفرنسيين المقيمين في لبنان. ولخصت زيارتها بانها ترتكز على ثوابت ثلاث، أولها أن “العلاقة بين البلدين تنبض بالحياة وتطبعها روابط تاريخية واقتصادية وثقافية عميقة. أما الثابتة الثانية فتترجم بنشاطات الفرنكوفونية التي تمتد شهراً كاملاً في لبنان وتنفذ عملياً بزخم لافت بفضل نشاطات كل من المركز الثقافي الفرنسي في لبنان والسفارة الفرنسية.
في حين أن الثابتة الثالثة وهي أزمة اللاجئين السوريين في لبنان”. وجددت في كلامها مساندة فرنسا للبنان في معاناته بفعل استقبال اللاجئين. وتوقفت عند تشديدها خلال لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين على تمسك فرنسا بسيادة لبنان واستقلاله، مشيرة الى أن بلادها ستكون الى جانب لبنان في هذه المرحلة “ولا سيما في تحييد الأزمة السورية عن عقر داره”.
وشرحت باسهاب دعم فرنسا للبنان الذي يستقبل على أرضه نحو مليون ومئتي ألف سوري. واعتبرت أن “فرنسا تساهم من خلال وكالة التنمية الفرنسية في دعم أزمة اللاجئين السوريين في المنطقة بمبلغ يصل الى 80 مليون أورو، وتخص لبنان بدعم يصل الى 26 مليون أورو. وأعلنت أن لقاءاتها مع المسؤولين في لبنان وممثلين للمجتمع المدني المحلي وضعت أمامها المعطيات المطلوبة لنقل الواقع الحقيقي للأزمة السورية في لبنان خلال مشاركتها الأسبوع المقبل في الكويت في مؤتمر المانحين والداعمين الدوليين للنازحين السوريين، والذي يطرح الدعم المطلوب لتحسين أوضاعهم الحياتية على الصعد كافة. وأشارت الى أن الوضع الاقليمي الصعب دفع بفرنسا الى مساعدة لبنان من خلال المبادرة والاعلان الرسمي لمجلس الأمن الدولي الذي دعا الى الوحدة، وكذلك عبر اطار النازحين السوريين”.
وتوقفت عند الفراغ الرئاسي في لبنان داعية اللبنانيين الى تحمل مسؤولياتهم والعمل لانتخاب رئيس. ورداً على سؤال عن أسباب هذا التأخير قالت: “شعرنا أن ثمة عقبات امام هذا الاستحقاق. لقد تناولنا هذا الموضوع بشكل واسع في لبنان ومع الشركاء في المنطقة. على اللبنانيين أن يتخذوا موقفاً من هذه المسألة التي تحولت الى جمود مؤسساتي”. وفي هذا السياق جددت التزام فرنسا القيام بكل ما يلزم لتسهيل بت الاستحقاق.
من جهة اخرى، استفاضت في كلامها عن دور الفرنكوفونية في لبنان “التي يجتمع تحت لوائها 500 ألف تلميذ فضلاً عن توغلها كلغة نابضة وحية في المجالات التربوية والثقافية في بلادكم”. ولحظت أن “توفير التربية لتلامذة اللاجئين السوريين في لبنان تشكل حاجة ماسة لأن التعليم يمهد لهم للحصول على وظائف ويبعدهم عن خطر الانخراط في الارهاب”.
وأعلنت أنها تداولت مع وزارة الشؤون الاجتماعية إمكان ان “تتوافر في أحد مخيمات اللاجئين السوريين، والذي لم يحدد مكانه بعد، فرصة ليصبح اللاجىء السوري عبر كتب وووسائل معلوماتية حديثة على شىء من التطور”.
وزارت جيرالدان رئيس الحكومة تمام سلام، ورافقها باؤلي، وتم عرض الاوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات اللبنانية – الفرنسية.
وزارت ايضا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في مكتبه في الوزارة، كما جالت على وزيري الثقافة روني عريجي والشؤون الاجتماعية رشيد درباس. وبحسب بيان للمكتب الاعلامي لعريجي، فان البحث تناول تفعيل الاتفاقات الموقعة بين البلدين ومنها التعاون بين المكتبة الوطنية في لبنان والمكتبة الوطنية في فرنسا، وتطوير قطاع السينما وتنظيم ورش لاختصاصيين فرنسيين للتدريب على المعدات.

(النهار)

السابق
السنيورة يشهد للحريري.. وجنبلاط يحذّر دروز سورية من الفتنة
التالي
واشنطن للمشنوق: حريصون على التركيبة الأمنية