عيد الأم في اعتصامين: منح الجنسية لأسرتها.. حق

لم يكن الحراك الذي شهدته مدينة بيروت أمس، تحت عنوان «حق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها» مربوطاً بمناسبة عيد الأم فحسب.

تحوّل عيد الأم منذ العام 2012، تاريخ طرح «الاعتراف بحق الأم اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها قانونياً»، على طاولة مجلس الوزراء، إلى «غصة» في قلب كل أم لبنانية. يومها شكلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لجنة وزارية لبحث الموضوع الخلافي بين الكتل السياسية. وبعد نحو عشرة أشهر خرجت اللجنة لـ «تدفن» أمل النساء بانتزاع الحق. وقال أعضاؤها، ومنهم «جهابذة» في القانون واجتهاداته، إن «لا حق للمرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لا لأولادها ولا لزوجها، لأن من شأن ذلك الإضرار بالتوازن الطائفي الديموغرافي في البلاد، وبالمصلحة العليا للوطن».

وعليه، جاءت هدية عيد الأم مُرّةً ومحبطة للنساء في لبنان بعد طول انتظار، لتقضي على أي بذرة أمل ولدت يومها، إذ كانت المرة الأولى التي تصل فيها قضية جنسية المرأة إلى طاولة مجلس الوزراء.

أمس، كما كل عام، تجمّع مئات المواطنين بدعوة من «حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي» أمام السرايا الحكومية في بيروت. هتفوا يطالبون بحق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها، وبتطبيق الدستور الذي ينص على المساواة التامة بين المواطنين بغض النظر عن الجنس والمذهب.

وعلى الخط نفسه، وقف الشاب محمد حفيظ في محلّة المتحف، في اعتصام نظمته «حملة جنسيتي كرامتي»، ليمزق شهادته الجامعية أمام الملأ، بعدما منعت عنه إحدى الجامعات منحة تمكنه من إكمال دراساته العليا لأنه من أم لبنانية وأب باكستاني: «لست لبنانياً قالوا له، برغم التفوق». عزّت عليه الدنيا، هو الذي ترعرع في لبنان، ولا يعرف غيره وطناً.

وأمام السرايا الحكومية في قلب بيروت، صدحت أصوات النساء اللبنانيات، ومعهن ممثلون عن منظمات نسوية وحقوقية وكثير من الداعمين، لتخاطب وزير الخارجية: «يا باسيل ويا جبران أنا أمي من لبنان»، وغيرها من الهتافات.

كنّ سيدات لبنانيات متزوجات من رجال يحملون الجنسية الأميركية والفرنسية والإيطالية والكندية والسورية والمصرية والباكستانية والمغربية وغيرها. هنا لا فرق بينهن.

جئن جسماً واحداً متضامناً بعيداً عن انقسامات 8 و14 آذار الذين ينسون خلافاتهم وفروقاتهم، عندما يتعلق الأمر بالتوافق ضد قضايا الناس والفئات المهمّشة وعلى رأسها النساء.

قلن إن القضية ليست قضية المرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي فحسب، بل هي قضية حق تعني كل مواطن. وتمّ التذكير بأن حق المرأة منح جنسيتها لأسرتها هو رأس جبل جليد التمييز، وعليه هتف الحشد، مؤكداً أن «قضايا النساء واحدة لا تتجزأ». فاللبنانيات يدفعن الضرائب مثلهن مثل الرجال، ويخدمن الوطن من دون تردّد أو إحجام. والأم عندما تتفرغ لرعاية الأسرة تقوم بوظيفة اجتماعية لمصلحة الوطن وليس بوظيفة أو غاية خاصة. وعليه، فهي أحد أبرز المنتجين والمساهمين في رفد البلاد بالطاقات.

وعلى هامش الاعتصام جرى تأكيد ضرورة أن تتحوّل قضية حق المرأة منح جنسيتها لأسرتها إلى قضية رأي عام، على غرار ما حصل في معركة إقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري، حيث تكتلت منظمات كثيرة. ولعب الإعلام دوراً في الإضاءة على معركة تجريم العنف الأسري، خصوصاً على جرائم قتل النساء.

وشارك في اعتصام «حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي» للمطالبة بتعديل قانون الجنسية مئات الأشخاص الذين قدموا من أقصى الشمال، لأقصى الجنوب، ومن البقاع والجبل، من بيروت، من الضاحيتين الجنوبية والشمالية لبيروت ومن المتن، «رفضاً لكل الحجج الواهية».

ووضعت المنسقة الاقليمية لـ«جنسيتي حق لي ولأسرتي» لينا أبو حبيب الاعتصام في إطار «إصرار الحملة على متابعة النضال لتحقيق المساواة في قانون الجنسية، تكريساً لحق النساء في المواطنة الكاملة، وتأكيداً على أولوية حقوق النساء في لبنان، ورفضاً للإنكار والتقاعص في التعامل مع قضاياهن».

وقالت إن المعتصمين المنخرطين في الحملة يتجاوزون «الاعتبارات الطائفية العقيمة التي من شأنها تعطيل حقوق المواطنين/ات»، والحملة «إذ تؤكد بأن الحقوق غير قابلة للتجزئة، ولا تخضع لاعتبارات تمييزية، لا ترى طائلاً من المقاربة السياسية الغائبة والمغيّبة لحقوق المواطنين في ظل طغيان المصالح والتوازنات الطائفية الضيقة». ورأت «أن فرص إحراز أي تقدم على صعيد حقوق المواطنة يستوجب إعادة بناء الحياة السياسية على أسس المواطنة والحقوق بالدرجة الأولى والترفع عن المصالح السياسية والشخصية».
وأكدت منسقة شبكة الأسرة المحامية إقبال دوغان ورئيسة «المجلس النسائي اللبناني» جمال هرمز غبريل على مطالب الحملة نفسها.

وتلت عضو الهيئة التنسيقية للحملة مريم غزال كلمة الأمهات اللبنانيات المعنيات بالحملة، فاعتبرت أن الهدية الحقيقية للأم اللبنانية هي بالاعتراف بحقها منح جنسيتها لأسرتها. وقالت غزال إن «هذا الحق ليس منّة من أحد بل هو مغتصَب».
وتحدثت عن معاناة النساء اللبنانيات المتزوجات من غير لبناني، وعن معاناة ابنائهن الذين يولدون ويعيشون في لبنان ولا يعرفون غيره وطناً، ومع ذلك يبقون غرباء محرومين من كل شيء.

وشددت غزال على حق هؤلاء الأمهات بـ «العيش بكرامة في بلدهن وتربية اولادهن»، وعلى رفضهن أن يكنّ «منقوصات المواطنة كرمى لمصالح الزعماء والطوائف»، وكذلك رفضهن «العنصرية التي يتم التعاطي بها مع قضيتهن».

ووجه المعتصمون ختاماً تحية لأمهات الجيش اللبناني وشهدائه «الذين لولاهم لما تبقّى وطن».

وفي اعتصام المتحف تحدثت المناضلة ليندا مطر عن أحقية المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأولاها بعيداً من أي اعتبارات.
وطرحت في اعتصام المتحف أيضاً قضية جنسية المرأة ومكتومي القيد وعديمي الجنسية وجنسية قيد الدرس. وطالب منسق الحملة مصطفى الشعار الدولة «الاقتداء بدول عربية عدة منحت المرأة حقها منح جنسيتها لأولادها». وطالب الحكومة أن تتوقف أن «تكون ديكوراً أو قاضي حل نزاعات بين الوزراء ولتعمل على قضايا الناس».
(السفير)

السابق
سيلين ديون تعود إلى الغناء قريباً
التالي
ابراهيم: تقدم كبير في «مفاوضات العسكريين»