إلى سعد الحريري: الأقربون «السنة» أولى بالحوار

الحوار
يتحاور تيار المستقبل مع حزب الله بينما يرفض حوار "البيت الواحد" أي الحوار مع الأفرقاء السنّة الذين لا يتّفق معهم. فهل هو الخوف أنّ "الأقارب عقارب" كما يقول المثل؟

بكثير من خيبة الأمل والحسرة، ينظر الشارع السنّي إلى الحوار الجاري بين تيار المستقبل و”حزب الله”. لا يعود مرد هذه الخيبة بطبيعة الحال إلى التنازلات المتتالية التي قدمها التيار الأزرق لأصحاب الراية الصفراء غير مرة. فالشارع السنّي اعتاد مسلسل التنازلات التي استهلها “المستقبل” عام 2005 بالتحالف الرباعي، مروراً باتفاق الدوحة عام 2008، وصولاً إلى تشكيل ما يسمى بحكومة “الوحدة الوطنية” مع من دأب التيار على وصفهم بقتلة الشعب السوري في العام 2014.
ما يزعج هذا الشارع، هو ما آلت إليه حال العلاقة بين أهل البيت الواحد أو الطائفة الواحدة، فبينما بات الحوار بين “المستقبل” والحزب مطلباً ضرورياً وملحاً بحكم شعارات السلم الأهلي والوحدة الوطنية والعيش المشترك وتوابعهم، يتم التعاطي مع مجرد طرح فكرة الحوار بين الحريري وأي من الفرقاء السنّة الآخرين، كجريمة تستوجب الرجم حتى الموت.

منذ سنوات طويلة وأبناء الطائفة السنّية على اختلاف انتماءاتهم ومناطقهم يتساءلون، لماذا وكيف يحاور سعد الحريري الحزب “الإلهي” المتهم باغتيال والده، ويستنكف عامداً متعمداً عن محاورة رؤساء الحكومة السابقين سليم الحص ونجيب ميقاتي، والأمين العام للجماعة الإسلامية إبراهيم المصري، والوزيرين السابقين عبدالرحيم مراد وفيصل كرامي، والنائب السابق أسامة سعد وغيرهم؟ أوليس الأقربون أولى بالحوار، يتساءل هؤلاء؟

يتساءلون أيضاً وأيضاً، لماذا وكيف يستقيم أن يذهب رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق إلى قصر “تشرين” لمصافحة وتقبيل المجرم الأكبر رأس النظام السوري بشار الأسد، ويُعرض في المقابل عن لقاء خصومه من زعمات السنّة، رغم أن الخلافات بينهما لم تتجاوز يوماً سقف التراشق الإعلامي في أسوأ الأحوال.

على الضفة الأخرى، يستفسر هؤلاء لماذا يصر أغلب (وليس كل) القادات السنّة المعارضين على الالتصاق والتماهي حد التوحد مع مواقف “حزب الله” والنظام السوري، حتى وصلوا إلى مرحلة من التبعية العمياء؟

أسئلة كثيرة توجه للطرفين الذين يمعنان أكثر فأكثر في بث روح الفرقة والاختلاف ضد بعضهما البعض، من أجل التجييش وتحقيق بعض المكاسب الوهمية، في حين بلغت الخلافات والنعرات بين أبناء العائلة والعشيرة الواحدة في كل بيت وبلدة مبلغاً هائلاً ينذر بشر مستطير.

لا يختلف اثنان على أن الشارع السنّي يمر اليوم بمرحلة حرجة وخطيرة للغاية، سمتها الأساس التخبط وعدم الاتزان، فالجزء الأكبر من الشباب السنّي محبط بالدرجة الأولى من مغالاة “المستقبل” في العلمانية، ومحبط بالقدر نفسه من تشبث خصوم التيار الأزرق بشعارات عفا عليها الزمن.

وفي ظل عدم وجود فريق ثالث يقبع في منزلة بين المنزلتين باستثناء الجماعة الإسلامية المكتفية (للأسف) بدور المراقب فقط، يبدو أن جسر الهوة أو بالحد الأدنى إعادة إحياء خطوط التواصل بين الفرقاء السنّة بحاجة ماسة إلى طاولة حوار عاجلة برعاية مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان لإصلاح أو تجميل ما أفسدته عشر سنوات من التمترس والتمترس المضاد.

ينبغي على رجالات وزعامات الطائفة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، التفكير ولو لمرة واحد في قواعدهم الشعبية التي يأكلها الكره والتناحر، ينبغي عليهم أن يخرجوا من عباءة حساباتهم ومصالحهم الضيقة التي لا تنظر أبعد من مقعد نيابي وكرسي رئاسة مجلس الوزارء، عليهم أن يخرجوا في هذه الجزئية على الأقل من قمقم السعودية وسجن الأسد، عليهم أن يقرأوا المشهد الداخلي والإقليمي جيداً، عليهم صياغة تفاهم الحد الأدنى، وإلا لن يكون هناك قريباً رجالات ولا زعامات ولا طائفة … ولا يحزنون!

السابق
الأردن يتطلّع إلى طهران حماية لخاصرتيه
التالي
العثور على جثة الطفل علي حلوم