رلى أمين الأم التي أهدتنا.. خيبتنا

 

الدخول في تفاصيل الدعوى القضائية بين رلى أمين وزوجها تفصيل أمام فداحة واقع توقيف أم بـ “جرم الحضانة”. يُقال إن “كل شيء يحصل لسبب”… وتوقيف رلى بهدف انتزاع ابنتها دينا (5 سنوات) من حضنها، حصل لأسباب عدة، أهمها تذكير المرأة العربية بموقعها الفعلي في مجتمعها. وإن كان من حسن حظ رلى أنها صحافية استطاعت إيصال صوتها، وتمكنت من رفع سقف التضامن معها بتغريدة واحدة، فكم امرأة تصرخ وتبكي من دون أن تجد من يسمع صوتها أو يلتفت إلى حرقتها.

الخلافات العائلية متشعبة، وقد يقع الظلم في بعض الأحيان على الرجل، ولكن حتى الطبيعة تقول إن الطفل من حق والدته إلى أن يصبح راشداً ويتمكن من الإختيار. ما الذي يدفع زوجين إلى الطلاق؟ تلاشي التفاهم؟ الخيانة؟ زوال الحب؟ عدم القدرة على التأقلم مع الحياة الزوجية؟ وقد يكون هناك أسباب أخرى، أكثر جدية أو أكثر سطحية، وقد يختلف اثنان على ما هو مطلوب من المرأة، وهنا تعود نصائح من نوع “يجب أن تضحي من أجل أطفالها”، “يجب أن تتحمّل من أجل الصغار”… ومن هنا تبدأ مسيرة العنف المجتمعي الأكبر بحق المرأة، مَن قال أنّ عليها أن تتحمل ما لا قدرة لها على احتماله من أجل الحفاظ على العائلة؟

أليس عنفاً ذلك الذي يمنع امرأة (مطلقة كانت أو أرملة) من الزواج مجدداً خوفاً من أن تخسر حضانة ابنها او ابنتها لصالح امراة أخرى (زوجة الأب)، أو عائلة أخرى (العم، الجد) في حال كانت أرملة وعائلة الأب أصرّت على لعب دور البديل الشرعي عن الوالد الغائب، كونها عائلة مُحبّة؟ من قال إن الطلاق ليس حقاً من حقوق المرأة والرجل على حد سواء؟ هل إذا أخطأ شخص في الإختيار، أو اكتشف أن المعطيات التي قام على أساسها الزواج من البداية تختلف عن الواقع، عليه أن يدفع ثمن هذا الخطأ في التقدير طوال حياته؟ وإذا تزوجّت الأرملة أو المطلّقة يسقط فوراً حقها بحضانة اطفالها… أي قانون هذا الذي يحوّل فلذة كبد امرأة الى حبل يلتف حول رقبتها لينتزع حقّها بحياة جديدة أو مختلفة.

توقيف رلى أمين بين يوم المرأة العالمي وعيد الأم ليس تفصيلاً، وكأن القدر أراد أن يذّكر المرأة العربية بأنها لا تزال أسيرة الانظمة والقوانين الذكورية. سخر الكثير من الرجال بالقول وهل تحتاج المرأة الى يوم عالمي؟ الجواب الصحيح: “نعم، هي تحتاج فعلا الى هذا اليوم، خصوصا في عالمنا العربي. إذ لا تزال أقل بكثير من مواطن، تناضل من أجل ان تقوم بواجبها تجاه من انجبته”.

كل ما تقدم لا ينفي أن هناك من الرجال مَن ظُلم بموضوع الحضانة، وهذا ايضاً خطأ مجتمعي فادح، فإن أضعف الايمان أن يقوم راشدان قررا إنجاب طفل بتحمّل مسؤوليته سوية، وأن يكون الإنفصال بين زوجين تفصيلاً أمام قداسة علاقة الوالدين بالولد، طفلاً كان أم راشداً… وهذا الوعي بالعلاقة لا يمكن أن يتحقق إلا بالاحترام المتبادل.
بين العيدين قدّمت لنا رلى أمين الهدية الأكبر، ذكّرتنا بواقعنا كنساء وبأننا عرضة لخسارة أطفالنا وحريتنا في لحظة… ذكّرتنا بأننا أسرى مجتمعات عقيمة. رفعت الصوت عالياً لتذكّر بمشهد صراع مع أرملة وتهديدها بانتزاع اطفالها منها إذا اصرّت على الخروج الى العمل، او بفتاة صغيرة تبكي بصمت خوفاً من انتقام عائلة والدها منها اذا أحبت والدتها المطلقة في العلن. ذكّرتنا رلى بأن أي أمرأة قد تتحول في لحظة إلى “مذنبة” لأنها أم وإلى “مجرمة” لأنها تحضن طفلتها!

السابق
«الداعشية» في لبنان بدأت بالاغتيالات
التالي
بعض من سيرة الشيخ محمد خليل دبوق