يوميات معتقل 9: هكذا اغتصبوا مراهقا وحولوه لفتاة مدللة

سجن
«مبروك للعرسان في معسكر رقم 13!» صدحت مكبرات الصوت في أنحاء المخيّم، عوقب الجاني، أمّا الشاب الصغير الجميل فأصبح الولد المدلّل للمختار ولحاشية المطبخ، حيث بدأ يتمتع يومياً بكمية من المياه السخنة وبالمشاركة أحياناً كثيرة مع شاويش المطبخ!

صدحت مكبّرات الصوت المركّزة على أعمدة الإنارة في جميع أنحاء المعتقل بتهكم وبكلمات عربية صحيحة: «مبروك للعرسان في معسكر رقم 13!».

وصلت أخبار عملية اللواط التي حصلت في الخيمة المجاورة بين رجل ثلاثيني ومراهق لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، إلى مسامع الحراسّ الإسرائيليين.

عوقب الجاني بربطه على إحدى أعمدة الخيم قبل جلده وتشويه رأسه بحلاقة عشوائية، بواسطة شفرة الحلاقة التي حرص المختار على إحضارها من الجنود.
أمّا الصغير الجميل فقد بدا دائم الإبتسام، وقد أجمع أصحاب الشأن والسلطة في المعسكر على أنّ حماية خالد الصغير يجب أن تتم عبر ضمّه إلى خيمة المطبخ ونقل إقامته إلى هناك.
تحسّنت صحّة خالد رويداً رويداً، وأصبح الولد المدلّل للمختار ولحاشية المطبخ وللنافذين على السواء، وبقدرة قادر بدأ يحصل يومياً على كمّ من المياه الساخنة. على مرآى منّا جميعاً كان يأخذ حمّاماً طويلاً، وأحياناً كثيرة أمام ناظرنا يتشارك الحمّام مع شاويش المطبخ الرئيسي الملقّب بـ«الحلس».
كانوا يتشاركون تنظيف ظهورهم بقطعة إسفنج، التي تستعمل في الوقت ذاته لتنظيف حلل الطعّام الكبيرة.
داخل المعتقل يكون شأن الحليق (اللحية والشاربين) كشأن فتاة ترتدي القصير الملفت للنظر على جانب الطريق، يكفي أن تنظّف نفسك مرّة لتصبح في مرمى العيون القاسية الشاذة المنتظرة لاقتناص غلام جديد.
ما كبر كرش في «أنصار» إلاّ وصغر خمسون في المقابل، كان الحلس يتقلّب كأفعى قصيرة بلعت أرنباً لتوّها. نجم معسكرنا بلا منازع، يملك سلطة معنوية تفوق ما يملكه أيّ مختار.
المخاتير تتبدّل، أمّا هو فسرمدي لا يزول ولا يتبدّل، بالإضافة إلى ملكيته المطلقة لذلك الغلام الجميل، والتي وضعته في موقع الحسد من قبل حثالة تشبهه!
ما كان يفصلنا عن معسكر رقم 12 هي أسلاك شائكة بعرض ثلاثة أمتار وإرتفاع أربعة، تبادلنا الأحاديث مع أسرى عرفناهم من قبل أو جدد تعرفنا هناك عليهم… ذات صباح نظرت إلى هناك، حيث كان أحدهم ممدداً على التراب ويصرخ من ألم كبير، كان من الذين كنت أعرفهم في الخارج.
عند السؤال عرفتُ بأنّه يعاني من قرحة في المعدة وبأنّه من الضروري أن يأكل شيء، أي شيء وباستمرار…
تجرأت على رمي قطعة الخبز الخاصّة بي من فوق الأسلاك، شاهدني أحد الجنود قبل أن يطلب من المختار إحضاري إلى باب المعسكر الحديدي، عقابي كان الوقوف وعلى رجل واحدة، وبأيد مرفوعة قرب الباب طيلة ذلك النهار من شهر آب، كنت أتحايل لراحة رجلي التعبة برفع الثانية كلّما ذهب جندي وحضر آخر.
بعد الإفراج عنّا علمت بأن ذلك الأسير الذي أردت مساعدته سقط في فخ العمالة، ليقتل بعدها بعملية إستهدفته في إحدى القرى الجنوبية… أما الحلس فقد شاهدته منذ خمس سنوات في إحدى القرى المجاورة، كان يعمل كطباخ في إحدى المطاعم. بعدها بأشهر عرفت بأنّه مات، أمّا الجميل خالد فلا أعرف أين مكانه، ولكنّه وعلى الأرجح ما زال نجماً ساطعاً في عالم أجبر على الدخول فيه!

السابق
مصائرنا التي يقرّرها علي الكيماوي، رستم غزالي، قاسم سليماني وأبو بكر البغدادي
التالي
في عيد الأم.. أي ورود تقدمين لوالدتك؟