لبنان «مزبلة» الأدوية منتهية الصلاحية.. منذ عقود

اكتشاف مستودع أدوية منتهية الصلاحية في منطقة الحدت القريبة من العاصمة بيروت، دفع وزارة الصحة للتحرك إعلاميا، بتصريح مباشر لوزيرها وائل أبو فاعور، الذي قال من على شاشة التلفزيون، ان إقفال مستودع الأدوية في منطقة الحدث أمر خطير وقد يقود إلى شبكة أكبر في البلد.

في ضوء تصريح أبو فاعور، هل سنكون على موعد قريب مع حملة لملاحقة الأدوية الفاسدة، مشابهة لحملة “سلامة الغذاء”، التي يقودها وزير الصحة نفسه؟ مصدر على صلة وثيقة بما يجري في سوق الدواء، استيرادا وتوزيعا، أعرب عن خشيته من أن لا تؤدي أي حملة سريعة إلى محاصرة مشكلة الدواء المنتهي الصلاحية وشبكاته. فالذي يحصل على هذا الصعيد ليس وليد الأمس القريب، ولا هو ينحصر في منطقة دون أخرى، أو في مستودع محدد، بل قد يكون منتشرا على مدى شبكات غامضة ومستودعات مجهولة المكان. والمشكلة من شقين: أدوية منتهية الصلاحية يجري تهريبها بانتظار الفرصة لتسويقها داخليا، وأدوية منتهية الصلاحية تعود لشركات معروفة، تتكدس في المستودعات بعد أن نفدت فترتها، لكن الشركات إما لا تتمكن من إتلافها ومعالجة ذلك كما يجب، أو… هذا خطير جدا مصدر آخر، وهو من المعنيين في القطاع النقابي الدوائي، أكد ل green areaمتحفظا عن ذكر اسمه:” للأسف تحول لبنان الى مزبلة نفايات الادوية المنتهية الصلاحية وهذا خطير جدا في ظل عجز الدولة عن ايجاد حلول جذرية لتلف الادوية، لان كل شركة دواء في لبنان تملك ادوية منتهية الصلاحية، انما تبقى المشكلة لديها ليس في تلفها بل في تخزينها من دون اي حل، و حتى الان مازالت الدولة عاجزة عن حل موضوع النفايات بشكل عام فكيف بها ستعالج موضوع إتلاف الادوية المنتهية الصلاحية في المستودعات؟…إذا استمر الوضع على هذا الحال هناك خوف من ان تتسرب كميات من الادوية الى المراكز الصحية من دون رقابة“.

هذه هي الشروط…فمن يراقب؟ كل مرّة نعيش هزة أدوية منتهية الصلاحية معشعشة في المستودعات و لا حل جذريا لها، بينما ووفقا لقوانين وزارة الصحّة فإن ”مستودع التخزين للأدوية يحتاج إلى ترخيص من وزارة الصحّة ويكون المسؤول فيه صيدلانياً خاضعا لتفتيش روتيني يومي في مختلف المحافظات”.

وتؤكد نقابة مستوردي الادوية أنّ المؤسسات الصيدلانية التي اعتمدتها ملتزمة بأسس الاستيراد الشرعي متمّمة عملية الاستيراد بعد إخضاعها لمسؤوليات مترابطة الحلقات بدءاً من المنتج وصولاً إلى المواطن. وأنّه على الصيدلي التأكد بنفسه من أنّها مستوردة من جانب مؤسسات صيدلانية تحترم القانون وتخضع لرقابة وزارة الصحّة.” اما نقابة الصيادلة فتحسم :”أنّ لا دواء مزوّراً في أي صيدلية مع أهمية أن يشتري المواطن دواءه من الصيدلية لضمان الجودة، فيما لا يمكن النقابة أن تكون مسؤولة عمّا يدور خارج الصيدليات من مخالفات.”

هذا على الورق وبالكلام، فماذا في التطبيق والمراقبة والمتابعة؟ عند سؤال وزارة الصحة عما وراء قصة اقفال المستودع، يأتي الجواب من مصدر داخل الوزارة :”اقفال المستودع في الحدت جاء ضمن حملة التفتيش التي تقوم بها الوزارة و هي بصدد اتخاذ الاجراءات القانونية بعدما تبين انه يحتوي على ادوية منتهية الصلاحية.

تاريخ حافل بالدواء الفاسد في واقع الأمر، وبالوقائع المسجلة خلال السنوات القليلة الماضية، فإن اكتشاف مستودع الحدت ليس الهزة الوحيدة في سوق الدواء.فكم من المرات في عهود وزراء الصحة السابقين جرى الإعلان عن اقفال مستودع “فلان او علتان” وتنتهي المسألة بـ“فوشة كبد” اعلامية وعرض عضلات بالتصريحات دون الفعل المتكامل. ويخشى أن السيناريو نفسه سيتكرر مع حالة مستودع الحدت الذي أقفل بالشمع الاحمر، على البضاعة الموجودة داخله والبالغة نحو 2 طن. ذلك إذا صح وصف المصدر النقابي بان لبنان بات “مزبلة للدوية منتهية الصلاحية”، والأرجح أنه صحيح”، فهذا يعني أن هناك عددا غير قليل من المستودعات الحاضنة لادوية منتهية الصلاحية مازالت بعيدة عن اعين الرقابة فمن يضمن ذلك؟ تاريخ قريب مثل هذه العينات من “الخضات الدوائية” ما زالت تتكرر من دون نهاية حاسمة لها.

واخر ما حصل علة هذا الصعيد، قبل مستودع الحدت، كان مسرحه مطار بيروت، عندما كشف وعن قُرب، وزير الصحة وائل ابو فاعور على مستودع يحتوي على ادوية منتهية الصلاحية. كما انه ليست هذه المرّة الأولى التي يثير فيها ملف الدواء رعباً وقلقاً في لبنان، فخلال السنوات الماضية فُتحت “أوراق” هذه القضية مرّات عدّة بدءاً من عام 1998، حين كُشف دخول كمية كبيرة من الأدوية المزوّرة إلى لبنان، وصولاً إلى عام 2004، حين ضبطت كميات أخرى، وكذلك عامي ٢٠١٠ و٢٠١٢ إذ اكتشفت أيضاً أدوية مزوّرة ومنتهية الصلاحية داخل مخازن.

(greenarea.me)

 

السابق
الحزب يمضي في التصعيد عشيّة الجولة الثامنة
التالي
عقد تشريعي اليوم والمرّ لإفتتاح مركز عالمي لمؤسسة الإنتربول في دبي