إزدياد أعداد الروس في صفوف «داعش»

تظهر وسائل الإعلام الروسية والمسؤولون الكبار في البلاد في الآونة الأخيرة اهتماماً بالغاً بإيديولوجية وتركيبة ما يعرف بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، الأمر الذي يثير تساؤلات كثيرة حول مخاوف روسية من تمدّد تلك الظاهرة إلى أراضيها.

كشفت وسائل إعلامية روسية أنّ جهاز الأمن الفيدرالي في البلاد أعد تقريراً مفصلاً عن المواطنين الروس الذين توجهوا إلى الشرق الأوسط للالتحاق بصفوف «داعش».

ووفق هذا التقرير، فإنّ أكثر من 4000 مواطن روسي، غالبيتهم من منطقة شمال القوقاز، يشاركون في المعارك العسكرية التي يخوضها «داعش» في العراق وسوريا. علماً أنّ رئيس جهاز الاستخبارات الروسية ألكسندر بورتنيكوف كان قد أعلن أنّ نحو 1700 مواطن روسي انضموا إلى التنظيم.

مصادر أمنية روسية تؤكّد أنّ لدى السلطات الروسية قلقاً بالغاً من تزايد إعداد الروس الذي يقصدون المناطق الساخنة في الشرق الأوسط بذريعة الجهاد، وأنّ هناك ارتفاعاً في نسبة استقطاب الراغبين بالانضمام إلى تلك المنظمة الإرهابية، على رغم الإجراءات المشددة التي تتخذها السلطات للحدّ من تلك الظاهرة. لكن هناك عقبات كثيرة تحول دون ذلك، لأنّ العبور إلى العراق وسوريا لا يتم مباشرة، بل عبر دول إقليمية وأوروبية.

وتعتبر المصادر أنّ هذه الظاهرة تشكل تحدياً كبيراً لعمل أجهزة الأمن الروسية كافة، وقد تشكل أزمة فعلية في المستقبل على أمن روسيا عند عودة هؤلاء المتطرفين إلى البلاد، خصوصاً أنّ روسيا عانت ولا تزال من نشاط التنظيمات الإرهابية على أراضيها.

وفي ما يتعلّق بتضارب الأرقام بين ما يتمّ تداوله في وسائل الإعلام وما يصدر عن السلطات الرسمية المختصة، ترى المصادر أنّ وسائل الإعلام قد تبالغ في أرقامها، لكن هناك فعلياً صعوبة في تتبّع تحرّكات الذين يغادرون البلاد، في اعتبار أنهم يقصدون بلداً محدداً ومن ثم يغادرونه في شكل غير قانوني، وبالتالي يضيع أثرهم بالنسبة إلى أجهزة الأمن الروسية.

وتكشف المصادر أنه يجري العمل على تشكيل جهاز أمني متخصّص بمتابعة ملف تجنيد الإرهابيين ورصد تحرّكاتهم وطرق وصولهم الى العراق وسوريا، لأنّه ملف معقد إذ إنّ معلومات مؤكدة تفيد أنّ الإرهابيين الذين انضمّوا إلى صفوف «داعش» ينتمون إلى دول مختلفة وقد يزيد عددها عن الثمانين دولة، ما يجعل مهمة تعقّبهم صعبة ومعقدة جداً، في اعتبار أنّ الإرهابيين يحصلون على الدعم والمساندة في كثير من دول العالم.

وترى أنّ عدم التعاون بين هذه الدول يساهم في تسهيل عبور الإرهابيين، علماً أنّ روسيا كانت قد حذّرت منذ بداية الأزمة من خطورة تنامي هذه الظاهرة ودَعت مراراً على لسان مسؤوليها الكبار إلى التنسيق والتعاون في هذا المجال.

لكن للأسف فإنّ بعض الدول الغربية وفي مقدمها واشنطن قد اختارت العمل العسكري من دون أيّ تنسيق دولي، ومن دون التعاون مع السلطات في الدول التي باتت مقصداً للمتشددين، الأمر الذي يزيد من التعقيدات أمام تحقيق تقدم في هذا المجال.

وتؤكد المصادر أنّ لدى جهاز مراقبة المخدرات الفيدرالي في البلاد معلومات مؤكدة وموثقة عن بعض مصادر تمويل الجماعات الارهابية من تجارة المخدرات في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، وأنّ العمل يجري مع أجهزة أمنية أخرى في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وغيرها من الأجهزة المختصة لمكافحة هذه الظاهرة، إذ تشير التقارير الاستخباراتية إلى أنّ الإتجار بالمخدرات قد وفّر لتنظيم «الدولة الاسلامية» نحو مليار دولار خلال العام 2014.

وتختم المصادر مؤكدة أنّ ملف مكافحة الارهاب هو الملف الأكثر خطورة وحساسية للعالم أجمع، وقد تستمر عمليات مكافحته سنوات طويلة، ما يعني أن لا بديل من التعاون وتبادل المعلومات والرصد بين دول العالم كافة، مشيرة الى أنّ ملف مكافحة الارهاب سيتصدر أعمال المؤتمر الدولي للأمن الذي سيعقد في موسكو الشهر المقبل.

(الجمهورية)

السابق
«النووي»… أم سِلال البَيض وسُطول اللبَن؟
التالي
ذاكرة العراق المُرّة