«هيئة علماء المسلمين»: مأزق الموقف والدور  

تعاني «هيئة علماء المسلمين» في لبنان من تراجع دورها وتأثيرها على الساحة الإسلامية، منذ استقالة رئيسها السابق المفتي الشيخ مالك جديدة وتسلّم إمام مسجد التقوى الشيخ سالم الرافعي رئاستها مجدداً.

وعلى الرغم من سعي «الهيئة» لإعادة تفعيل دورها، إن من بوابة قضية العسكريين المخطوفين أو من خلال التصدي لبعض القضايا المتعلقة بأوضاع طرابلس أو قضية المخرج شربل خليل، فإن المتابعين لأوضاع الهيئة يؤكدون أنها فقدت فعاليتها ولم تعد قادرة على اجتذاب الجمهور الإسلامي. كما يكثر الحديث عن خلافات عديدة في صفوف أعضائها حول كيفية مواجهة المرحلة المقبلة والسياسة الواجب اعتمادها في ظل المتغيرات الحاصلة داخلياً وخارجياً.
وتكشف مصادر مطلعة في «الهيئة» أنه بعد انطلاق الحوار بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» وإعلان الشيخ داعي الاسلام الشهال استعداده للحوار مع «الحزب»، جرت نقاشات داخل «الهيئة» حول القيام بمبادرة حوارية مع الحزب، فانقسمت الآراء بين اتجاهين: الأول يرفض أي حوار مع «الحزب» ما دام الأخير يقاتل في سوريا، وآخر يدعو للبدء بحوار غير معلن لاستكشاف الأجواء والبحث في كل الملفات العالقة ومن ضمنها الأزمة السورية.
لكن بموازاة البحث في الحوار مع «حزب الله»، بدأ عدد من أعضاء «الهيئة» يتعرض لضغوط متعددة. كما جرت إعادة فتح بعض الملفات القضائية لعدد من أعضائها، مما جعل بعض الأوساط الإسلامية في الشمال تعتبر أن الهدف من وراء هذه الضغوط هو منع «الهيئة» من الحوار مع «حزب الله» أو القيام بأي مبادرات عملية لمواجهة الأزمة التي تواجهها الساحة الإسلامية، ومن أجل تأكيد أن تيار «المستقبل» هو الوحيد المخوّل بالحوار والنقاش مع «حزب الله» حول كل الملفات السياسية والأمنية.
ومع ان الشيخ سالم الرافعي استقبل منذ فترة وفداً من «التيار الوطني الحر» في الشمال ورحّب بأي حوار بين الهيئة والعماد ميشال عون، فلم تتم متابعة هذه المبادرة واقتصرت العلاقات حتى الآن على الجانب البروتوكولي.
وقد عمد بعض الكوادر الاسلاميين إلى نشر بعض المقالات والتعليقات التي تدعو «الهيئة» لإعادة دراسة أوضاعها الداخلية وتحديد مشروعها السياسي بوضوح، وعدم ربط دورها ومواقفها بالأزمة السورية فقط وأن يكون لديها رؤية سياسية محددة بشأن الأوضاع في لبنان والمنطقة. في حين دعا آخرون إلى إعادة دراسة الوضع التنظيمي للهيئة والبحث في كيفية تفعيل دورها الشعبي، بعد أن تراجع هذا الدور واقتصر على بعض التحركات الشعبية في طرابلس.
ويعتبر بعض المعنيين في الساحة الإسلامية أن «الهيئة» تواجه تحديات عدة، منها:
– ضرورة حسم موقفها من التنظيمات الإسلامية المتطرفة، لا سيما «داعش» و «جبهة النصرة»، وإعلان موقف واضح من هذه التنظيمات.
– بروز التباين بين أعضائها، لا سيما منذ استقالة رئيسها السابق وبعد عودة دار الفتوى للعب دور فاعل في الساحة الإسلامية.
– انعكاس الخلافات الإقليمية والعربية على دور «الهيئة»، نظراً لارتباط بعض أعضائها بدول خارجية.
– عدم الاستقرار التنظيمي في ظل تغيير الأنظمة الداخلية التي تنظم أوضاعها الداخلية بين فترة وأخرى، واضطرار «الهيئة» لاعتماد آليات مختلفة لجهة انتخاب الرئيس والهيئة الإدارية.
وقد سعى بعض أعضائها للانفتاح على القوى الإسلامية الاخرى، ولكن بقيت هذه المبادرات فردية ولم تتحول الى سياسة عامة، مما جعل «الهيئة» في حالة من التراجع وعدم الحيوية.
لكن بالرغم من كل هذه الإشكالات، فإن «هيئة علماء المسلمين» لا تزال قادرة على لعب دور مؤثر في الساحة الإسلامية، في حال أعادت النظر بأدائها ومواقفها ووضعت خطة مستقبلية واضحة على صعيد دورها ونشاطاتها.

(السفير)

السابق
تكريم شوقي بزيع في المهرجان اللبناني للكتاب ومناقشة كتاب هاني فحص
التالي
بري يستعجل إقرار السلسلة وإيران تتهم الغرب بالمكر والغدر