تكريم شوقي بزيع في المهرجان اللبناني للكتاب ومناقشة كتاب هاني فحص

مكرّماً حل أمس الشاعر شوقي بزيع في المهرجان اللبناني للكتاب في أنطلياس. تجربته الإبداعية “نهر” كما وصفتها الدكتورة زهيدة درويش جبور، فـ”حركته متجددة دائمة، وماؤه واحد لا يتغير”. أما لغته الشعرية فـ”شجرة، جذورها ضاربة في الأرض، نسغها نزف وجدان، وأغصانها مسافرة في فضاء الإنسانية الرحب”. أضافت: “الإحساس لا يصل إلا مقنعاً بلغة المجاز، متلفحاً بعباءة الصورة… يبقى بزيع في أعماله كلها شاعر التجربة، يكتب القصيدة إملاء الداخل، فتخرج رعداً تارة، وتنساب لحناً منكسراً تارة أخرى”.

أما فرنسوا قزي فقال: “شاعر ملاذه شعره، الحضن الدافئ الذي يرتمي بين جنباته، يحاول دائماً الحفاظ على صفائه الداخلي، فيهرب من غبار الشوارع وضجيج الساعات، والأعمال الإدارية في المؤسسات، لأن ذلك يبعده ممن الاهتمام بتثقيف ذاته، وصقل تجربته الشعرية”.
ووعد بزيع “النفس” قبل شهر من بلوغه التقاعد الوظيفي، بـ”رفد مسيرتي مع الكتابة بما يلزمها من الشياطين”.
وعقدت ندوة عن كتاب المحامي هيام ملاط بالفرنسية “لبنان: بروز الحرية والديموقراطية في الشرق الأدنى”، أدارها جميل جبران الذي رأى أنه “من الميزات الكثيرة لمنهج ملاط في البحث التاريخي أن كتابة التاريخ ليست نظرة الحاضر للماضي فحسب، بل هي أيضاً نظرة الذين عاشوا ذلك الماضي أو شاهدوه، فأورد مقتطفات من كتاباتهم أو شهاداتهم”.
أما الدكتور ملحم شاوول فخلص إلى أن الكتاب “بمثابة تحقيق يسأل السياق التاريخي بحثاً عن سبب مفارقة تقلق الباحث وتثير فضوله”. تابع: “ينظر ملاط إلى هذا الشرق المتشكل ولايات عثمانية ويتساءل محتاراً: “كيف حصل أنه في هذه البقعة المسماة جبل لبنان استولد مفهوم الحرية وأرسى نظام اعتبر نفسه ديموقراطياً؟”. لا شيء يوحي له أن السياق التاريخي لشعوب الشرق، يفضي إلى هذا النوع من التجارب… يلجأ الباحث هنا إلى التاريخ بذهنية المحقق الباحث ليجمع الأدلة والوقائع التي تسمح بتفسير مفارقة من مفارقات التاريخ والاجتماع”.
ورأى الدكتور أنطوان مسرّة أن في كتاب ملاط “وثائق حية وأصيلة وذات مغزى تساعد على استعادة ثوابت الجمهورية في لبنان. تلوثت هذه القيم في خطاب سائد واضطربت وتزعزعت، وربما غابت واضمحلت في الذاكرة، بخاصة للجيل الجديد. إنه عودة إلى الجذور، إلى الأصالة التي تندرج بين الأصولية المتقوقعة في الماضي وبين التقدمية التي تشطح في المستقبل”.

وعقدت أول من أمس ندوة عن كتاب السيد الراحل هاني فحص “الشيعة بين الاجتماع والدولة”. سبب تأليف الكتاب، وفق الدكتور سعود المولى، “عمل فحص على تأصيل فكرة الشيخ محمد مهدي شمس الدين وفكرته عن علاقة الشيعة بالدولة عمومًا وبالدولة اللبنانية خصوصًا”. وأضاء سعود المولى على ثقافة فحص الإسلامية العميقة والواسعة والتي يوازيها ثقافة أخرى من خلال إطلالاته المختلفة على كل الفكر الإنساني، خصوصاً الفكر اليساري. وختم: “امتشق السيد قلمه وجعل قلبه دليله وعقله شراعه، فحيث كان القلب كان الحلم”.
ولفت المهندس ميشال عقل إلى أن الكتاب لن يكون الأخير لفحص. فقد رأى عقل في إدارته للندوة أن الكتاب الصادر حديثاً مدماك في تعالي العمارة المدنية اللبنانية، وإحياء للذاكرة التوحيدية المدنية للإجتماع الشيعي، وتوقه الدائم إلى الدولة المستقلة. والإنسان هو الأساس في قراءات فحص، قال ملحم خلف، “فإذا كان من تعددية فلأجل الإنسان. وإذا كان من رفض للمطلق والشمولية والاختزال، فلأجل الإنسان”. ولفت خلف إلى أن فحص ومن خلال كتابه، رتب المفاهيم والمعايير لناحية انتمائه الديني الإماني، ووضع الشيعة في مكانتهم الوطنية عبر الاندماج والانفتاح مؤكداً على أهمية فكرة المواطنة والتابعية لكل وطن من دون التخلي عن الخصوصية الشيعية.
وقدّم الندوة محمد حسين شمس الدين الذي خلص إلى أن فحص “في تفكيره وسلوكه شيعي في العمق، ولذلك هو سني في العمق، وهو مسلم في العمق، ولذلك هو مسيحي أيضاً”. وتوقف شمس الدين عند القسم الكبير من الكتاب المخصص للاستقصاء عن الأولويات في سيرة الشيعة اللبنانيين وفي خطابهم السياسي والاجتماعي والثقافي والديني والوطني، ولاسيما عند منعطفي الكيان والاستقلال.

“تعزيز المواطنة من خلال التراث الوطني” عنوان الندوة التي لفتت فيها الدكتورة منتهى صاغية إلى أن موقع جبيل “مهدد الآن بالتعرية وبتهدم الجدران القديمة وانجراف التربة وبالانزلاق”.

“يقصد الزوار المواقع الأثرية اللبنانية ليتناسوا المُدنية الفوضوية التي تنتشر على أراضي وطننا كلها، لكن بقليل من الاستنتاج العلمي أو الثقافي من زيارتهم”، كما رأى الدكتور جورج زوين.
وسأل الدكتور الياس القطار: لماذا لم تتطور فكرة الوطن ومبدأ المواطنة في بلاد الشرق؟”.
وفي التواقيع، وقع المحامي وليم الغريب كتابه “قانون العمل اللبناني” في جناح “دار النهار”.

(النهار)

السابق
بوادر انفراج سعودي ـ إيراني: الترجمة في لبنان أولاً؟
التالي
«هيئة علماء المسلمين»: مأزق الموقف والدور