30 ألف مولد كهرباء تهدد اللبنانيين في صحتهم!

انقطاع الكهرباء في لبنان لا يكبد اللبنانيين فقط أكلافاً مرتفعة للحصول على الكهرباء، بل يقتلهم. ما يتعدى 30 ألف مولد تنتشر على رقعة الجغرافيا اللبنانية، بين المنازل وفي الأحياء السكنية، بهدف مواجهة التقنين الحاد الذي تنفذه شركة كهرباء لبنان، لكن الأخطار البيئية لهذه المولدات تتفوق على الشروط البيئية التي تضعها البلديات.

نوعان من التلوث تتسبب بهما مولدات الديزل، الأول هو التلوث الغازي، والثاني هو التلوث بالضجيج، لكن اللبنانيين مجبرون على نشر مولدات الديزل بين أماكن سكنهم، بسبب التقنين الكهربائي الحاد، في بعض المناطق التي يصل عدد ساعات القطع فيها إلى 18 ساعة، ما يجبر السكان على الاعتماد بشكل كبير على “مولدات الاشتراك” لكن هذه المولدات التي تنتشر بين منازلنا تخبئ أمراضاً خطرة، وخصوصا أن معظمها مستهلك ولا يخضع لصيانة وفلترة كما يجب…وللعلم، فإن منظمة الصحة العالمية صنفت خلال العام الماضي الآليات التي تعمل على الديزل كمسبب مؤكد للسرطانات. قرارات دون رقابة الخبير البيئي حبيب معلوف، يؤكد أن معظم المولدات المنتشرة بين المنازل تصدر انبعاثات نتيجة احتراق وقود الديزل (المازوت).

ويؤكد أن القرارات التي أصدرتها البلديات ووزارة الطاقة لتنظيم عمل هذه المولدات لا تخضع للمراقبة، والتركيز يكون على التسعيرة التي تفرض وليس على الالتزام بالشروط البيئية. الأدخنة السوداء التي تصدر عن بعض المولدات ليست الخطر الغازي الوحيد وفق معلوف، بعض الفلاتر تقوم بتنقية الأدخنة ومنعها من الإنتشار، لكن هناك 7 ملوثات عبارة عن مواد صلبة دقيقة لا تنجح الفلاتر في منعها من الإنتشار، وتؤثر بشكل مباشر على الرئتين، ومنها مواد مسرطنة، حيث يشير معلوف إلى أن دراسات علمية أجريت في أوروبا أثبتت أن استخدام الديزل في وسائل النقل، على الرغم من التقنيات المتطورة التي تستخدم لخفض الإنبعاثات، لم تنجح في التقليل من خطورة هذه الملوثات التي لا ترى بالعين المجردة. ويشير معلوف هنا إلى أن استخدام المازوت يؤدي إلى تلوث هواء المدينة، وهو أخطر مرحلياً من استخدام البنزين، الذي يعد أكثر خطورة على المناخ العالمي وحرارة الأرض.

تقنيات الفلترة من جهته يؤكد مالك مؤسسة البحر المتوسط لبيع وتأجير المولدات الكهربائية، سامر شهاب، أن أي آلية تعمل على الديزل تنتج ملوثات بسبب حريق المازوت غير المكتمل واحتراق نسبة من زيت المحرك، ويلفت إلى أن الأدخنة التي تنبعث من المولدات تكون منخفضة إذا كان المولد بحالة ميكانيكية جيدة، ويكون تأثيرها على البيئة محدوداً، لكن إذا زادت نسبة الإنبعاثات، يكون قد تهالك المحرك، ما يتسبب باحتراق الزيت ، وبالتالي يحتاج هذا المحرك إلى صيانة لمضخة المازوت والبخاخات.

ويدعو شهاب الدولة إلى المساهمة في خفض الإنبعاثات، عن طريق خفض الرسوم الجمركية على المحركات الحديثة، لتسهيل استيرادها، والتشجيع على استبدال المحركات القديمة بالجديدة. وحول فعالية الفلاتر التي يتم تركيبها على الداخون والتي تطلبها البلديات، يلفت شهاب أنها تلتقط الدخان لكن لا تمنع المواد الملوثة من الإنتشار، لكنه يتحدث عن طريقة بدأت تنتشر تسمى “الأرغيلة” وهي عبارة عن غرفة مائية يتم إدخال الأدخنة إليها، فتقوم بإزالة الشوائب الضارة بنسبة كبيرة.

وحول الشروط البيئية التي تطلبها البلديات يؤكد شهاب أنها غير كافية، ويلفت أن مواصفاتها لا تتعدى منع الأدخنة، لكنها لا تمنع المواد الملوثة للهواء من الخروج، ويشير إلى انخفاض أسعار هذا الفلتر الذي لا يتعدى سعره خمسمئة دولار، في وقت يصل ثمن “فلتر البيئة” عالي الفعالية، إلى أكثر من تسعة آلاف دولار، وهو نوع حديث يركب على المحرك مباشرة.

كواتم الصوت تحسن كبير حققته صناعة الكواتم في لبنان، يؤكد معلوف أن السنوات العشر الأخيرة شهدت قدرة كبيرة على خفض انبعاثات الصوت، لكنه يلفت إلى أن البلديات نادراً ما تراقب مستوى الضجيج، وهو أمر يحتاج إلى مراقبة دائمة، لأنه من أخطر الملوثات التي تؤثر على صحة الإنسان، خصوصاً أن المولدات تعمل ليلاً نهاراً. ونجح مصنعو الكواتم لبنان في خفض نسبة الصوت المنبعث من المولد إلى أقل من ثلاثة وستين “دي بي آي” على بعد ثلاثة أمتار. شهاب يشير إلى أن مؤشر الضجيج يظهر أن المفروض أن صوتا حتى لا يكون متسببا بالضجيج لا يتعدى 63 “دي بي آي” على 3 أمتار، وهو صوت يعادل حديث بصوت طبيعي، أما عندما يكون ضجيج المولد ما بين سبعين وثمانين دي بي آي، فإنه يعادل الصوت المنبعث من زحمة سير.

ويؤكد شهاب أن مصنعي الكواتم في لبنان يعدون من الأفضل في العالم، حيث توصلوا إلى إنتاج كواتم تجعل من صوت المحرك غير مسموع على بعد خمسة أمتار، من دون أن يؤثر ذلك على حرارة المولد أو كفاءته. ويشير إلى أن خفض صوت المحرك يعتمد على أمرين: فلترة الصوت الذي يخرج من العادم عن طريق مستودع محشو بالصوف الصخري، وفلترة الصوت الصادر عن المحرك ذات نفسه، عن طريق حصره في غرفة مؤلفة من حوائط محشوة بالفيبر غلاس، مع مخارج ومداخل للهواء مفلترة بنفس المادة. ويؤكد شهاب أن أغلب مشغلي مولدات الاشتراك في لبنان يلتزمون بمعايير خفض انبعاث الصوت، بسبب الضرورة إلى ذلك، لكن أحياناً خلال فصل الصيف، يلجأ البعض إلى فتح أبواب الكاتم، ظناً أن ذلك يخفض من حرارة المحرك، مع العلم أن الحرارة متعلقة غالباً بالحمولة الزائدة وسلامة المبرد، وليس بغرفة الكاتم.

أفضل مكان لوضع المولد عند سؤال الخبير البيئي حبيب معلوف عن أفضل مكان لوضع المولد أشار إلى أن الأمر يرجع إلى حجمه، ولكن عادة يفضل أن يكون في غرفة مغلقة، الأمر يخفف من الضوضاء، مؤكداً ضرورة إجراء تمديدات لطرح الإنبعاثات فوق المباني وليس بينها، أما شهاب فيشير إلى أن التطور الحاصل في مجال صناعة الكواتم، يسمح بوضع المولدات فوق أسطح المباني (أو غرفة المصعد) مباشرة، حيث تقوم رافعات بوضعها فوق عوازل من المطاط والأخشاب، ما يخفض مشاكل الأدخنة من جهة، ويوفر المساحات في المدن المكتظة.

(greenarea.me)

السابق
تحذير للرجال: المرأة الجميلة تشكل خطرا على صحتك
التالي
تغيير «هيكليات» 14 آذار لن يغيّر الوضع