الفلسطينيون في سوريا

فيما ينصبّ اهتمام المجتمع الدولي على متابعة أوضاع اللاجئين السوريين، يتواصل “تدفق” اللاجئين الفلسطينيين من الداخل السوري في اتجاه الجوار. “تدفق” اتخذ في بعض الاحيان من “قوارب الموت” وسيلة في الهجرة غير الشرعية، الأمر الذي حدا بالمسؤولين على إثارة الموضوع على أعلى المستويات، ومن ضمنهم نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون الذي زار بيروت في الأشهر الماضية.

والى مسألة الهجرة غير الشرعية، ثمة قضية تنجم عنها وتوازيها أهمية، تتعلق بمصير اللاجئين الشرعيين وغير الشرعيين، الذين يتعرضون “لاقتلاع منهجي”. اقتلاع يبدو أنه “أبدي”، باعتبار أن معظم اللاجئين لم يعد يفكر في طريق العودة.
ثمة أسئلة عدة تطرح في الأوساط الفلسطينية وتتناول تهجير الفلسطينيين من سوريا، وهو ما لا يبدو “حدثاً عارضاً”، وقد شكّل هذا الأمر محور تقرير أعده “مركز تطوير للدراسات” عن شهر شباط الجاري، وتضمن مجموعة مفارقات وخلاصات:
أولاً، بيّنت الشهادات أن النازحين الفلسطينيين من سوريا، بأعدادهم الكبيرة والمتزايدة، ولا سيما من مخيم اليرموك باتوا أبعد ما يكون عن التفكير في العودة، ولا يشغلهم الا البحث عن ملاذ آخر. من هنا، ثمة سؤال كبير يطرح بقوة: الى أي جهة يدفع النظام السوري “الفاتورة” المسبقة بتهجيره اللاجئين من سوريا؟
ثانياً، بلغ مجموع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا 530 ألفاً عام 2014. ويتمركز 67 في المئة منهم في دمشق والمخيمات القائمة في ضواحيها، في حين يتوزع الباقون على المحافظات الأخرى. كما يتركز في 9 مخيمات تعترف بها “وكالة غوث اللاجئين وتشغيلهم” (الأونروا)، نحو 30 في المئة من مجموع اللاجئين في سوريا، وترتفع النسبة الى 60 في المئة إذا ما أخذنا في الاعتبار مجموع سكان اليرموك الذي لا يعتبر مخيماً بحسابات “الأونروا”، نظراً الى وجود بلدية فيه تتبع وزارة الإدارة المحلية. ومعلوم أن مجموع سكان اليرموك وصل منتصف 2012 الى نحو 151 ألف لاجئ فلسطيني، إضافة الى 150 ألف سوري.
وبحسب “الأونروا”، فإن الحرب في سوريا تسببت بتهجير ثلاثة أرباع اللاجئين الفلسطينيين من مخيماتهم (…) وثمة نازحون داخليون في المناطق المحيطة لدمشق، فيما توزع آخرون على جزء واسع من الدول خارج سوريا، أبرزها لبنان (50 ألف فلسطيني)، والأردن (11 ألف) ومصر (7500) فضلاً عن ليبيا والسودان وتركيا. كما أن بعضهم وصل الى ألمانيا وأسوج، وهو ما جعلهم نازحين للمرة الثانية أو الثالثة. وبحسب تقديرات “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإن نحو 26 ألف فلسطيني كانوا يعيشون في سوريا وصلوا الى أوروبا بطريق غير شرعية، فيما قضى 430 غرقاً.
ثالثاً، وبعد مرور 8 أشهر على قرار مديرية الأمن العام منع دخول فلسطينيي سوريا الى لبنان، تبرز تداعيات سلبية تطاول فئة واسعة من اللاجئين. ويعرض التقرير لنماذج عن حالات مأسوية شملت منع جامعيات من إكمال دراستهن وانفصال عائلات وحالات وفاة دون لمّ شمل العائلات. كما يروي التقرير قصة مريض نفسي تحول في ظل سوء الأحوال، “أميراً داعشياً”.

السابق
ليتها إمبراطورية إيرانية.. لكن هيهات!
التالي
أحوالنا المتصدعة.. وضاح شرارة دليلاً