مليونا نازح والقنبلة الموقوتة‬‎

مليونا نازح! مليونا نازح سوري بلبنان رقم جداً كبير بالنسبة لبلد مثل لبنان، مساحته صغيرة ولا يتعدى عدد سكانه الخمسة ملايين، وبخاصة أن لبنان يعاني من مشاكل إقتصادية كبيرة، وبنيته التحتية غير مجهزة لإستقبال هذه الأعداد، وللأسف لا يوجد سياسة واضحة للتعامل مع النازحين من الدولة اللبنانية على مختلف الأصعدة (إجتماعية، أمنية، وخدماتية)، وللأسف الدول المانحة لم تف بوعودها تجاه لبنان، من حيث التمويل أو إستقبال عدد من النازحين من سوريا. تداعيات هذه الأزمة بدأت تظهر إلى العلن يوماً بعد يوم، وأبرزها العنصرية المتفشية بين الطرفين!

بعض اللبنانيين يقولون أن السوريين إنتشروا على مختلف الأراضي اللبنانية وأصبحوا يشكلون خطرا على لبنان من الناحية الأمنية، وبخاصةٍ بعد أحداث عرسال اﻷخيرة. هذا بالإضافة إلى التغيرات الديمغرافية والمشاكل الإقتصادية التي بدأت تظهر تداعياتها عن طريق صرف بعض المؤسسات للعديد من موظفيها وعمالها اللبنانيين وإستبدالهم بعمال وموظفين سوريين، بسبب تقاضيهم أجور أقل مما يتقاضاه اللبناني، بالإضافة ايضا إلى إفلاس العديد من المؤسسات اللبنانية بسبب عدم قدرتها على منافسة المؤسسات السورية التي تم افتتاحها بلبنان مؤخراً. لهذا خرجت بعض الأصوات التي تطالب بترحيل السوريين من لبنان أو منعهم من العمل وحظرهم من التجول مساءً. كذلك هناك بعض النازحين السوريين الذين بدأ حقدهم يظهر تجاه اللبنانيين، زاعمين إن اللبنانيين يقومون بإستغلالهم ولم يستضيفونهم كضيوف أو أشقاء بل كلاجئين! هؤلاء يعتبرون كلمة لاجئ إهانة، ولديهم عتب كبير على اللبنانيين لأنهم لم يعاملوهم بمثل ما عامل الشعب السوري النازحين اللبنانين خلال حرب تموز! كذلك أصبح لدى بعضهم حقد على الجيش اللبناني، وبخاصة بعد الإعتقالات التي قام بها الجيش بمخيمات عرسال وغيرها من المخيمات، فأخذوا يطالبون داعش بالدخول إلى لبنان، ويفرحون ويهللون لكل عملية إرهابية يقوم بها تنظيم داعش بالهجوم على الجيش اللبناني! للأسف هناك بعض النازحين يعتبرون أنفسهم أكثرية في بعض المناطق ويتصرفون على هذا الأساس.
نعم نحن أمام معضلة كبيرة، وللأسف الحقد والعنصرية يكبران يوماً بعد يوم، وإذا ما استمر الوضع على هذا المنوال، نحن مقبلون على إنفجار كبير لا تحمد عقباه.

للعنصري اللبناني أقول أن النازح السوري لم يأت إلى لبنان للسياحة، بل هرباً من الموت والإعتقال والإغتصاب والجوع! هو ليس سعيداً بالعيش في بخيمة تحت أشعة الشمس الحارقة أو الثلج والصقيع القاتل. والنازح السوري لا يأخذ الأموال من درب اللبناني، بل هذه المساعدات تأتي على إسمه، كما أن هناك الكثير من المؤسسات اللبنانية في مختلف القطاعات تستفيد من الأموال السورية ( الإستشفاء، السياحة، التجارة..) وأن هناك الآلاف من الشباب اللبناني وجد فرص عمل في الجمعيات أو المنظمات الدولية التي تهتم بملف النازحين. أما بخصوص صرف العمال والموظفين اللبنانيين، من الذي صرفهم؟ أليس رب العمل اللبناني؟ وأين دور الدولة في تنظيم اليد العاملة؟ أما الذين يعترضون على المؤسسات السورية والعمال السوريين.. فما المطلوب منهم؟ هل المطلوب أن ينتظروا المعونات التي وإن أتت لا تكفي اسبوعاً واحداً؟ هل المطلوب من السوري أن يموت جوعاً هو وأطفاله أو أن يسرق ويقتل في سبيل رغيف الخبز! هل يكون الحل بإعادة النازحين إلى ما وراء الحدود ليواجهوا الموت أز الإنجرار إلى التطرف والإنغماس في الحرب الدائرة؟ هل من الممكن أن نجلد الضحية مرتين؟

أما للنازحين العنصريين، فأقول: لا يوجد بلد دعم الشعب السوري كما لبنان وشعبه، فهم بلبنان متواجدين على مختلف الأراضي اللبنانية وليسوا محصورين داخل مخيمات لا يمكنهم الخروج منها كما في الدول الأخرى! هم أحرار في لبنان، وليسوا سجناء. وعن حرب تموز، فالحرب استمرت ل33 يوما، ومعظم اللبنانيين الذين ذهبوا إلى سوريا لم يسكنوا أو يأكلوا بالمجان، معظمهم كانوا حلفاء النظام وهم نفسهم الذين يقتلون السوريين اليوم، وكثير من اللبنانيين تصدوا لهم ورفضوا ممارساتهم! وعن تأييدهم لداعش أو التهليل لعملياته بحق الجيش اللبناني، أقول لهم أن داعش هو أول أعدائكم، وأنتم أول المتضررين من معاركه المشبوهة. رأينا هذا بعرسال وما حصل من بعدها، حيث بدأتم تفقدون الحاضنة الشعبية اللبنانية. ولا يزال اللبناني حتى اللحظة يتعاطف معكم، لأنكم مظلومون. فلا تكونوا ظالمين.

لكي نتفادى هذه القنبلة الموقوتة القابلة للإنفجار بأي لحظة، ولن يسلم حينها أحد، دعونا جميعا نعود إلى إنسانيتنا، لنطالب بالدولة اللبنانية بإعادة النظر في الخطوات المتبعة بحق النازحين السوريين من ناحية تجديد الإقامة في الأمن العام، حيث معظم النازحين لا يستطيعون تجديد أوراقهم بسبب الشروط والمستندات المعقدة والتعجيزية المطلوبة منهم حيث أصبح الكثير من النازحيين مقيمين بشكل غير شرغي ومعرضين للإعتقال والترحيل بأي لحظة. والنقطة الأهم دعونا كلبنانيين وسوريين نتبع مبدأ “ولا تزر وازرة وزر أخرى”..

(14 آذار)

السابق
الأمن الفلسطيني يعتقل عشرات من قيادات وأنصار «حماس» في الضفة
التالي
بالفيديو: هذه هي الفتاة التي صورت فيلما اباحيا قرب اهرام مصر