عاطفة نتنياهو هزمت أوباما

باراك أوباما
تمكّن رئيس الوزراء الاسرائيلي من التغلب على الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه أمام الكونغرس الأميركي. الأوّل استدرّ العطف والثاني كانت له إجابة باهتة.

السياسي الشعبوي هو، في مكان ما، براغماتي عاطفي يعتمد دغدغة المشاعر مع كل خطاب عابر أو مفصلي، حاله كحال ساحر يُخفي أرنباً ناصعاً في حديقة راحتيه، يُخرجه فور شعوره برتابة ما يُقدمه فيُضحك الجميع ويجعلهم يُصفقون لنباهته وخفة يده وسرعة بديهته، كل هذا يندرج في خانة الإحتراف الذي يتيح الدمج المنمّق بين الفعل والعاطفة، بين الفاعل والعاطفة، وبين المفعول به والفعل والفاعل والعاطفة.

البعض يُشخّص الدمج بين ثلاثية السياسة والأدب والعاطفة بأنه نوع هجين من السياسة الناعمة أو الليّنة، أما البعض الآخر، فيذهب في تشخيصه إلى حدود مثيرة للجدل، بحيث يصل إلى خلاصة مدّعمة بدراسات معمّقة تؤكد سلطة “المولود الهجين” وقدرته على التأثير في مروحة واسعة جداً من المستهدفين، وهنا تكثر الأمثلة وتطول الشواهد على مدى التاريخ القريب والبعيد.

يمكننا، مثلاً، أن نتنقّل سريعاً بين قادة إستطاعوا الدمج، على نحو متفاوت، بين الثلاثية إياها، لندرك قدرة النص وماهية نفوذه وسلطته على غير صعيد، لا بأس هنا بدراسة تجربة نيلسون مانديلا وشارل ديغول وحتى جمال عبد الناصر.

وفي هذا السياق، بدا خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس الأمريكي بالأمس، وكأنه “زبدة” الدمج بين العاطفة والسياسة والأدب، الأمر الذي استدعى تصفيقاً حاراً وغير مسبوق، ربما، في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.نتنياهو

أهمية هذا الخطاب “التاريخي” تتلخص بقدرة الرجل على إستحضار هذا الكم الهائل من العاطفة في مقاربة قضية سياسية مركزية وحساسة تتعلق بمستقبل إسرائيل السياسي وحتى الكياني، فليس عابراً، على سبيل المثال لا الحصر، أن يقول نتنياهو بأن القائد العسكري في حزب الله عماد مغنية قتل من الأمريكيين أكثر من زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وليس عابراً، أيضاً، أن يستبق خطابه بالوقوف “متأثراً” أمام حائط المبكى في مشهدية دراماتيكية أعادت تشخيص الــ “هولوكوست” بتقنية الــ HD.

في المقابل، ظهر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في موقع العاجز والمتخبط، حاول مع ذراعه الدبلوماسية جون كيري أن يبدد العاصفة التي أثارها نتنياهو في عقر داره، فأصدر في أقل من 24 ساعة عشرات المواقف السياسية المشابهة والتي تتمحور بغالبيتها حول التأكيد بعدم السماح لإيران بإمتلاك القنبلة النووية.باراك أوباما

أوباما يتعاطى مع الملف الإيراني بإعتباره واقعاً لا بد من إحتوائه بأقل الأضرار الممكنة، وهنا يلجأ إلى براغماتية “جافة” في التعامل مع المتحركات السياسية الناجمة عن أي إتفاق مرتقب، فيما تفوّق نتنياهو عبر إعتماده على براغماتية “عاطفية” إستطاعت شد العصب ورفع تصنيف أي إتفاق أمريكي مع إيران من قضية سياسية عابرة إلى قضية رأي عام

هناك فرق كبير، بل وكبير جداً، بين قول نتنياهو لأعضاء الكونغرس “عماد مغنية أخطر عليكم من أسامة بن لادن” وبين رد أوباما “نتنياهو لم يُقدّم أي جديد في خطابه”!

السابق
الحوار السابع بين «المستقبل» – «حزب الله» ما جديده؟
التالي
إيران لـ«جيرو»: عون أو لا أحد