هل اتفق حزب الله وحركة أمل على إزاحة الشيخ عبد الأمير قبلان؟

الشيخ عبد الأمير قبلان
لا شك أنّ ما يطرحه المصلحون من الفعاليّات الشيعية حول إصلاحات يجب أن تطال المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ليس جديداً. لكنّ اللافت هو هجوم رجل دين محسوب على حركة "أمل"، في حملة على نائب رئيس المجلس الشيعي الشيخ عبد الأمير قبلان، فهل من هدف مخطط له ومدروس؟ أم أنّ الرئيس نبيه برّي قرّر إزاحة قبلان بالتوافق مع حزب الله؟

شنّ الشيخ محمد كاظم عيّاد، وهو شقيق الشيخ الشيخ مرتضى عيّاد إمام مسجد الإمام علي بن أبي طالب في محلة خندق الغميق ببيروت، حملة شعواء على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وتركيبته الحالية المستمرة منذ وفاة رئيسه المرجع الشيخ محمد مهدي شمس الدين في العام 2001.

وفي معلومات حصلت عليها “جنوبية” فإنّ الشيخ محمد كاظم عيّاد كان المسؤول الثقافي لحركة “أمل” في الخندق الغميق لسنوات عدّة خلت، وعلاقته جيدة جداً مع حزب الله.

وكان الشيخ محمد كاظم قد امتدح الشيخ عبد الأمير قبلان في مراحل سابقة إلا أنّه ومنذ فترة قريبة هاجمه في الوقت الذي كال المديح إلى كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

ومن النصوص التي وزّعها الشيخ محمد كاظم عيّاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي النصّ التالي:

«المجلس الاسلامي الشيعي مزرعة المحتكرين (داعش) ان المجلس الاسلامي الشيعي كان غاية رفيعة المقام بأفكار القائد الامام السيد موسى الصدر وتم تأسيسه كي يكون هذا المجلس لرفع كلمة الحق وملاذا للمظلومين والمحرومين، لكن لم توفق الطائفة حتى كان تغييب الامام وبإنتفاء وجوده تحول هذا الصرح الى وباء على الطائفة والمظلومين والمحرومين. واصبح المجلس استهلاكية لمجموعة من النافذين يفعلون ما يريدون لمصالحهم الشخصية لا رادع ولا محاسب وبالاخص في عهد الشيخ عبد الامير قبلان وحاشيته. منذ اكثر من عشر سنوات وهم يضعون اذن الجرة حيث مصالحهم بل يضعون للجرة عدة آذان يزرعون المحاسيب والازلام بالوظائف في المجلس وغيره ويبعدون من هم اهل للعمل والكفاءة من المجلس وخارجه. وأما دار الافتاء الذي يضع يده عليه الابن الشيخ احمد الذي لا يقل سوءا عن المجلس كذلك الابناء والازلام والمحاسيب وايضا الجامعة الاسلامية مزرعة لهم ولاعيانهم وابنائهم وازلامهم. واما الاوقاف فحدث ولا حرج عن هدرها وهدر ريعها كذلك للابناء والمحسوبيات واما مستشفى التي يجب تغيير اسمها احتراما لصاحبة الاسم وتسميتها بالبتراء فانها مقبرة الاحياء وإذلال الناس على ابوابها وحرمانهم من العلاج. يتسلط عليها اناس اشرار والمافيات كشعيتو وغيره ونهب ريعها الذي يعد بمليارات الليرات سنويا. نعم ما هكذا ارادها قائدنا الامام الصدر نعم ان هذه الجماعة تحب اذلال العلماء والناس كي تبقى واقفة على ابوابهم لكي يعيشوا اجواء الزعامة وهم ابعد عنها من السماء الى الارض. لكن لعنة الله على الظروف التي جعلتهم في هذه المناصب. ان العظماء واصحاب الكفاءات في البيوت والصغار يحكمون. ان المجلس لا يفيد الطائفة بل وﻻ يمثلها لذلك ان الطائفة ليست بحاجة له فيجب الغائه. نعم ان اللطف الالهي منّ على الطائفة الذي جعل فيها قيادة حكيمة يديرون شؤونها للحفظ عليها وعلى الوطن وأعني دولة الرئيس الحكيم الاستاذ نبيه بري وسيد المقاومة الشريف السيد حسن نصر الله حفظهما الله لولاهما لكانت الطائفة في الحضيض كالمجلس الشيعي ودار الافتاء وباقي المؤسسسات الذكورة مستمرون بمحاربة الظلم والظالمين.
والله من وراء القصد الشيخ محمد كاظم محمد عياد».

اضافة الى هذا النص فقد وزع الشيخ محمد كاظم عيّاد نصا يُعدّ أخطر نصّ يمكن لرجل دين شيعي معمم ان يكتبه، إذ شبّه آل قبلان بالأئمة الإثني عشر عليهم السلام، وهم مقدّسون لدى الشيعة بشكل خاص كونهم من ذريّة النبي محمد (ص)، ومرفوض من أيّ شيعي المسّ بقدسيتهم أو تناولهم.

الشيخ محمد علي الحاج العاملي
الشيخ محمد علي الحاج العاملي

واللافت لاحقا هو إصدار الشيخ محمد علي الحاج العاملي بيانا مؤيداً لما أصدره الشيخ محمد كاظم عياد حول المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، مطالبا بإنصاف علماء الدين، وإعطائهم حقوقهم كافة مع تنظيم وضع المجلس الداخلي، فقال: «التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة تلزمنا بترتيب وضع المؤسسة الدينية الرسمية. لأن واقعها الحالي لا يؤهلها لمجابهة التحديات والأخطار المحدقة بنا. كما وإن الإمامين السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين(رحمهما الله) قد تركا لنا إرثا كبيراً على المستوى الثقافي والفكري، مضافا لعلاقاتهما الواسعة محلياً ودولياً، ما يحتّم علينا المحافظة على ذلك».

فهل ما قام به الشيخ عياد هو محاولة اصلاحية كالتي بادر اليها مجموعة من الفعاليات الشيعية وعلى رأسهم الشيخ محمد علي الحاج، اضافة الى كل من الناشط السياسي لقمان سليم والناشط راشد حمادة والمحامي محمد مطر وغيرهم؟ علما أنّ من بيده الحل والربط كما هو معلوم هي قوى الأمر الواقع التي تقف وراء الشيخ قبلان في تبوّئهم مراكز تخصّ الطائفة الشيعية ككل.

فقد تلقف المراقبون للساحة الشيعية هذا البيان العدائي غير المعتاد صدوره من أحد المشايخ المحسوبين على حركة أمل تجاه الشيخ قبلان، وربطوه بما حدث في بلدة جبشيت قبل أيام من إجراء مصالحة مفاجئة بين المفتي الشيخ أحمد طالب، الشخصيّة المقرّبة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، من جهة، وبين حزب الله ممثلا بالشيخ عبد الكريم عبيد من الجهة الأخرى. وتمّت هذه المصالحة برعاية نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم. وكان الشيخ طالب ممنوع عليه الإقامة في بلدته جبشيت بعد ان اتّهمه الاعلام المقرّب من حزب الله بأنّه من “شيعة السفارة الأميركية” بعد ان نشرت جريدة الأخبار محضر “ويكيليكس” بطريقة مثيرة تظهر أنّ الشيخ طالب حاول التودّد إلى السفير الأميركي السابق “فيلتمان” وهو يقوم بطلب فيزا لزيارة الولايات المتحدة الأميركية.

المفتي الشيخ أحمد طالب
المفتي الشيخ أحمد طالب

والجدير ذكره أنّ المفتي الشيخ أحمد طالب طرح اسمه منذ خمسة أعوام، بمناسبة الحديث عن سيناريو يتولّى فيه هو منصب نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ويجري فيه ترفيع الشيخ عبد الأمير قبلان إلى رتبة رئيس المجلس، غير أنّ الشيخ قبلان وحزب الله رفضا معا الطرح المذكور، وتردّد يومها أّ حزب الله يريد أنّ يتولى أحد السادة من أل الموسوي منصب نيابة رئيس المجلس بدلا عن الشيخ طالب.
والسؤال هنا: هل جرى التوافق أخيرا بين الحركة والحزب حول ترتيب المجلس الاسلامي الشيعي؟ وهل سيكون الشيخ أحمد طالب هو نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى العتيد أو ربما رئيسا له بعد الإطاحة بالشيخ قبلان بشكل نهائي؟

اذ لا يخفى على أحد أنّ برودة في العلاقات تسود حالياً العلاقة بين بري وقبلان، بعد عشرات السنين من التحالف والانسجام في أصعب الظروف وأحلكها أثناء الحرب الأهلية وبعدها. وهذه الخلافات انسحبت الى داخل أقبية المجلس الشيعي على شكل إجراءات وتشكيلات تتابعت منذ سنوات مكّنت بري من السيطرة على مفاصل الإدارة فيه بتعيين محسوبين عليه مدراء للأوقاف، وللتبليغ، ولشؤون الحج، وهو كان قد عيّن مديرا عاما مقرّبا منه عام 2008 هو المحامي الاستاذ نزيه جمول الذي يشرف أيضا على ادارة الجامعة الاسلامية التابعة للمجلس الشيعي.

وبحسب مصادر شيعية متابعة، يتضح ان المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، وبعكس ما أصدره الشيخ محمد كاظم عياد، هو بعهدة الرئيس نبيه بري وحركة أمل منذ سنوات، ويبدو أنّ الوقت قد حان للتخلّص من واجهة المجلس ورمزه الذي يتمتع باحترام الجميع، أي الشيخ عبد الأمير قبلان. وهو شخصية تاريخية شيعية رافقت الإمامين السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين وشاركت في تأسيس المجلس وحركة أمل، لينكشف في النهاية أنّ كلام الشيخ عياد ما هو الا بروباغاندا واضحة الغايات والأهداف لتسهيل هذه المهمة، أي مهمة الاستحواذ على المجلس الاسلامي الشيعي وإسقاطه بيد الثنائية الشيعية بشكل كامل.

السابق
إيران ترفض تعليق نشاطها النووي لعشر سنوات
التالي
توضيح من وزارة الصحة عن فيروس الأنفلونزا AH1N1: لا يشكل طارئة صحية ولا داعي للهلع