«الجماعة الاسلامية».. أزمة ماليّة وحصار سياسي

يعترف المسؤولون في قيادة «الجماعة الأسلامية» بأنّ «الجماعة» تعاني حالياً أزمة مالية خانقة بعد القرارات التي اتخذتها أكثر من دولة عربية وإسلامية وغربية بمحاصرة حركة «الإخوان المسلمين» ووضعها أحياناً على لوائح الارهاب.

ويتحدث المسؤولون في «الجماعة» عن معاناة مؤسسات الجماعة التربوية والصحية والاعلامية والاجتماعية بسبب ضعف الموارد المالية، مما انعكس سلباً على نشاطاتها وتقديماتها المختلفة، خصوصاً في ظلّ زيادة الاعباء المالية على هذه المؤسسات منذ بداية الأزمة السورية ووجود عدد كبير من اللاجئين السوريين في لبنان، وقيام مؤسسات «الجماعة» بتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والتربوية لهم.
وبموازاة الأزمة المالية، تواجه «الجماعة» مرحلة سياسية صعبة، نظراً للتطورات التي شهدتها المنطقة العربية وادت الى اسقاط حكم «الاخوان» في مصر والحملة التي تعرض لها هؤلاء عربياً ودولياً. ويضاف إليها أيضاً استمرار الازمة السورية وعدم سقوط النظام السوري، مما وضع «الجماعة» امام تحديات كبرى على صعيد علاقاتها مع القوى السياسية اللبنانية المنقسمة بين تيارين: الأوّل متحالف مع النظام السوري والذي لا يمكن لـ «الجماعة» أن تعيد العلاقات الطبيعية معه في ظل استمرار هذه الازمة. والتيار الثاني المتحالف مع السعودية ومصر ودول عربية أخرى تخوض حرباً قاسية ضد «الإخوان» في المنطقة، ممّا يجعل أيضاً استمرار العلاقة الطبيعية معه أمرا صعبا.
كما أن القوى الإسلامية الأخرى التي تعاونت معها «الجماعة» طيلة السنوات الاخيرة، وخصوصاً بعض التيارات السلفية من خلال «هيئة علماء المسلمين» تعاني من تضييق وتراجع في أدائها. في حين أنّ دار الفتوى نجحت في استعادة دورها الفاعل، مما دفع «الجماعة» إلى إعادة التواصل مع دار الفتوى رغم تحفظها على الانتخابات التي أدّت إلى وصول الشيخ عبد اللطيف دريان إلى منصب مفتي الجمهوريّة.
وأمام هذه التطورات، سعت قيادة «الجماعة» لإعادة الانفتاح على القوى السياسية والحزبية في لبنان من خلال سلسلة اللقاءات التي أجرتها في مقرها المركزي. كما حاولت إعادة فتح قنوات التواصل مع «حزب الله» وعقد عدة لقاءات غير معلنة مع مسؤولين في «الحزب»، ولكن التباينات ما زالت قائمة بين الطرفين.
اما لجهة مواجهة موجة التطرف والتشدد المنتشر في الساحة الإسلامية، فإنّ «الجماعة» وبالرغم من اعتراضها الشديد على أعمال تنظيم «داعش»، لم تقم بحملة قويّة ضده كما جرى بعد احداث 11 ايلول 2001 من قبل تنظيم «القاعدة» أو بعد احداث مخيم نهر البارد عام 2007.
وتدرس قيادة «الجماعة» بتأن الأوضاع الإسلامية لتحديد كيفية التعاطي مع هذه الاحداث وكي لا تكون جزءا من الحملة العالمية ضد القوى الاسلامية. لكن يبدو أنّ خروج «الجماعة» من ازمتها المالية والاوضاع السياسية الصعبة اصبح مرتبطاً بالاوضاع في المنطقة والمصالحات التي يتم العمل لها بين تركيا وقطر ومصر والسعودية والامارات العربية المتحدة، خصوصا في ظل القيادة الجديدة للسعودية والتي بدأت تصدر اشارات ايجابية باتجاه «الاخوان المسلمين».
فهل ستخرج «الجماعة» من أزمتها؟ أم أن الاوضاع في المنطقة ستستمر بالتصعيد والتوتر مما يجعل القوى الاسلامية، ولا سيما تيارات «الاخوان المسلمين» وبعض التيارات السلفية، تدفع ثمن هذه التطورات، سواء اتجهت الاوضاع نحو التصعيد او حصلت مصالحات سياسية فوقية بين بعض الدول العربية والاسلامية؟
في ظل كل هذه التطورات، يبدو أن قيادة «الجماعة» في لبنان وقيادة «الاخوان المسلمين» في المنطقة معنيتان بإعادة دراسة كل التطورات والمتغيرات من اجل الخروج من الازمة الحالية، واعادة البحث في وضع استراتيجية جديدة بناء للمتغيرات الحاصلة في لبنان والمنطقة.

(السفير)

السابق
«حزب الله» يبحث ملف الرئاسة مع الطاشناق: لا ذهاب إلى البرلمان بلا تفاهم مع عون
التالي
أوباما: نتانياهو أخطأ في الماضي بشأن البرنامج النووي الايراني