مكاري: مصلحة المسيحيين في تطبيق المادة 65

كل شيء في البلد معطل: فراغ رئاسي، وشلل حكومي، وتعطيل نيابي. حوار بين المسيحيين، وآخر بين المسلمين، يدرك الجميع انهما حوار طرشان، ما دام الاول، وان كان يجري تحت شعار هواجس المسيحيين، ويرهن مؤشر نجاحه باقتناع احد الطرفين بانتخاب الآخر رئيسا للجمهورية. والثاني اقتضى جلسات عدة للاتفاق على ازالة الصور والشعارات، وممنوع التحاور في النقاط الخلافية. وبالتالي هما الوسيلة الأفضل لتمرير الوقت حتى تحين ساعة الفرج من الخارج. في هذه الاثناء يواظب نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، على ترؤس جلسات اللجان النيابية وتحضير بعض القوانين في انتظار انعقاد الجلسة الكبرى لانتخاب رئيس الجمهورية. فما رأيه في ما يجري؟

ما حصيلة زيارة الرئيس سعد الحريري للبنان؟
– ثبتت ثقله السياسي وبرهنت أنه ما من زعيم سني في لبنان سوى سعد الحريري، باعتراف الجميع، الخصوم قبل الاصدقاء. وقد شدت عودته عصب جمهور 14 آذار، وجعلت اعصاب 8 آذار مشدودة، فأطلقت تكهنات وتحليلات عن أنه يرغب في العودة إلى السرايا. لدى الحريري هدف اساسي هو عودة الاستقرار الى لبنان، وهذا لا يحصل الا بانتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما ركز عليه في لقاءاته مع مختلف الافرقاء والقوى السياسية. وبذل مجهودا كبيرا من اجل ايجاد صيغة دستورية لحل ازمة آلية العمل الحكومي.
لكنه لم ينجح في كلا الأمرين؟
– مسألة انتخاب الرئيس لا تحل في اسبوع او اثنين، هذا مسار طويل، لكن الرئيس الحريري يدعم سبل التوصل الى الحل. وفي موضوع آلية العمل الحكومي اعتقد انه نجح الى حد بعيد، وفي الايام المقبلة ستتبلور الامور، والحل هو بالعودة الى الآلية الدستورية. ورئيس الحكومة، بالعقلانية المعروفة عنه، وبما اننا نمر في ظروف استثنائية، سيحرص على أن يستشير مختلف الأطراف في بعض المواضيع قبل طرحها على المجلس، أو قد لا يطرحها لكونه يدرك انها تتسبب بحساسية على الصعيد الوطني. أما بالنسبة إلى تسيير قضايا الناس بالحد المقبول، فسيزن الأمور بحكمته ويطرح المناسب. الرئيس سلام يدرك أنه رئيس حكومة إدارة الأزمة بسبب ارتباطها بالظروف الإقليمية، لكنه غير مستعد لأن يكون رئيس إدارة أزمات الاقتصاد والناس والعجز عن حلها، من دون انتظار الحلول السياسية الكبرى محلياً وإقليمياً، وبالتالي ينتفي مبرر وجودها إذا ربطنا عملها بالفراغ الرئاسي.
لكن بكركي وبعض الأفرقاء المسيحيين يعارضون الخروج عن الآلية المتبعة حاليا؟
– خطأ مسيحي كبير الاعتقاد ان الخروج عن تطبيق الدستور مفيد للمسيحيين. من مصلحة المسيحيين التقيد بالدستور. واذا اعتقد البعض ان عدم السماح للحكومة بالعمل بحسب نص الدستور يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، فحساباتهم خاطئة، مع احترامي وصداقتي للجميع. لو كان إبقاء مجلس الوزراء معطلاً يحرّك ضمير معطلي انتخاب الرئيس، لربما كان مفيداً الإصرار على عدم تغيير الآلية، ولكن معطّل الانتخابات لا يهمه إذا تعطل البلد كله، بل هو يريد ذلك ويسعى إليه. صحيح أن الآلية المتبعة حاليا دستورية، لكنها لم تنجح، لأن كل وزير بات يستعمل الصلاحية الدستورية المعطاة له، لعرقلة موضوع يطرحه وزير آخر، سواء لسبب سياسي، أو من قبيل الضغط لتمرير ما يريده، في ما يشبه المبادلة. لقد تبين أن هذه الصيغة غير منتجة في الوقت الراهن، والحل الوحيد تالياً هو التقيد بالدستور، وذلك بتطبيق المادة 65.
لماذا وصلت الامور الى هذا الحد؟
– بات واضحاً أن بعض الاطراف اللبنانيين يسعى إلى اعادة النظر في النظام اللبناني من خلال مقولة المؤتمر التأسيسي. يجب ألا نفسح في المجال لمضي هذه الأطراف في هذه الفكرة، بل يجب قطع الطريق عليها عبر تفعيل العمل الحكومي وانتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت ممكن. الأخطر من تطبيع الفراغ الذي يتخوف منه البعض هو إفراغ وتعطيل النظام كله وطرح بديل منه.
ما رأيك في اللقاء التشاوري الوزاري الجديد؟وهل تخشون أن يكون ثقلا سياسيا جديدا؟
– أعتقد أنه تكتل موضعي يستهدف مشكلة معينة، في وقت معين وظرف معين، لا مانع إذا أصبح دائما ومستمرا، فكل “قوى 14 آذار” تشعر بأن الرئيس سليمان منها وفيها، بمواقفه الوطنية التي تلتقي مع طروحاتها. يجب عدم تحميل اللقاء أكثر مما يحتمل، واعتباره موجها ضد أحد، وأصلا يجب ألا يكون كذلك. إنه لقاء رئيسين دفاعا عن موقع الرئاسة. إذا كان حوار عون – “القوات” يسعى إلى إعلان نيات، فإن لقاء سليمان – الجميل نياته معلنة، وهي رفض استمرار الشغور في منصب رئاسة الجمهورية.
ماذا نتج عن اجتماع الحريري – عون؟
– كان جيداً. تكلموا في أمور عدة وأهمّها آلية العمل الحكومية، وكان العماد عون متجاوبا في هذا الشأن مع الرئيس الحريري. وتحادثا ايضا في موضوع رئاسة الجمهورية، واذكّر هنا بأنّه سبق للرئيس الحريري ان نصح العماد عون بالانفتاح على المسيحيين الآخرين في هذا الامر، والحوار العوني – “القواتي” حاليا يصب في هذا المنحى، من هنا كان جواب العماد عون بانه يجب انتظار نتائج هذا الحوار ليبنى على الشيء مقتضاه.
الى اين سيؤدي حوار “المستقبل” – “حزب الله”؟ وهل هو للصورة فقط؟
– امر جيد. بلا شعارات وصور أفضل. ولكن الهدف هو تغيير صورة الوضع في البلد وعودة صورة رئيس الجمهورية لتتصدر مكاتب الوزارات والدوائر الرسمية. نزع الصور والشعارات عظيم، لكن هذا يجعل تخفيف الاحتقان صوريا فقط. أما ما يخفف الاحتقان فعلياً فهو معالجة مسائل السلاح، ومصادرة قرار الدولة، والتورط في حروب هنا وهناك.
ولكن كل هذا ممنوع الكلام فيه، فلماذا إذاً الحوار؟
– ليس ممنوعا الكلام على انتخابات رئاسة الجمهورية، وهي احد البنود المتفق على مناقشتها، وبدأ الحديث في شأنها. اما الاستراتيجية الدفاعية والحرب في سوريا فليست من نقاط البحث، لان الاستراتيجية الدفاعية تستلزم حواراً وطنياً على أعلى المستويات، ولا تنتهي في وقت قصير، والذهاب الى سوريا وبلدان اخرى هو قرار ايراني وليس بيد “حزب الله”. اما في ما يتعلق بسرايا المقاومة وسلاحها فهذا موضوع مدرج للبحث ايضا.
اعتبرالشيخ نعيم قاسم انه تحت عنوان رئاسة الجمهورية يتم تعطيل مجلس الوزراء ومجلس النواب والبلد، ودعا الى عمل جدي لانتخاب رئيس جمهورية لمنع التعطيل في البلد. ما تعليقك؟
– أوافقه الرأي ان عدم انتخاب رئيس جمهورية يؤثر على عمل الحكومة والمجلس، لكن لا ينسَ انه وفريقه جزء من الذين يعطلون هذا الاستحقاق، ولا يمكنه الادعاء انه ليس من المعطلين. نحن نقوم بواجبنا وننزل الى جلسات الانتخاب، ولكن يجب ألا يكون معطلا، على نواب حزبه حضور الجلسات وانتخاب من يريدون.

(النهار)

السابق
التدفئة للتلامذة اللبنانيين.. والبرد للسوريين
التالي
«القواعد الأساسية» الأميركية لاتفاق نووي مع إيران