أين إدارة «الجديد» من إسفاف تمام بليق؟

ليس برنامج “بلا تشفير” الذي يقدمه تمام بليق في قناة “الجديد”، أقل من وصمة عار في تاريخ المحطة. فالبرنامج الذي ينتهك أعراض الناس، ويغوص في تفاصيل الجنس والمال، تخطى مفهوم الصحافة الصفراء، ليقارب مفهوم “إشاعة الفاحشة” وتقديم المواد الجنسية الفضائحية، بلا اي سياق أو مبرر.

والعرض الأخير للبرنامج الإستعراضي، الذي يقتبس بعض مشهديات برامج حوارية كان قدمها الاعلامي نيشان ديرهاروتيان في السابق، خرج عن لياقات الحوار “الجريء”، الى سياقات فضائحية، تبحث عن إثارة مجانية في أعراض الناس. كيف يمكن لمذيع أن يسأل مغنية مفترضة عما إذا كانت مارست الجنس مع شخص ما في موقف سيارة؟ من يكون حتى يحاكمها على ثروتها؟ في وقت لا يحق لأي مذيع أن يسأل أسئلة مشابهة، الا اذا كان عاملاً على تحويل برنامجه من اطاره الحواري، الى الاطار الجنسي الرخيص!

فالجسد الذي أحاط بجميع أسئلة الحلقة الأخيرة مع ليال عبود، يحيل البرنامج الى إسفاف غير معهود في مساء الأربعاء على المحطة، علماً أن ذلك لا يظهر في مساءات أخرى، بدءاً من كياسة مقدمة “للنشر” ريما كركي، ولباقة مقدم “الأسبوع في ساعة” جورج صليبي، والسمة المسالمة الهادئة التي تتمتع بها رابعة الزيات مساء الخميس، والكوميديا السوداء الهادفة التي برع في تقديمها مقدمو برنامج “شي أن أن”. كيف يمكن للمحطة أن تدع المدعو بليق، يمارس الإتهامات، ويشكك في أعراض الناس وينتهكها، حتى لو كان هؤلاء الناس قد وافقوا على الظهور في برنامج مثير، ووافقوا على الاجابة على اسئلة تسوّق لهم في إطار غير فني، على قاعدة “الدعاية السيئة تساوي الدعاية الحسنة”!

منذ الإعلان الترويجي للحلقة، بدا بليق في إيحاءات الإعلان، مستخفاً بالضيفة، ويتحضر لتسجيل هدف في مرمى فريسته المفترضة، وهو ما قاد الحلقة الى المضمون التحقيقي في ممارسات جنسية. وبدا أن وظيفة استضافتِها، محصورة في هذا الغرض، بهدف انتاج حلقة “ساخنة” بالمعنى الرائج في قطاعات صحافية صفراء، تبحث عن الإثارة في عملها. وزادها بليق من “وقاحته”، بإضافة نكهة إهانة لضيفته، عبر اختتام الحلقة بإنكفائه غضباً من “مغنية” (مهما كان مستواها) فضحت نواياه للتشهير بها، وكشفت قصور معلوماته.

الطرف الغائب عن هذه المعادلة، هو “المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع”، وإدارة “الجديد”. أين الرقابة على محتوى مشابه، يصلح لأن يكون عرضاً جنسياً (+21)؟ فالمجلس، يفتقد الى دوره كرقيب على برامج مشابهة، تصلح لأن تُسمى “ترويجاً لنساء”، أو تسويقاً لما هو غير مشروع! إظهار مغنية مفترضة بهذه الصورة، حتى لو كانت اعترفت بأنها سوقت لصورتها بشكل خاطئ، هو اعلان ضمني عن أهداف البرنامج الباحث عن الاثارة.

المجلس الوطني الغائب، عليه أن يتحرك فوراً لإيقاف مَن يناقش الدعارة المستترة على الهواء، بصرف النظر عن التأييد لحرية الفرد في حياته الخاصة… وعلى “الجديد” أن توقف مهزلة، تضرّ بصورتها بما يتخطى أي منفعة محتملة، وهي على الأرجح، لم تعد بالمنفعة على القناة إعلانياً. الإعلام المسؤول يجب أن يتعزز، على الأقل لحماية المشاهد المحلي.
(المدن)

السابق
أكثر من 25 ألف مصري فروا من ليبيا منذ إعدام 21 قبطيا
التالي
ثرثرة صالونات لبنانية: في قتال داعش